أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

ولادة جديدة

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ
حجم الخط

بقلم: بثينة القواسمة

استدعى الأمر اليوم قلماً وورقة، لم يكن ارتجالياً أبداً، ولم أستطع أن أتركه دون توثيق. قبل ثلاثة ليالٍ نزفت آخر دموعي عليكَ، وآخر شعورٍ كان لك في ثناياي، وباقي شضايا حبك العالقة في طرف عيني، و شتات شوقك الذي قيدني، كان الأمر مريحاً جداً فمن خلاله نزعت إيماني بك، و كذّبت كل صدق بدر منك، وجعلت من ذلك التمثال داخلي حطاماً أسوداً. منذ تسعة أشهر و قلبي يعاني آلام المخاض لا الحمل فلقد كنتَ على وشكِ السقوط منذ البداية و لكنك أبيت إلا أن تبقى لتولد ميتاً و أولد أنا من جديد.

ها قد عادت نفسي إليّ، وها أنا أحتضن ذاتي بكل سلامٍ مرةً أخرى، و قد استعاد قلبي عافيته التامة ليعاود مرةً أخرى الحمل؛ حمل الحب و الشعور و الاهتمام والشغف والحلم والطموح والنجاح و القوة.

لم يكن الأمر هيناً ولم يكن المضي قدماً سهلاً و لم أعتد تلك الصلابة في أيامٍ قلال، و لكن التجاوز نعمة و إنه لأعظم من النسيان، فما فائدة أن تنسى ولا تتجاوز، أن تتناسى و تكذب على نفسك، أن تدعي القوة و أنت هشٌ متناثر، أن يظن الجميع أنك فاقدٌ للذاكرة و أنت تختنق كل ليلة في الأحداث والذكريات!

الآن ما عادت الأماكن التي اعتدنا الجلوس فيها تزرع داخلي سكيناً من شوق، و ما عادت خطواتنا على تلك الشوارع ترسم لي درباً أبداً، حتى أنها لا تدلني على طريق مسدود. الآن لن اختنق بالهواء لأنك تتنفسه، و لن أكره السماء لأنك تحتها، و لن أشمأز من الأرض لأنك فوقها. الآن أنت دولة تم بيعها و حذفت من خريطتي، أنت افتراضي ليس له وجود، ربما أنت مقبرة، ربما أنت لا شيء!

هذه آخر كلماتٍ خُطت لأجلك، و الورقة الأخيرة بعد آلاف الأوراق و المسودات التي كتبت عليها اسمك، و هذا القلم سألقيه في المهملات الآن، و هذه الساعة الأخيرة التي أضيعها على عصف ذهنيّ لأكتب عنك فأنت تعلم أنه و بعد كل هذا النسيان الكتابة عن الشيء مرهقه.

مدار الساعة ـ