مدار الساعة - بقلم: بلال حسن التل
قد يتفق المرء أو يختلف مع سياسات دولة قطر، لكن أحداً لا يمكنه نكران الدور الذي تلعبه في المنطقة، وفي الكثير من المحافل الدولية، مما يستدعي دراسة التجربة القطرية والاستفادة منها، خاصة بعد أن أثبتت قطر أن مكانة الدول لا تقاس بمساحتها، ولا بعدد سكانها، وليس بمالها إن لم تحسن توظيفه، فهناك دول كثيرة أغنى من قطر لكنها لا تلعب دور قطر في أحداث المنطقة.
عند الدور نحب أن نتوقف لنقول إن من أهم عناصر صناعة مكانة الدولة، هو الدور الذي تختاره لنفسها، أو الذي تحلم به، وفي ظني أن أول عناصر تجربة قطر أنها امتلكت الحلم بأن تكون دولة فاعلة ومؤثرة، وهو هدف حدده الحلم القطري، فتوفر لقطر عنصران من عناصر بناء الدور، هما الحلم وتحديد الأهداف، اللذان أضافت لهما قطر الإرادة ثم امتلاك أدوات ترجمة الإرادة وتحقيق الأهداف.
وعند الأدوات لابد من وقفة دراسة، فقد سعت قطر إلى امتلاك كل أدوات تحقيق حلمها، وأول ذلك أنها بنت نخبها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ووظفت هذه النخب في بناء مشروعها بالإضافة إلى أنها استعانت بالخبرات من داخل وخارج قطر وفق حاجتها الحقيقية، فوظفت هذه الخبرات ولم تسمح لأصحابها بأن يوظفوها كما جرى ويجري في العديد من الدول الأخرى.
وفي إطار سعيها لامتلاك أدوات بناء مشروعها، حرصت قطر على بناء أدوات قوتها الناعمة وأولها الإعلام، فبنت حزمة من القنوات التلفزيونية والإذاعية المتنوعة والمؤثرة، ووظفتها جميعاً لخدمة مشروعها ولبناء دورها.
وبموازة الإعلام سعت قطر إلى بناء حضورها الثقافي بإحياء ثقافتها الشعبية الأصيلة، بالإضافة إلى امتلاك سائر مكونات البناء الثقافي، من مؤسسات نشر إلى مسارح، وصولاً إلى المهرجانات السينمائية بالإضافة إلى استضافتها للمعارض والمهرجانات الفنية المختلفة والمتنوعة، مع تشجيع القطريين رجالاً ونساء على الانخراط في الفعل الثقافي، وتوظيف ذلك كله في خدمة دور قطر وحضورها الإقليمي.
ومثلما سعت قطر الدولة إلى امتلاك عناصر قوتها الناعمة،فإنها لم تنسى الإنجاز المادي الذي يحفظ القوة الناعمة ويخدم مشروع الدولة، وحضورها من مطارات ومرافق ونهضة تعليمية وكل ما من شأنه يعزز الدور القطري الذي صار يستحق الدراسة.
Bilal.tall@yahoo.com