مدار الساعة - اخلاص القاضي - يصر البعض على تبادل اطباق الطعام بينهم وبين جيرانهم كطقس رمضاني محبب ومتعارف عليه، رغم تحذيرات من متخصصين بضرورة تفادي هذه العادة الاجتماعية على الاقل لهذا الشهر من هذه السنة في ظل جائحة كوفيد-19 التي اجتاحت العالم.
ويؤكد متخصصون لوكالة الانباء الاردنية (بترا) أن تلك العادة كانت على الدوام انعكاسا لقيم التعاون والتكافل اثناء الشهر الفضيل ابان السنوات السابقة، مستدركين بان شهر رمضان المبارك لهذا العام يأتي ضمن ظروف استثنائية تستلزم من الجميع اتباع كل ارشادات الصحة والسلامة والتعقيم والوقاية، واستبدال تبادل الطعام ببدائل خيرة تفي بالغرض.
يقول جميل السوالقة، موظف قطاع عام، "نعم، لا زلنا نتبادل اطباق الطعام خلال شهر رمضان المبارك، فهذه عادة اصيلة فينا كعرب ومسلمين، ولا يمكن التخلي عنها".
ومثله يؤكد سليم ابو حسان، موظف قطاع خاص، بل يزيد، "لم نشعر بالفرق بين ايام هذا الشهر الفضيل في ظل الوباء ومثيلاته في السنوات السابقة، حيث تبادل الطعام بين الجيران".
فيما تقول عبير الشرعة، موظفة قطاع عام،"ان تبادل الاطباق لدينا يتم ضمن بناية واحدة خالية بفضل الله من اصابات كورونا، اضافة الى اتباعنا كل سبل الوقاية والتعقيم والنظافة"، غير أن آمنة شوربجي، فنية أشعة، تقول" نتبادل الطعام لأننا جميعا نلتزم الحجر الصحي، ولا عدوى بيننا".
وعلى صعيد مختلف، يرفض آخرون أي تبادل للطعام والشراب في سياق ما هو متعارف عليه خلال الشهر الفضيل، تفاديا لأي انتشار محتمل لعدوى فيروس كورونا، مؤكدين ان هنالك اكثر من طريقة لتفقد الجيران غير الطعام، كتخصيص مبالغ مالية لمن يقتدر، او يرغب، تقدم للمستحقين، مع اخذ كل الاحتياطات الوقائية في النظافة والتعقيم اثناء تأمينها لهم، اذ تقول هاله احمد، ربة بيت، من الطبيعي في ظل كورونا ان لا يتم تلقي اي من انواع الطعام من الجيران ولا تقديم ذلك لهم حفاظا "عليهم وعلينا".
ويقول علي، من سكان جبل اللويبدة، هنالك صراع بين ضرورة البعد عن كل ما يمكن ان يسبب انتشار كورونا، ومنها تبادل الاطباق، وبين ضرورة تفقد الجيران في هذا الوقت الصعب، اذ ان المتعطلين عن ارزاقهم من المياومين تضرروا جدا اقتصاديا، ولابد من مد يد العون لهم ولو بتقديم الطعام والشراب، مشيرا الى انه ورغم ضيق ذات يده، الا انه مستمر في تفقد جيرانه.
بدوره يؤكد أخصائي التغذية ضياء هندي، انه من المنطقي ان لا يتم تبادل اي نوع من انواع الطعام في ظل كورونا، وذلك تحسبا، وكإجراء وقائي، منعا لأي التباس، او شك، او خوف، حول عملية التبادل، كملامسة الاسطح، و"درابزين" الدرج، بين الشقق في ذات البناية، مشيرا الى ان هذه العادة الرمضانية حميدة ومحببة جدا بل وينتظرها بعض من لا يملكون قوت يومهم، ولكن لا ضرر ولا ضرار.
ويضيف، انه من الافضل الاكتفاء بما نعده في بيوتنا لأنفسنا في ظل هذه الجائحة مع التركيز على الاكل الصحي والفواكه والخضار والاطعمة الغنية بالفيتامينات، مع كل ما يصاحب ذلك من نظافة وتعقيم وشروط صحية.
وتشاطره الرأي خبيرة التغذية مجد الخطيب، مشددة على اهمية اتخاذ اقصى درجات الحيطة والحذر حيال كورونا، واتباع الارشادات الصحية والالتزام بالحجر الصحي الذي يضمن عدم المخالطة وتبادل الطعام، لافتة الى اهمية عدم احراج بعضنا بعضا بإرسال اطباق من الطعام قد يُعمد للتخلص منها خشية اي عدوى، "وهذا يتناقض مع اساسيات المحافظة على النعمة"، على حد تعبيرها.
وقد يخفف ما يذهب اليه مستشار الشبكة الشرق اوسطية للصحة المجتمعية الدكتور عادل البلبيسي من وطأة خوف البعض من تبادل الطعام المطبوخ تحديدا مع ابقائه على الحذر من امكانية تلوث اسطح الاطباق، بقوله،" الاطعمة المطبوخة لا تتأثر بالفيروس الذي يموت على درجة حرارة الطهي، ولكن المشكلة، كما يستدرك، عدم ضمان وصول الطعام لمقصده دون تلوث، جراء ملامسة اسفل الصحون، او السلام على الجيران مصافحة، او ملامسة الابواب لدى طرقها.
ويتابع: قد يكون هنالك من يحتاج للطعام من الجيران الاقل حظا، او المرضى غير القادرين على الحركة، ولابد من ان نقدم لهم الطعام في هذا الشهر الفضيل، حينها علينا اتخاذ كل الاحتياطات الوقائية في طريقة تغليف الطعام، وضرورة ارتداء القفازات والكمامات، وعدم المصافحة، وتسليم الطعام لمن يرتدي ايضا القفازات والكمامات، مشيرا الى انه اذا تمت عملية تبادل الاطعمة نيئة بين الجيران خلال هذا الشهر كالخضار والفواكه، علينا غسلها جيدا، قبل استهلاكها.
الى ذلك يقول استاذ الاديان في جامعة آل البيت الدكتور عامر حافي ان القرآن الكريم اوصى بالإحسان للجار، وكذلك فعل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد تحدثت تعاليم الاسلام عن حقوق الجار الكثيرة، ومنها، تفقده وقضاء حوائجه، كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم".
ويتابع "يأتي الشهر الفضيل لهذا العام في ظل الحذر من انتشار كوفيد-19، ومن هنا، فان الاحسان للجار يقتضي كف الاذى عنه، وتجنيبه الأمراض المعدية".
ويضيف الدكتور حافي، فبدلا من ارسال طعام لسنا متأكدين من تعقيم أوانيه، بإمكان اي منا تعويض جاره -خاصة اذا كان محتاجا- بمبالغ نقدية تؤمن له في اطار من الوقاية، كأن يوضع في مغلف نظيف ويسلم له وسط اجراءات التعقيم وارتداء القفازات والكمامات، او ان يُدفع عنه فاتورة كهرباء او المياه او هاتف او يحول له مبلغا نقديا عن طريق محال الصيرفة.