مدار الساعة - كتب: ابراهيم الزعبي
ما قبل أزمة الكورونا ليس كما بعدها... وما أشبه اليوم بالبارحة، ما يحدث اليوم يعيدنا بالذاكرة لثلاثين سنة خلت، أبان حرب الخليج وعودة ما يقارب نصف مليون أردني من دول الخليج العربي والكويت تحديدا، فتداعيات جائحة الكورونا سوف تظهر بعد تعافي دول العالم من هذا الوباء وما سوف تخلفه من آثار قد تضرب اقتصاد معظم دول العالم، ومنها الدول التي تستوعب العمالة الاردنية، الخليجية على وجه الخصوص.
الأردن.. مرحليا قد يجد نفسه مضطرا لفتح حدوده بهدف عودة الاردنيين من دول الاغتراب، وقد تكون المرحلة الاولى هي عودة الطلاب الدارسين في الخارج، وقد تتبعها عودة قسرية أو رغائبية لآلاف المواطنين الذين سيفضلون المكوث بالوطن اما مرحليا لحين زوال غمامة الكورونا أو عودة دائمة لما شاهدوه من قوة دولتهم في التعاطي مع الازمة مقارنة بالدول التي يعملون فيها .
بعيداً عن الأضرار الصحية التي يسببها انتشار مرض فيروسي مثل "كورونا"، فإنّ له وقعاً آخر ومؤثر على الجانب الاقتصادي لكثير من الدول التي تفشّى فيها هذا المرض، مما قد يتسبب بافلاس العديد من الشركات الكبيرة والصغيره - ان طال امد الأزمة - في الدول الموبوءة ومنها الخليجية التي تستوعب مئات الالاف من العمالة الاردنية وأسرهم ، مما قد ينتج عنه الاستغناء عن الآلاف منهم وعودتهم الى الوطن، وكذلك من رجال الاعمال الاردنيين في تركيا وأوروبا واميركا والكثير منهم أصبح يفكر جديا بالعودة والاستثمار في وطنه .
عودة الاف الاردنيين المغتربين والمسرحين من اعمالهم لاقدر الله الى الوطن قد تكون رافعة لسوق العقار الاردني بهدف تأمين مساكن لأسرهم، مما سيفضي لزيادة في حجم التداول العقاري خلال الاشهر القادمة بعد التعافي من اثار ازمة الكورونا .
الحديث عن العقارات في الاردن أو في أي دولة أخرى، أمر مختلف، فأسعارها وإيجاراتها لا تتعلق بانتشار أي مرض، الكورونا أو غيره، ولكن ترتبط بحركة العرض والطلب على العقارات، لذلك سيواجه الاردن تحدياً بخصوص انخفاض متوقع في عدد المقبلين على الشراء خلال هذه الفترة، ولكن ذلك لن يكون له أثر بالغ على السوق العقاري على المدى الطويل.
ما يدفعنا للثقة بالقطاع العقاري في الاردن في مواجهة انتشار كورونا وما خلفه من تبعات اقتصادية عدة أمور منها :
- أن سوق العقار لا يتأثر بالأزمات الطارئة لأنه استثمار طويل الأمد بطبيعة الحال، وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت تنتج بسبب كورونا، أصبح الاردن أملاً منشوداً للمستثمرين الأجانب. لما لمسوه من كيفية ادارة الدولة الاردنية لملف الازمة، وقد شهدت لذلك كبريات الدول، حيث أثبت أن الاردن هو بلد مؤسسات . فتنبه الدولة الاردنية لخطر كورونا قبل وصوله للبلاد، واقتصار حالات الإصابة على العائدين من الخارج والمخالطين لهم، وتهيئة مراكز الحجر الصحي لهم ،والاجراءات المشددة التي اتخذتها الدولة للوقاية من هذا الوباء، جميعها تبشر بسرعة اعلان الاردن خاليا من هذا الوباء وعودة سريعة للحياة الطبيعية في البلاد .
- منذ بداية العام الحالي بدأ القطاع العقاري باستيعاب قرارات التحفيز التي أقرتها الحكومة ، وكان هناك ارتفاعا ملحوظا في حجم التداول وعادت حركة الشراء على الشقق والأراضي بالارتفاع في قطاع يحرك نحو 45 قطاعا مباشرا وغير مباشر.
- ان التفات الحكومة من خلال البنك المركزي لعامل مهم، ومحرك أساسي لحركة تداول العقار ، وهو سعر الفائدة البنكية والذي يصل إلى نحو 10 %، الأمر الذي يتطلب تخفيض جدي على سعر الفائدة مما يخفف التكلفة على المواطنين ويجعلهم يقبلون عن الشراء.
- الانهيار الملفت في أسواق البورصة عالمياً، ورغبة المستثمرين في الوجود عن بديل آمن لحفظ أموالهم بعيداً عن التقلبات المرعبة في أسواق المال في هذه الفترة.
- ارتباط سعر العقار في الاردن بالدينار الاردني فقط، الأمر الذي يحميها من أي تغيير في أسعار العملات العالمية والإقليمية وخاصة في الدول التي يتفشى فيها فيروس كورونا بشكل كبير.
- قطاع العقارات في الاردن هو قطاع مرن، يمكن أن يتكيّف بسهولة مع الأحداث الطارئة، وقد استطاعت الدولة الاردنية تجاوز أزمات اقتصادية وسياسية خلال السنوات السابقة دون أي تأثر ملحوظ على القطاع العقاري.
رب ضارة نافعه ... املنا عودة سريعة للحياة الطبيعية في البلاد ، وتجاوز آثار الازمة الاقتصادية السلبية، وتوظيف ما بنيناه في أدارة ملف أزمة الكورونا خدمة للأقتصاد الوطني وسوق العقار على وجه الخصوص.
Ibrahim.z1965@gmail.com