كثرة لا تعرف ان موسم الحج توقف عبر مئات السنين، اكثر من أربعين مرة، بسبب الأوبئة، الاضطرابات السياسية ، عدم الاستقرار الأمني، الغلاء الشديد، الاضطراب الاقتصادي، إلى جانب خراب الطرق بسبب اللصوص والقطاع
هذا يعني انه ليس غريبا، وقف العمرة، او حتى وقف الحج هذا العام، اذا استمر فيروس كورونا في الانتشار، بهذه الطريقة، فالقصة لا ترتبط بالدين، بقدر ارتباطها بتجنب التجمعات البشرية، وهذا امر ينسحب على التجمعات الرياضية والمؤتمرات
صلاة الجمعة ذاتها قد تخضع الى تغيرات، وحتى صلاة الجماعة، اذ وفقا للفقهاء فإن التجمع في الصلاة قد يؤدي الى نقل أي وباء، ولهذا نصحت دول مواطنيها بعدم ذهاب كبار السن والأطفال الى الصلاة، كونهم اقل مقاومة امام هذه الفيروسات
في الأردن لم يصدر قرار بعد بشأن صلاة الجماعة، وعلينا ان نلاحظ مثلا، ان كل الذين يذهبون الى قم في ايران، حيث تجمع الشيعة الإيرانيين والعرب والزوار عاد بعضهم بفيروس كورونا، ونقلوه الى بلادهم، برغم النصائح بعدم الذهاب الى ايران التي على ما يبدو تعد بؤرة الوباء الثانية بعد الصين، والسبب معروف، أي استمرار العلاقات التجارية بين الصينيين والإيرانيين، بما جعل نقل الفيروس، امرا سهلا وسريعا، وقد قرأ الجميع عن وفاة وزراء ونواب إيرانيين، بسبب المرض
كنيسة المهد في بيت لحم في فلسطين، علقت استقبال المصلين أيضا، فالقصة قصة تجمعات، في ظل ظروف صعبة، لكن إسرائيل من جهتها تريد أن تستثمر في الفيروس، وتوصي حكومتها بتعليق الصلاة في المسجد الأقصى في القدس الشريف، خوفا من نقل العدوى، وهي هنا، تجد في قصة الفيروس ذريعة لتعطيل الصلاة في المسجد، وإغلاق بواباته، فيما غايتها الأساس، إيذاء المقدسيين وغيرهم من الذين يزورون المسجد، او يصلون فيه، فالدافع هنا مختلف
الذي خطر على بالي امام توصية وزير إسرائيلي بوقف الصلاة في المسجد الأقصى، سؤال حول مسؤولية اتخاذ مثل هذا القرار، اذا تم اتخاذه مسؤولية إسرائيل، ام مسؤولية الأردن، كونه المشرف على المسجد الأقصى، وهذا يعني فعليا انه ليس من حق إسرائيل اتخاذ هذا القرار، حتى لو ارادت إسرائيل عبره القول ان السيادة على القدس لها، وليس لأي طرف آخر، وعلى الأردن التنبه لهذا الفخ السياسي الذي يتغطى بذريعة محاربة الفيروس
كل الدول التي تتخذ قرارات بشأن الفيروس، والتجمعات، قد يتم فهم قرارها في اطار الحماية الداخلية، باستثناء إسرائيل التي تستثمر في كل شيء، وقد تخرج علينا بعد قليل لتقول ان هناك بؤرة وباء في المسجد الأقصى، فتحتار كيف يمكن الرد على هكذا قرارات محتملة، وهل تنظر اليها بعين الريبة والشك من حيث الدوافع، ام تصدق حقا، ان إسرائيل تخاف من الفيروس وانتقاله الى الإسرائيليين لاحقا ؟
في كل الأحوال لا يجوز ان يسكت الأردن على هكذا توجه، فالقرار هو للأردن أولا وأخيرا، ويرتبط بمجمل تقييمات الأردن لوضع الوباء، والقرار الذي قد يتخذه الأردن بشأن المساجد هنا، فيما قصة الأقصى ترتبط بعنصرين، أولهما تقييم وضع الوباء داخل فلسطين المحتلة، وثانيهما الكلفة السياسية لاتخاذ قرار بوقف الصلاة، خصوصا، مع التسريبات الإسرائيلية، حول توجه إسرائيلي لمثل هذا القرار
كل يوم يشرق نبحث عن بارقة امل لتخفيف هلع الناس، لكن الاعلام العالمي، من جهة، وطريقة إدارة المشهد في العالم، تزيد من الذعر، برغم وجود دراسات تقول ان اكثر من ثمانين بالمائة من الحالات قابلة للشفاء، الا ان الجانب السلبي يطغى على كل المشهد، واذا استمرت موجة الهلع بهذه الطريقة فإن التداعيات الاجتماعية والصحية والاقتصادية، على العالم، ستكون كارثية، وأسوأ من كلفة حرب عالمية
ثم يبقى السؤال حول قدرتنا على البقاء امام هذا الوباء، واذا ما كان الاستسلام لهذه الموجة، طبيعيا، ام ان على العالم ان يتنبه الى الكلفة التي يدفعها بسببه؟!
الغد