تختلف روايات من عرفوا ياسر عرفات باختلاف الأماكن والازمنة التي عرفوه بها، وتتقاطع جميعها حول شخصية الرجل الاستثنائية، فهو لم يقل لأي فلسطيني يطلب منه عونًا مادياً "لا" وقد يسألك عن أدق تفاصيل حياتك، وكأنه صديقك الحميم الذي لا ينسى شيئاً، يرسل دعوات التهنئة والمواساة للجميع، فهو يتقن لعب دور الأب جيدًا، ويريد أن يصنع من جموع اللاجئين شعباً.
متواضع وقريب للناس وداهية سياسية فوق كل هذا، يناور مع كل الحلفاء والاعداء وعلى كل الخطوط الا فلسطين خطه الأحمر الوحيد.
من عرفوا الرجل يعلمون ايضًا، أنه تعامل مع أوسلو كحل مؤقت لوجوده في تونس البعيدة، وأنه لم يحاول بناء دولة في الضفة وقطاع غزة بمقدار ما حاول تنظيم الشعب الفلسطيني
وتوحيد ولاءته، فحتي ادارته للموارد المالية كانت تقترب من الإدارة المالية لحركات المقاومة وتبتعد عن الدولة، واستفاد من هذا الغموض في تمويل بعض لحظات المقاومة والخروج من الهيمنة المالية الإسرائيلية على السلطة.
يكمن سر أبو عمار الأكبر في قدرته على خلق أوراق الضغط وادارتها جيدًا ويمتلك كل المفاتيح ولو نأى بنفسه عنها علناً ليقدم نفسه بصورة شبه ندية لخصومه فهو يمتلك ما يوجعهم ولا يعطي راغبًا الا ليأخذ، من هذه التفاصيل قد نفهم ما الذي جرى في أوسلو وما بعدها ولماذا اختلف اخراج صفقة القرن عن أي مفاوضات أو اتفاق جرى مع ياسر عرفات.