بقلم: أحمد زياد أبو غنيمة
منذ تأسس الاردن الحديث على مرحلتين، مرحلة الإمارة ثم مرحلة المملكة، واجهت الإمارة الناشئة آنذاك تحديات كبيرة داخلية وخارجية خرجت متها بسلام، ثم واجهت المملكة الفتيّة اولى تحدياتها بنكبة فلسطين ١٩٤٨م، التي تآمر فيها كلوب باشا قائد الجيش الاردني آنذاك على الاردن من خلال موقعه، بتخاذله عن اعطاء الاوامر بالتصدي للعصابات الصهيونية في عدة جبهات للقتال في فلسطين، ولولا قيادات وطنية في جيشنا العربي الباسل آنذاك كالقائد عبدالله التل قائد الكتيبة السادسة، وبدعم مباشر من الملك المؤسس عبدالله الاول لسقطت القدس كاملة بيد الصهاينة.
احداث عديدة مر بها الاردن الحبيب منذ نكبة فلسطين، وما نتج عنها من تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية، اثبت خلالها الاردنيون وقوفهم مع وطنهم وارضهم وقيادتهم في العديد من المحطات التاريخية التي عصفت بالمملكة، وحدة الضفتين، انقلاب ١٩٥٧، هزيمة حزيران ١٩٦٧، معركة الكرامة ١٩٦٨، حرب الخليج الاولى والثانية، تداعيات سقوط العراق ٢٠٠٣، والربيع العربي ٢٠١١ حين كان الشعب الاردني هو الوحيد من بين الشعوب العربية الذي كان شعاره "إصلاح النظام".
قبل ايام، كان إعلان " صفقة القرن"، بين رئيس امريكي لا يُخفي انحيازه التام والعلني للصهاينة وبين رئيس وزراء الكيان الصهيوني الوالغه يديه بدماء الشهداء.
كلما قلنا ان الفجوة بين الدولة والشعب يجب ان تّطوى وتختفي، نجد الدولة تمارس سياسة تؤكد هذه الفجوة بل وتزيدها، فما معنى ان تؤكد الدولة رفضها لصفقة القرن وفي ذات الوقت تغض الطرف عن اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني، وما معنى ان تصمت الدولة عن بعض رموز " الليكود الاردني " كما وصفهم ذات يوم احد النواب المخضرمين وعن ممثلي "الحزب الجمهوري الامريكي " في الاردن، وهم يطعنون وطنهم وشعبهم في الصميم، ويسوقون حُجج المُفلسين والانهزاميين والانبطاحيين للقبول بصفقة القرن !!!
سيزداد القلق على الاردن، رغم مواقف قيادته الصلبة ضد صفقة القرن، ما دامت ادوات الدولة كما هي، فلا رجال دولة لها يدافعون عنها كما يجب ( دولة فيصل الفايز ودولة عبد الكريم الكباريتي الوحيدان من رجال الدولة الذين تحدثوا عن صفقة القرن)، ولا ممثلين للشعب يقتنع الشعب بصدق مواقفهم، ولا اعلام رسمي حُر يبادر الى التقاط الفرصة التاريخية بتعرية كل هؤلاء ممن يبيعوننا مواقف وطنية نهارا ويرتادون السفارات مساء.
وفي المقابل، سيزول قلق الاردنيين ويزداد التحامهم مع قيادتهم ووطنهم، حين يشعرون حقيقة انهم جزء من هذا الوطن ومشاركون حقيقيون في صنع القرار، لا مجرد ارقام ضريبيبة تستخدمهم الدولة لسداد عجز الميزانية وللصرف على رفاهية وعنجهية مسؤولينا.
دمتم ودام وطننا الحبيب بألف خير.