بقلم الكاتبة الأستاذة نسرين زريقات
مما لا يدع مجالا للشك فأن الاردن نجح نجاحا منقطع النظير في ادارة الملف الصحي والامني بامتياز خلال جائحة كورونا وما يدلل على ذلك جملة التوجيهات والقرارات الحكومية المتمثلة باوامر الدفاع الصادرة وبغض النظر عن الملاحظات العديدة اووجهات النظر المختلفة التي تم البحث فيها مطولا و المتعلقة بادارة الحكومة للملف الاقتصادي و خاصة ما جاء بامر الدفاع رقم 6 وذلك على سبيل المثال لا الحصر فيما يتعلق بالحقوق العمالية في القطاع الخاص ووجهات النظر المختلفة حول برامج الحماية الاجتماعية التي كان ينتظرها القطاع الخاص والعاملين فيه نتيجة الاضرار المادية التي تعرضوا لها .الا اننا جميعا رغم ذلك متفقين او اقلها نعلم ان هناك تحديات اقتصادية يواجهها الاردن والقطاع الخاص تحديدا وهي تحديات سابقة لجائحة كورونا و ليس من السهولة تقديم حلول فورية لها ولكن الحكومة اليوم اصبحت مرغمة على ايجاد حلول مبتكرة وعاجلة لاننا امام ازمة حقيقية واصبحت ازمة مركبة بسبب كورونا.
وكما نعلم ايضا فان جائحة وباء كورونا (Covid-19). غزت عالمنا دون مقدمات واصبحنا جميعا امام تحديات حقيقية فرضت علينا القبول الطوعي والتنازل عن العديد من الحقوق وخاصة حقنا في الحرية الشخصية وحرية التنقل وفرضت علينا العزل المنزلي والتباعد الاجتماعي حماية لحقوقنا الاخرى وهي الحق في الحياة والحق في الصحة .
ومن الحقوق التي قيٌدت او تم تعطيلها وتأثرت نتيجة الجائحة وعلى سبيل المثال لا الحصر حقوق الافراد في الوصول للعدالة وحقوق التقاضي وضمانات الدفاع والحق في التمثيل القانوني وغيرها حيث فرضت الجائحة اغلاق المحاكم وتأجيل الجلسات ولذلك فنحن اليوم امام تحدي كبير ويتعلق بحقوق طائفة كبيرة من الافراد و الذي يستدعي البحث عن حلول مبتكرة تضمن تفعيل هذا الحق وتعزيزه من خلال تقدير مدى امكانية اجراء المحاكمات عن بعد ومدى فعاليتها او فتح المحاكم امام الافراد ووكلائهم القانونيين من خلال الية لتصنييف محدد للقضايا التي يمكن نظرها في ايام وساعات محددة مثلا لعقد تلك الجلسات لضمان منع الاكتظاظ والحد منه و اخذ الاحتياطات الصحية الوقائية وتوفير التباعد الاجتماعي الجسدي للمتقاضين ووكلائهم القانونيين والمراجعين والكادر الفني والاداري العامل في المحاكم .
ومن الحقوق التي قيدت ايضا بسبب الجائحة حقوق الاشخاص المحرومين من حريتهم بموجب القانون سواء كانوا متهمين أو مدانين جنائياً أو مدنيا، أو محتجزين دون محاكمة فقد تم تقييد حقهم في الاتصال بالعالم الخارجي بما في ذلك الاتصال بالاسرة والاصدقاء واستقبالهم، وتلقي الزيارات في فترات منتظمة، وتلقي زيارة المحامين في اطار اعداد الدفاع .
وكذلك تم تقييد اوتعطيل حقوق المتهمين المحرومين من حريتهم في المحاكمة خلال مدة معقولة بسبب تأجيل الجلسات واغلاق المحاكم كما اشير اعلاه .
لذا فأن المطلوب امام هذا التحدي في تلك الاماكن وقبل ايجاد الحلول للحقوق التي تم تقييدها او تعطيلها في ضوء الجائحة اتخاذ تدابير تضمن اولا توفيرالرعاية الصحية للاشخاص رهن الاحتجاز بما في ذلك الكادر الامني والموظفين والافراد العاملين في تلك الاماكن بما فيهم موظفي الرعاية الصحية والنفسية وغيرهم وعلى النحو المنصوص عليه في القاعدة 24 من قواعد الامم المتحدة النموذجية لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا) .
ومن الحلول المقترحة ايضا لضمان استمرار اتصال المحرومين من حريتهم بالعالم الخارجي بما في ذلك اسرهم واصدقائهم ومحاميهم ضرورة توفير اساليب بديلة من خلال استخدام اشكال ووسائل الاتصال الالكترونية بالاتصال عن بعد (عبر الفيديو) وايضا زيادة مدة الاتصال وزيادة عدد الاتصالات المسموحة عبر وسائل الاتصال المختلفة الهاتفية او اوعبر الوسائل الالكترونية المناسبة ، وينبغي ايضا على الهات المختصة تيسير اساليب الاتصال هذه وتشجيعها على حد سواء واتاحتها بوتيرة متكررة.
واخيرا لا بد من الاشارة انه لا يمكن التنبؤ بالمدة التي ستستغرقها الجائحة الحالية او بأثارها ومن المؤكد انها ايضا اثرت تأثيراً عميقاً على كافة افراد المجتمع وعلى كافة المستويات الاجتماعية والنفسية والقانونية وغيرها ومن الواضح ايضا ان ما علينا اليوم فقط سوى الاستجابة لمعالجة اثارها بابتكار حلول تتصف بالفعالية
او بالاخذ بزمام المبادرة بايجاد اليات تشاركية لاستباق وقوع اشكاليات ناجمة عن تلك الجائحة او بسببها و هذا يستدعي بالتأكيد التعاون والشراكة بين الحكومة و مختلف قطاعات المجتمع لايجاد الخطط والتدابير الاستباقية والوقائية لضمان عدم المس بأي حق او او الحد من اثار تلك الجائحة .