مدار الساعة - “الأمومة عبودية..والأطفال قيود..والأسرة سجن..والرجل عدو” ..أفكار ومواقف تدور منذ أربعة عقود داخل تيارات في الحركة النسوية، وسعي لتفكيك الأسرة أول وأقوى وأهم مؤسسة أنشأها الإنسان منذ خطواته الأولى على الأرض، فقد تحولت الحركة النسوية التي جاءت بداياتها الأولى في القرن السادس عشر، من تيار يطالب بتحقيق المساواة بين المرأة والرجل، والحصول على حقوق المرأة المدنية والسياسية، إلى أفكار ورؤى أخرى تعادي الأسرة والأمومة، وأن تكتفي المرأة بالمرأة بعيدا عن مركوز الفطرة وطبيعة الإنسانية، وهو ما جعل النسوية أو “فيمينزم” تيار يعادي الدين والفطرة والتاريخ.
ويأتي كتاب “فمينزم: الحركة النسوية مفهومها، أصولها النظرية، وتياراتها الاجتماعية” تأليف نرجس رودكر، تعريب هبه ضافر، والصادر نهاية عام 2019 في 372 صفحة عن المركز الإسلامي في بيروت، ضمن سلسلة مصطلحات معاصرة، متناولا المصطلح بكثير من الإحاطة والتفصيل، فهو أشبه بالخريطة الواجب على المتصدرين للعمل الديني والاجتماعي في جانب المرأة أن يدركوا طبيعة التحول في التيار النسوي، ومدى الخطورة التي يشكلها على مستقبل الإنسان، عندما تتحول “النساء من شقائق للرجال”[1] إلى الشقاق مع الرجال.
مصطلح “فيمينزم” يرتبط بالفكر والسياق الغربي ووضعية المرأة داخله، ويتسم بالتنوع الواسع نظرا لاختلاف التجارب الغربية، والفترة الزمنية الطويلة التي تطور فيها، والتي تقترب من القرنيين، وكذلك الفلسفات المختلفة والمتناقضة التي رعت المفهوم أو نقدته، والمناهج والفلسفات التي لجأ إليها لطرح أفكاره، وهو ما يُصعب وضع مفهوم محدد للـ “فيمينزم” لأنها نظرية وحركة متغيرة في مسارها ومختلفة عن بداياتها، فحتى العام 1920[1]، عبرت النسوية عن نهضة اجتماعية في المطالبة بحقوق المرأة، لكنها منذ العام 1970 سعت لتكون نظرية اجتماعية.
مارس عصر النهضة الأوروبية ضغطا على المرأة، وأمام هذا التوجه الإقصائي للمرأة أخذت بعض النساء تدافع عن حقوقهن ومساوتهن، فقد أدت الثورة الصناعة إلى تغيرات مجتمعية طالت المرأة، وتشكلت علاقة الرجل والمرأة على أساس اعتماد المرأة على الرجل وانصراف المرأة لشئون المنزل، أي الرجل المُعيل والمرأة مدبرة المنزل، فكان خروج المرأة للعمل اعتداء على خصوصة الرجل، وتباينت الأجور بين الرجال والنساء، فكانت المرأة تحصل على نصف أجر الرجل، لذا اعتبر بعض المؤرخين حرية المرأة أحد أعراض وآثار الثورة الصناعية.