مدار الساعة - رغم إعلانه الشعور بالارتياح في ظل التحقيقات اللبنانية القائمة معه، ما زال موقف الرئيس السابق لشركة "نيسان موتورز" كارلوس غصن غامضًا، بعد إعلان النيابة العامة استمرار التحقيقات ومنعه من السفر.
كارلوس غصن الذي هرب من اليابان يواجه المجهول مرة أخرى، بعد الاتهامات الجديدة الموجهة له بشأن زيارة إسرائيل، وهي التهمة التي يقتضي القانون اللبناني معها السجن، فيما أثارت تلك الإجراءات تساؤلات بشأن إمكانية إعادته لليابان.
وكان القضاء اللبناني، قد أعلن اليوم الخميس، الانتهاء من جلسة الاستماع إلى مدير شركة "نيسان" اللبناني، كارلوس غصن، تحت إشراف المدعي العام غسان عويدات في لبنان، الذي منع غصن من السفر.
بلاغ جديد
حسن بزي، محامي وناشط مدني وسياسي لبناني، وأحد المحامين الذين تقدموا ببلاغ ضد غصن، قال إنه "قدم مع مجموعة من المحامين إفادتهم أمس للنائب العام في البلاغ الذي تقدموا به، للمطالبة بمحاكمة كارلوس غصن بتهمة الذهاب إلى إسرائيل".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك" أن "غصن أعلن ذهابه مرة واحدة لأسرائيل ولم يوقع عقد شركة رينو التي كان يترأسها مع الشركة الإسرائيلية، إلا أنهم تقدموا بمذكرة تضم مستندات من بينها تصريحات لوسائل إعلام إسرائيلية تؤكد توقيع الصفقة".
وأكد أن "النائب العام استمع لأقوال كارلوس غصن في هذه التهمة، وأخلى سبيله بسند إقامي أي المنع من السفر خارج البلاد، بعدما تعهد بإثبات أقواله بمستندات تؤكد عدم توقيع العقد مع الشركة، حيث يطالب بحفظ القضية بعد انتهاء مدتها".
وتابع: "سنقدم مذكرة ثانية تثبت أقوالنا بخصوص توقيع العقد، وهو ما يعني عدم مرور زمن الجرم، وواجب محاكمته كما ينص القانون اللبناني".
وبشأن نص القانون الذي يمنع غصن من زيارة إسرائيل، قال بزي: "بموجب قانون مقاطعة إسرائيل الصادر من الجامعة العربية عام 1955م، والتي وقع عليه لبنان، يحظر أي جهة أو شخص من إجراء أي عقود اقتصادية مع أي شركة إسرائيلية، كما يمنع القانون دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة بدون إذن من السلطات اللبنانية".
وأشار إلى أن "بموجب القانون ارتكب رئيس شركة نيسان السابق جرمين، الأول يخضع للمادة 585 من قانون العقوبات اللبناني، وعقوبته السجن لمدة عام، والجرم الثاني التعاقد مع شركات اقتصادية مركزها إسرائيل".
اتهامات زيارة إسرائيل
وعن توقيع العقود باسم شركة نيسان اليابانية، علق بالقول: "القانون واضح، طالما يحمل الجنسية اللبنانية وسواء وقع بصفته الشخصية، أو كونه ممثلًا عن شركة أجنبية أو عربية تبقى المسؤولية قائمة عليه".
وبشأن الاتهامات المتعلقة به وفريق البلاغ بالعمل لصالح جهات بعينها، قال: " نحن مجموعة من المحامين نعمل بالشأن العام، ومنذ 6 سنوات أسسنا مجموعة لمتابعة الشأن العام في لبنان خصوصا قضايا الفساد المالي والسياسي والوطني، وهذه القضية جاءت انطلاقا من دوافع وطنية ليس أكثر، وليست موجهة لخدمة أجندة أو أي مؤسسة أخرى".
وبسؤاله عن إمكانية تسليمه للسلطات اليابانية، أجاب قائلًا: "المدعي العام التمييزي طلب نسخة من ملف التحقيق الياباني لدراسته، وليس هناك أي اتفاقية قانونية بين الجانبين وقرار التسليم ليس إلزاميًا".
وأكمل: "أعتقد أن الاتجاه السياسي في لبنان ونمط العلاقة الطائفية والسياسية يبدو أن هناك اتجاهًا رافضًا للتسليم، وفي حال ثبت جرمه للبنان الحق في محاكمته داخل الأراضي كونه حاملًا للجنسية اللبنانية".
لا مجال لإعادته
من جانبه قال الناشط السياسي اللبناني رياض عيسى، إن "غصن خضع للقضاء اللبناني بسبب ملفين، البطاقة الحمراء التي أرسلها الأنتربول للبنان، والثاني بشأن دعوى بعض المحامين الذين تقدموا بها ضد غصن بسبب دخوله الأراضي الفلسطينية عدة مرات متكررة بما يخالف الدستور اللبناني، والذي يعتبره جرم بعلاقته بالتطبيع".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "في حال مر 10 سنوات على دخول كارلوس غصن للأراضي المحتلة تسقط عنه كل التهم، أما إذا لم تمر هذه المدة الزمنية، سيكون تحت طائلة القانون اللبناني وسيعاقب".
وتابع: "القضاء اللبناني طلب التوسع في دراسة الملفات، وطلب المحامين جلب ملف التحقيقات الذي تم في اليابان".
وبشأن إمكانية إعادته لليابان، قال: "منعه من السفر من باب الاحتياط فقط، لكن من المستحيل إعادته مرة أخرى لليابان، خصوصا وأنه صرح في مؤتمره الصحفي عدم نيته السفر".
ومضى قائلًا: "ليس هناك اتفاقيات لتبادل المطلوبين بين لبنان واليابان، ووجود كارلوس غصن في بيروت يعتبر حماية له في هذه الفترة".
معاونة يابانية
من جانبه قال هشام الرجباني، المحلل السياسي المقيم في طوكيو، إن "مسألة تسليم كارلوس غصن إلى اليابان تعود للقضاء اللبناني، في ظل عدم وجود أي اتفاقيات بين طوكيو وبيروت بشأن تسليم المطلوبين قضائيًا".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "التحقيق مع غصن ومنعه من السفر إجراءات روتينية خاصة وأنه مطلوب على زمة قضايا في دولة أخرى، وغصن يرى أن القضاء اللبناني سيحترمه ويعامله بالطريقة التي تفترض برائته من التهم".
وتابع: "لا نعلم أيضًا ما إذا كان الجانب الياباني سيتعاون مع القضاء اللبناني، فالهدف الرئيسي لطوكيو استرجاع غصن ومحاكمته على أراضيها، الأيام المقبلة ستشكف طبيعة الموقف اللبناني، والحقيقة كاملة".
التحقيقات مع غصن
وكان القضاء اللبناني، قد أعلن اليوم الخميس، الانتهاء من جلسة الاستماع إلى مدير شركة "نيسان" اللبناني، كارلوس غصن، تحت إشراف المدعي العام غسان عويدات في لبنان.
وذكرت وكالة "النشرة" اللبنانية، نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية، أن القضاء اللبناني أصدر قرارا بمنع السفر بحق الرئيس التنفيذي السابق لشركة "نيسان" كارلوس غصن.
وأشارت الوكالة إلى أن قرار القاضي غسان عويدات، نص على ترك رجل الأعمال كارلوس غصن بسند إقامة في ملف النشرة الحمراء الصادرة عن الإنتربول، ويتم الاستماع إليه في هذه الأثناء في مكتب عويدات بخصوص ملف دخول الأراضي الإسرائيلية.
وألقي القبض على غصن، 65 عاماً، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، قبل أن يغادر السجن بكفالة قدرها مليار ين ياباني(ما يعادل 8.9 مليون دولار) في أبريل/نيسان الماضي، وشريطة أن يخضع لمراقبة مشددة.
ويواجه المدير السابق لشركة نيسان موتورز، اتهامات بالفساد المالي وخيانة الأمانة، بعد مزاعم بعدم الإفصاح عن نحو 82 مليون دولار من راتبه، وبتحويل خسائر مالية شخصية إلى حسابات "نيسان" خلال الأزمة المالية.
قضية التطبيع
وبعد انتشار خبر هروبه إلى لبنان، هاجمه ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي ووصفوه بـ "المطبع"، بعد تداول صور قديمة له لما قيل إنه لقاء بينه وبين الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز، ورئيس الحكومة الأسبق أيهود أولمرت، مع ربطها بتوقيع تحالف رينو- نيسان اتفاقًا لدعم مشروع إنتاج سيارات كهربائية في إسرائيل عام 2008، وفقا لبي بي سي.
ويحظر القانون اللبناني لمقاطعة إسرائيل الصادر عام 1955 في مادته الأولى "على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في اسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها وذلك متى كان موضوع الاتفاق صفقة تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أياً كانت طبيعته".
ولا تعترف الدولة اللبنانية بإسرائيل وتمنع، بموجب هذا القانون، مواطنيها من زيارتها، وتم توقيف لبنانيين في الماضي بتهمة زيارة إسرائيل من بينهم فنانون.
وتلقى لبنان طلباً من "الإنتربول" لاعتقال غصن وتسليمه، لكن وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال ألبيرت سرحان قال إنه إذا طلبت اليابان تسليم غصن، فإن لبنان سوف يرفض ذلك ويحيل الاتهامات إلى القضاء.
سبوتنيك