بقلم: عبد السلام الطراونة
أما قبلُ.. فإني أبدأ بسم الله الرحمن الرحيم وأقتبس مما قاله جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه عشية استشهاد وصفي التل حيث يقول: (عاش وصفي جندياً منذوراً لخدمة بلده وأُمته يكافح بشرف ورجولة من اجلها.. وقضى كجندي باسل فيما هو ماضٍ بالكفاح في سبيلها برجولة وشرف). كلام الملك ملك الكلام. وصدق الحسين الغالي.
حاصله.. وجدتني ألوذ الى ذوي الرأي والمنصفين وكبار المسؤولين من معاصري الشهيد وصفي التل للحديث عن الولاية العامة وممارسيها لان لديهم ما يقولونه كزوادة بهذا الخصوص. وأقتبس من حديث دولة رئيس الوزراء الأسبق الأستاذ احمد عبيدات من خلال ندوة عقدها مركز البيرق الاردني.
جاء الشهيد وصفي التل يحمل مشروعاً إصلاحياً طموحاً واضعاً نصب عينيه تطهير أدوات الدولة من الفساد والفاسدين ...وقد فعل ذلك بكل جرأة وقوة!!
إن الولاية العامة التي يتحدث عنها السياسيون والحزبيون اليوم هي استحقاق دستوري محسوم، ويفترض وجود برلمان وأحزاب وحتى في غياب البرلمان والأحزاب والانتخابات كان الشهيد وصفي التل يمثل عملياً هذا المفهوم ويعرف أن له امتداداً عميقاً بين الشعب الذي جاء ليخدم مصالحه !!فكان وقتها وحتى لو لم يكن ممثلاً لحزب معين يعرف صلاحياته الدستورية ومارس الولاية العامة ابتداء من اختياره لوزرائه وانتهاءً بالقرارات التي يتخذها مجلس الوزراء باعتبارها جزءاً من السلطة التنفيذية.) انتهى الإقتباس.
ويدلي رئيس الوزراء الأسبق دولة الدكتور معروف البخيت في ذات الندوة بشهادة صادقة ومنصفة بحق وصفي التل يقول فيها: (يحمل الشهيد وصفي التل في إهابهِ الشجاعة بنوعيها المادية والأدبية مثلما يحمل صفتي الحزم والعدل معاً كما يحمل شجاعة في ميدان القتال معروفة للجميع وخاصة في معارك (الجليل) على ثرى فلسطين عنما كان قائداً لفوج اليرموك الرابع والتي أصيب في إحداها بشظية في ساقه.
وهناك الكثير من الوقائع التي يعرفها الكثيرون والتي تدل على صفة العدالة عند (وصفي).. فهو لم يُحابِ صديقاً او قريباً بل كان يؤمن بالكفاءة.. ويُروى أن أحد زملائه الوزراء رَشَح له شخصاً ليُعَين سفيراً.. مؤكداً على حسن اخلاقه واستقامته.. فما كان من (وصفي) إلا ان أجاب على الفور: إذا كان فاضلاً أميناً فيمكنك مصاهرته لكننا لن نعينه سفيراً، لأن الكفاءة هي مسطرة القياس ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار)
وفي ذات السياق يقول نائب رئيس الوزراء السابق معالي الدكتور رجائي المعشر خلال ندوة عقدها نفس المركز بعنوان (قراءات في فكر وتجارب وصفي التل) ما يلي: (كان وصفي التل أردنياً عربياً ورمزاً للولاء والانتماء ... وكان شجاعاً في حمل أمانة المسؤولية فلا يُجير من موقعه مسؤولياته الدستورية لأحد، ولا يختبئ خلف اية جهة عنما يتخذ القرار على مستوى الدولة وانما يتحمل مسؤوليته كرجل دولة.)
وبهذا الصدد يقول معالي الدكتور حازم نسيبه والذي كان لصيقاً وملازماً لوصفي التل ووزيرا للخارجية في حكومته الثانية يقول في ندوة تلفزيونية: (كان وصفي التل رجلاً واسع الأفق بعيد النظر وكانت أحلامه واهتماماته سياسية بقدر ما كانت عسكرية واقتصاديةٍ وعمرانية مثلما كانت إدارية ونهضوية وإصلاحية. كان وصفي يقرن اللين بالمرونة والاخذ والعطاء بالحسم الواثق. وكان رجل دولة رفيع السوية يربط ربطا محكماً بين ما هو داخلي وبين ما هو خارجي لأنه يعرف عن يقين مدى الترابط العضوي بين الساحتين ولأنهما وجهان لعملةٍ واحدة. ومن أبرز مزايا وصفي السياسية انه كان يعرف حدوده وحدود القانون وحدود القوة له وعليه في تعاطيه مع مختلف الفاعليات على الساحتين الداخلية والخارجية.
وفي الختام أقول ويحَ قلمي !!فأنا أخالُه يقف حائراً من أين يبدأ!! هل يشرع في الحديث عن غلاوة الرمز الكبير وموقعه في وجدان الوطن وقلوب الناس؟ ام تراه ينحو نحو الحديث عن بيدر العزّ والغلال والإنجازات الكثيرة ومثيلاتها من الطموحات الكبيرة التي سطرتها على أرض الواقع حكومات (وصفي) المتعاقبة بهديٍ وتوجيهٍ ودعمٍ من جلالة الحسين العظيم.. أم تراه يرفع الرأس زهواً وافتخاراً، كما الأردن، وهو يستعرض معالم النهضة الزراعية والصناعية والثقافية والعلمية والطبية والمائية والإعلامية والشبابية.. و..و!! أم تراه يشرح الشوق والحنين للرمز الكبير؟!
(4)
"وصفي"وأعرف أن الروح تسمعني إرجع ولو شوكة في الخصر توجعني
هذا حمانا ونحن العاشقون له وأنت في كل قلبٍ غير مرتهنِ
يا خال عمار صار الناس مزرعةً للعابثين وباتوا هم بلا سكن