مدار الساعة - كلما قرأت الأدبيات العربية عن موضوعات التسامح الديني والتطرف والكراهية الدينية أجد الثقافة الغربية ثانوية في كل ركن من منظومتنا المعرفية ، فنظريات التسامح ونقيضها وحقوق الانسان ونقيضها لا تُرى الا عبر ثنائية “مسلمون وغربيون”، واذا كان تفسير ذلك يمتد الى جذور التاريخ ومراحله المختلفة، الا ان التعالي على منظور غير الغربيين يشكل نوعا من التعصب الهادئ، ويكفي اخذ المؤشرات التالية في الحسبان:
أولا: عدد المسلمين في آسيا يمثل طبقا لآخر احصاء هو 66.7% من مسلمي العالم، فاندونيسيا والهند فقط فيهما 415 مليون مسلم، وفي آسيا كلها هناك 1.2 مليار مسلم نسبة هامة منهم يعيشون في دول آسيوية لا تشكل المسيحية أغلبية فيها بل الهندوسية والبوذية والشنتوية والطاوية والكونفوشية..الخ.
فلماذا لا يولي الباحثون العرب رؤية تلك الثقافات لمفهوم التسامح والتطرف؟ فإذا استندنا الى جون ستيوارت مل وفولتير فلماذا لا نعير المفكرين الآسيويين مثل “فوكوزاوا، واايزوتسوا و نوتوهارا وايتاغاكي “من اليابان اهمية وكلهم تبحروا في الثقافة الاسلامية والعربية ولهم فيها رأي، وماذا عن Qin Yaqing و Zheng Bijian الصينيان، والمفكرة الهندية Navnita Chadha Behera ، فهؤلاء وغيرهم لهم تصوراتهم حول العنف والكراهية والتطرف والتسامح والثقافة، ولهم تأثيرهم العميق في مجتمعاتهم تجاه النظرة للآخرين…فمتى نتخلص من عقدة الدونية تجاه الغربي وعقدة الفوقية تجاه غيره؟الا نعلم ان اتباع الاديان غير السماوية هم 45 % من سكان العالم…فمتى تستحق ثقافة ما يعادل نصف سكان العالم تقريبا اهتمامنا؟
ثانيا: كل المؤشرات تشير الى ان العقود القادمة تحمل في ثناياها احتمالا أراه راجحا بأن السيد القادم الى منطقتنا هو ” سيد أسيوي” له ثلاث مراكز صينية ويابانية وهندية، وعليه هل شرع باحثونا في تلمس بنية الثقافة الآسيوية؟ وهل تخلصنا من ثنائية “أديان سماوية وغير سماوية”؟ ألا تنطوي هذه النظرة على قدر من التعصب الهادئ؟.. إنهم قادمون ..فكيف سنستقبلهم؟