الذي يحكم العالم المتقدم في العلم وفي التكنولوجيا وغيره من نواحي الحياة وليس في العبادة والتقوى ومخافة الله هو المال والإقتصاد وليس غيرهما. فأصبح معظم الناس عَبَدةً للدولار واليورو والدرهم والدينار واليوان والين وغيره من أنواع العملات التي تسيطر على أسواق المال والإقتصاد في العالم. هناك البنك الدولي الذي يتحكم في جميع العملات في العالم وصندوق النقد الدولي الذي يعطي قروضاً بفوائد مركبة كبيرة للدول المتعثرة إقتصادياً والمحتاجة بشروط معينة ومحددة تجعله يتحكم في كل أمور تلك الدول تدريجياً، ونادراً ما تستطيع أي دولة التخلص من ديون صندوق النقد الدولي التي عليها وتبقى مدينة له إلى الأبد. وقل ما نسمع أن دولة معينة إقترضت من صندوق النقد الدولي وبعون الله سددت ديونها ومن ثم أقرضت البنك الدولي مثل تركيا. فمصائب تلك الدول التي تعاني من قلة الموارد وسوء إدارة المال ومن الفاسدين فيها يكون في إقتراضها من البنك الدولي ووقوعها في المشيدة التي من الصعب الخروج منها.
فالفوائد الجمَّة من تلك القروض تعود لأصحاب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. والمصائب أو الكوارث التي تحدث في مناطق معينة في العالم يكون فيها فوائد لبعض أصحاب الشركات وفق المصيبة التي تقع. فمثلاً وقوع حرب في منطقة ما من العالم تكون الفوائد لشركات تصنيع الأسلحة التي تبيع أسلحتها للمتحاربين بأسعار باهظه. ووقوع وباء في منطقة أو دولة معينة من العالم تكون الفوائد لشركات الأدوية والمطاعيم الأمصال، وهكذا تسير الحياة المالية والإقتصادية في العالم. فشركات الأسلحة عندما ترغب في التخلص من الأسلحة التي تكدست في مستودعاتها وأصبحت قديمة يقوم أصحابها والله أعلم بإثارة حرباً ما في مكان ما ليتخلصوا من الأسلحة ويبيعوها للدول المتحاربة. وإذا شعرت الدول المصنعة للأدوية أنها بحاجة إلى مال تقوم والله أعلم أيضاً بنشر وباء أو فيروس معين في منطقة ما أو بلد ما لتبيع ما عندها من علاجات أو أمصال أو مطاعيم لتلك المناطق والدول. نعم لا يوجد في قاموس الدول الرأس مالية قانون أو معيار مخافة الله فمقاييسهم ومعاييرهم هي المادة وكم لديهم أرصدة من العملات الصعبة في بنوكهم المركزية.
يعاني شعبنا في الأردن من قلة الموارد الطبيعية وضيق في الحال منذ عدة سنوات لأننا إقترضنا من صندوق النقد الدولي وتراكمت علينا الديون وفوائدها ولم نستطع كغيرنا من الدول (بسبب إساءة إدارة الأموال من قبل بعض المسؤولين وبسبب إنتشار الفساد والفاسدين) تسديد ما علينا من ديون وفوائد مركبة. وأصبحنا نعاني من ضيق الحال وسوء الأوضاع الإقتصادية والمالية في كل مجالات الحياة رغم أننا كنا قديماً تحسدنا الشعوب التي حولنا على أوضاعنا الإقتصادية الطيبة. وأصبح يسعدنا أي أمر يحدث في العالم يعود علينا بالفوائد، فمثلاً البترول هو بترول العرب ولكن أسعاره عندنا أغلى بكثير من أي دولة في العالم، وبسبب فيروس الكورونا القاتل الذي إنتشر في الصين وبقية دول العالم إنخفضت أسعار البترول في العالم. وبالتالي إضطرت الحكومة لتخفيض قرش أو قرش ونصف على كل لتر من البنزين وغيره من أنواع المحروقات الشهر الماضي. ولإستمرار إنخفاض أسعار البترول في العالم لعدم إكتشاف علاج ولعجز العالم عن إيقاف إنتشار فيروس الكورونا القاتل بين شعوب الدول إضطرت الحكومة هذا الشهر أيضاً لتخفيض ثلاثة قروش وثلاثة قروش ونصف على كل لتر بنزين 90 وبنزين 95 بالترتيب وتخفيض كذلك اسعار الديزل خمسة قروش والكاز أربعة قروش للتر الواحد. بالفعل الشعب الأردني حمد الله على ذلك رغم أننا لا نحب أن يلحق الضرر والأذى بشعب أي دولة أو شعوب أي دول في العالم. ولا ندري هل سيستمر إنخفاض أسعار المحروقات في أردننا العزيز الشهر القادم أم لا؟ أم ستعود الحكومة بتعويض ما خفَّضته من أسعار على المحروقات برفعها مرة واحدة في الشهر القادم؟. ولا ندري متى سوف يسمح لنا ان ننتج البترول في أردننا حتى تصبح أسعاره في متناول الجميع ونسدد مع علينا من ديون لصندوق النقد الدولي ونعيش حياة شعوب دول البترول المجاورة لنا؟. الله ورسوله أعلم.