انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

عدوان تكتب: في العاشر من ديسمبر

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/06 الساعة 23:33
حجم الخط

بقلم: هناء عدوان

مساءَ العاشر من ديسمبر اتصل بي وأخبرني بأنّه يريدُ لقائي

وأنا كنتُ متحمسة للغاية , فقد مر وقتٌ طويل ولم نلتقي

ذهبتُ مسرعةً إلى غرفتي وفتحتُ خزانتي أبحثُ عن أجمل فستانٍ أرتديه هذا المساء , لم تكن خزانتي مكتظة بالثياب الأنيقة، ولكنني على الأقل كنت أمتلكُ فستاناً جميلاً باللون الورديّ

وقفت أمام المرآة , أنا لا أجيد وضع مساحيق التجميل بشكل مذهل ومن حسن حظي أنّه أيضاً لا يحب مستحضرات التجميل كثيراً ويحبُ أن يرى وجهي بمنظره الطبيعيّ

ها انا ذا قد جهّزتُ نفسي للقاء ... فتحتُ باب المنزل وانطلقت

وبدأتُ أمشي في شوارع بلدتنا القديمة , أذكر جيّداً أوّل لقاءٍ لنا فيها , كان ظلُه يتبعني وعينيه البُنيتين تلاحقني

شعرتُ بأني لا أمشي على الأرض بل أهرول في الهواء , كلما ذكرتُ مبسمه شعرتُ بروحي خفيفة تطيرُ إليهِ مسرعة ....

كلُ شيءٍ في هذا المساء كان مختلفاً , المسافات البعيدة والطويلة باتت قصيرةً جداً

الطيور في السماء تبدو سعيدة, وكأنّها ترقص على سيمفونية ضوء القمر

والغيوم دافئة تحتضنُ أشعة الشمس البرتقاليّة

والناس والسيارات في الطرقات كلٌ قد علم مكانهُ وزمانه ...

كلُ شيءٍ بدا هادئاً وناعماً ...

والمسافة تقترب وتقترب وأوشكتُ أن أصل ,,,

صعدتُ على الدرج وانتهت كل العتبات التي كانت تحولُ بيننا

فتحتُ باب المقهى ودخلت.... وأنا أبتلعُ لُهاث أنفاسي وأضبطُ دقات قلبي وأتمالكُ نفسي كي لا تقع بين قدمي ...

لم يكنُ لقاءً عاديّاً , كان مليئاً بالحب والذكريات والأشواق

لم أكن أنظر إليه ولم يكن ينظر إلي

بل كان قلبي يعانق قلبه

وروحي تلتف في روحه

وجسدي يلتحم بجسده

وعيني تُقّبل عينه

لم تمسك يده بيدي بل تشابكت أصابعه بأصابعي

أصبحنا نتقاسم أنفاسنا وارواحنا وأشواقنا وفتاتَ أيّامنا

أدخلني في صُلب ذاكرته وأعادني إلى الوراء قديماً حيثُ أنا وهو والزمن

صافحت ذكرياتي مخيلتّه

وتعانقنا حتى ليكاد الواحد منّا أن ينغرس في الآخر ويتشبّث به إلى الأبد فلا وقت يسرقنا ولا زمانٌ يفرقنا , حيثُ لا أحد سوانا

أخبرته بأنّي أريد أن أبقى هنا , في الوراء في القديم , أخبرته بأنيّ أريد أن أكون حيثُ توقفنا وحيث توقف الزمن

أمّا هو فأخبرني بأّنّه يريد ان يكون زماني , يريد أن يكون حاضري ومستقبلي وجميع أوقاتي وأيّامي وساعاتي ...وأخبرني بأنني أبدو جميلةً جدا بالفستان الورديَ ,وأنّ بداخلي تلك الطفلة المشاكسة التي لم تكبر يوماً
وقال لي : بأنّ كلانا قد بالغ في الغياب وبالغ في الاشتياق , وبأنّ العمر الذي هرب منّا ما هو إلا حصيلةُ تفكير كلٍ منّا بالآخر فلماذا كل هذا الرحيل؟

أخبرني بأنّه سهر ليالٍ طويلة يرتب أوقاته الضائعة ويستجمع قواه المنهارة

وبأنّه في كل ليلةٍ يذكرني ويستحضر صورتي أمام عينيه ...

كلانا كان يعيش في عقل الآخر كلانا كان يعشق الآخر ..

نعم , لم تكن الامور تجري على ما يرام وكلٌ منّا كان يتصارعُ مع نفسه ليجلدها ويكبحها عن التفكير بالآخر..

ولكن سهم الحب ما انفك يصيبُ قلوبنا , فأنا لم أجد نسيانه وهو ما فتئ يذكرني, (حتى التقينا)

انتهى العاشر من ديسمبر ولم تنته قصتنا.... فها قد بدأت حكاية عاشقين اثنين لم يفرق بينهما القدر

مدار الساعة ـ نشر في 2020/02/06 الساعة 23:33