من دون مقدمات، وبشكل مفاجئ، اختفت إنفلونزا الخنازير. منذ أيام لم تسجل أي إصابة جديدة. يقول البعض إن كمية الأمطار التي هطلت خلال المنخفض الأخير ساهمت في القضاء على هذا الوباء الموسمي، وأبعدته عن أجسادنا، فيما يرى آخرون أن موسمه قد انتهى، بعد أن حصد 9 وفيات، وزهاء 400 إصابة
مساعد الأمين العام لشؤون الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة، مسؤول ملف رصد الحالات عدنان إسحاق يقول إن هطل الأمطار ساهم بشكل كبير في الحد من حالات الإصابة . المسؤول نفسه يؤكد أن هناك إصابات مشتبها بها، لكن لم يثبت بالفحص إصابتها بالفيروس
في شتاء كل عام، يعيش الأردنيون حالة ممتدة من القلق جراء انتشار هذا المرض في جميع البيئات والمحافظات تقريبا، وهو المرض الذي تعرفه وزارة الصحة بأنه إنفلونزا موسمية . وفي كل عام، أيضا، وبشكل مفاجئ تماما، تتحول نسبة الإصابات به إلى الصفر من دون أن تمر بالخفوت التدريجي، والمبرر الدائم لهذا الانتهاء هو أن ذروته تأتي في الشهر الأخير من كل عام
بعض المشككين، والذين لا ينظرون بعين التسامح نحو تجارة الأدوية، يقولون إن الهدف من وراء تعظيم تأثير هذا المرض وانتشاره، هو محاولة تسويق المطعوم الخاص به وبيعه بالكامل قبل انتهاء مدة صلاحيته، خصوصا حين نعرف أن مدة صلاحية المطعوم سنة واحدة فقط، وذلك لأن منتجي الأدوية يطورون عليه كل عام نتيجة تطور الفيروس
يمكن لمقولات مثل هذه أن تمتلك فرصة لأن تكون حقيقية، إذ لا يمكن إنكار أنه وفور الإعلان عن وفيات وإصابات بإنفلونزا الخنازير كان الأردنيون يتهافتون من كل حدب وصوب على الصيدليات من أجل شراء هذه المطاعيم، حتى نفدت الكميات الموجودة في المستودعات. هذا ما يقوله المشككون بالأمر، لكن المؤسف أنه ما من أحد يمتلك دليلا واحدا على ذلك
ورغم محاولاتها العبثية في إقناع الناس حينها بأن هذه الإنفلونزا موسمية، وأنه لا خطر منها، إلا أن وزارة الصحة استسلمت للتدفق الكبير على شراء المطعوم، وسارعت إلى الضغط من أجل تخفيض أسعاره إلى النصف، ففي حين كان سعره قبل تخفيضه 11 دينارا، فإن جهود الوزارة أثمرت عن أن يصل السعر إلى خمسة دنانير ونصف!
إذا كان السعر المخفض قد جلب أرباحا إلى تجار الأدوية، فالسؤال المحوري هنا: كم كانت نسبة الربح المحققة إذا ما تم بيعه بسعره القديم؟!
سنحتكم إلى العقل والمنطق والمسؤولية، ونقول إن هذا محض افتراء، فلا يعقل أن تقبل وزارة الصحة بمثل هذه المؤامرة على المواطنين من أجل تحقيق ربح مالي لشركات مستوردة لهذا المطعوم. فمهام هذه الوزارة أسمى من ذلك بكثير
لكن على الوزارة أن تخرج بإجابات واضحة حول كل التساؤلات التي تطرح بشأن الاختفاء السريع والمفاجئ للمرض، وأن تجري تحقيقا في تزامن اختفاء الفيروس بذات الفترة التي فرغت المستودعات والصيدليات من المطعوم. ربما الربط بين طرفي هذه المعادلة وقياس نتائجها مقارنة مع إحصائيات الأعوام السابقة وزمن انتهاء المرض والمطعوم. ذلك قد يعطينا إجابة واضحة حول ما إذا كان الأمر محض تجارة وتسويق، أم أن الشعب يظلم الأطراف ذات العلاقة، وأن عليه أن يسارع دوما لشراء المطاعيم خوفا من إصابة قد تهدد حياته!
الغد