بقلم هيلدا عجيلات
زار العالم في نهاية العام ٢٠١٩ الماضي زائر غير مرغوب به، توسع نطاق عمله، ليجتاز حدودا وبحارا حتى وصل إلى أبعد البلدان، ليشل حركة البشرية ويدمر التنمية بكافة قطاعاتها، ليغزو العالم من جديد بثوب من حديد، ضحاياه من إصابات تجاوزت الثلاث ملايين، ووفيات فاقت المائتين ألف شخص في العالم.
سجّل الأردن أول حالة إصابة بفيروس كورونا (كوفيد ١٩) بتاريخ ٢٠٢٠/٣/٢قادمة من إيطاليا، ومنذ ذلك التاريخ إتخذت الحكومة جملة من التدابير الإحترازية لمواجهة تفشي هذا الوباء العالمي في الأردن، فإتخذ مجلس الوزراء قرار بإعلان العمل بقانون الدفاع رقم ١٣ لسنة ١٩٩٢ في جميع أنحاء المملكة مقرونة بالإرادة الملكية السامية إعتباراً من ٢٠٢٠/٣/١٧، و سجّلت أول حالة وفاة في المملكة جراء هذا الفيروس بتاريخ ٢٠٢٠/٣/٢٧.
وفي تاريخ ٢٠٢٠/٣/٢٠، قررت الحكومة فرض حظر التجول في الأردن وفقاً لأمر الدفاع رقم (٢)، وتم العودة إلى ممارسة النشاطات لبعض القطاعات لتنشيط عجلة الإقتصاد ضمن ضوابط معينة، وعادت بعض الخدمات لمزاولة أعمالها صباح يوم ٢٠٢٠/٤/٢٩ وسمح للمواطنين بالتنقل في سياراتهم الخاصة التي تحمل الرقم الفردي بيوم مخصص، وتلك التي تحمل الرقم الزوجي في يوم آخر.
تابعنا بإهتمام أمر الدفاع رقم 5، والخاص بالمدد والمواعيد المنصوص عليها في التشريعات النافذة، ومنها ما يتعلق بضريبة الدخل والمبيعات، وحسب الأمر، فقد تم وقف سريان المدد المقررة لتقديم إقرارات ضريبة المبيعات العامة والخاصة، والتي يتوجب تقديمها خلال العطلة الرسمية المقررة أثناء فترة العمل بقانون الدفاع رقم (13) لعام 1992، ولا يشمل الوقف المدد والمواعيد المقررة للوفاء بالالتزامات المالية المستحقة لدوائر الدولة والمؤسسات الرسمية والعامة.
وعليه ظهرت لدينا العديد من الملاحظات التي رصدها المركز من قبل المكلفين سواء أفراد أو شركات نسردها بكل شفافية في النقاط التالية؛
- قامت الحكومة مشكورة ممثلة بوزير المالية بتأجيل المهلة القانونية لتقديم اقرارات ضريبة المبيعات وبنص صريح ضمن أمر دفاع، ولكنه لوحظ بأنه للآن لم يتم التطرق لموضوع تأجيل تقديم إقرار ضريبة الدخل وتمديد المدة الزمنية تجنباً وتلافياً لأي غرامات قد يتحملها المكلفين على كافة أنواعهم.
-تم التطرق في أمر الدفاع إلى آلية معالجة إقرارات ضريبة المبيعات وقت الأزمة، وخلال فترة تطبيق قانون الدفاع، والإعلان عن تطبيق الحكومة لأساس الاستحقاق فيما يتعلق بضريبة المبيعات، وهو أساس جديد ارتأت الحكومة تبنيه لأول مرة خلال الأزمة، حيث يقتصر المكلف بالإعلان عن قيمة المبيعات النقدية فقط والتوريد عنها في إقراراته الضريبية بناءً على ما تم قبضه فعلاً، وعدم توريد ضريبة المبيعات على أي مبيعات لم يتم قبض ثمنها - أي المبيعات بالآجل (مبيعات الذمم).
- قررت الحكومة تأجيل استحقاق ضريبة المبيعات لحين قبض المبالغ، وليس عند عملية البيع، وهذا سيكون له أثر ايجابي على كافة القطاعات، وسيؤدي إلى توفير السيولة اللازمة للقطاع الخاص ليتمكن من الإستمرار بالقيام بنشاطاته.
- أليس الأجدر من المسؤولين دراسة هذه القرارات بشكل جدي واعتبارها جزء من علاج المنظومة الضريبية وإصلاحها!
-لوحظ لجوء الحكومة في وقت الأزمات إلى قرارات تم المطالبة بها مراراً وتكراراً من قبل الكثير من أصحاب الإختصاص المالي والضريبي، ولكن دون جدوى، فعلى سبيل الذكر لا الحصر (تأجيل استحقاق ودفع ضريبة المبيعات) فيه الإنتقال من الأساس النقدي إلى الإستحقاق وتطبيق المعايير الدولية. هذا اجراء من شأنه أن يساعد على اصلاح جزئية في المنظومة الاقتصادية، فهل تظهر القرارات الحقيقية والصحيحة فقط وقت الأزمات!
أن الأزمات الإقتصادية الناجمة عن مثل هذه الجائحة تكشف الكثير من العيوب والإختلالات على الصعيدين الإقتصادي والمالي، وكان الأجدى والأنفع أن تنتهج الحكومة وسائل وحلول إقتصادية ذات طابع مستدام تؤدي إلى نهضة اقتصادية مستدامة، لا حلول جزئية تلبي متطلبات مرحلة مؤقتة على نظام الفزعة. إذ نثمن مبدأ التشاركية التي طالما نادت به مؤسسات الدولة في إتخاذ القرارات، والأخذ الفعلي بالحلول التي تأتي من بيوت الخيرة على الصعيدين الإقتصادي والمالي وتلبي الطموح نحو أردن مزدهر.