بقلم: د.سامي علي العموش
شهدت الأيام الأخيرة تصعيداً غير مسبوق ما بين الولايات المتحدة وايران ابتداءً من مقتل المتعهد الأمريكي والرد الأمريكي ثم محاصرة السفارة الامريكية..
هذا التصعيد وصل الى حدود غير مسبوقة والتي اعتدنا عليها سابقاً في التعامل الأمريكي الإيراني فجاء الرد الأمريكي باغتيال قاسم سليماني، وقد يثار سؤال لماذا هذا التوقيت في اغتيال سليماني؟ والجواب بسيط جداً بأن العلاقة الامريكية الإيرانية كان لها ثوابت متعارف عليها لا يتجاوزها أي طرف من الأطراف فالمناورة محسومة ومحددة وعليه لم يتم اغتيال سليماني منذ زمن طويل في أماكن متعددة مثل سوريا أيام عماد مغنية، إلا أن الأمور تجاوزت الحدود المرسومة من قبل الامريكان فكان لا بد من رد تكون فيه الرسالة قد وصلت الى الإيرانيين بأننا قادرون وعلى الطرف الثاني تفهمها واستيعابها والبناء عليها، كون أن الامريكان لا يقدمون على فعلٍ بدون حسابات خاصة ودقيقة ومن هنا فإن سيناريوهات الرد الإيراني وإن ظهرت في جمل، بأن الرد سيكون مزلزلاً بالنسبة للأمريكان الا انني أكاد اجزم بان هذا الجواب هو وجه لإقناع الشارع الإيراني والاذرع التي تنتمي الى ايران في مناطق مختلفة.
فالرد لن يستطيع الوصول الى العمق الأمريكي كون أن إمكانيات ايران لا يمكن ان تقارن مع الولايات المتحدة فقضية أن تكون هناك حرب عالمية هذا احتمال غير وارد على الاطلاق.... من يلاحظ بأن ايران بدت تعد عدتها لتقديم شكوى لدى الأمم المتحدة ومجلس الامن يُفهم عملياً بأن من يتجه الى مثل هذه الخيارات لا يملك الرد المزلزل، وانما سيكون هنالك رد ضمن مناطق النفوذ الأمريكي ذات الطابع المصلحي سواء على قواعد او أماكن او سفن اذن فالرد سيكون محدوداً مناطقياً ولن يستدعي كل هذا الهلع والخوف، ولنقراً ما بين السطور بأن الرسالة الامريكية الى ايران بأن يكون الرد بحجم سليماني لا أكثر، وهذا دليل على أن هنالك تفاهمات ما بين إيران والولايات المتحدة ويفهم منها ما يفهم حول هذا الرجل فقد تجاوز الحدود وأصبح صاحب مشروع خارجي، وكان لابد من تصفيته لأنه وصل الى مرحلة تهديد لكلا الطرفين فبالداخل هو الرجل القوي وصاحب الكلمة ويفرض الحلول على القيادة السياسية وفي الاطار الإقليمي لا يشك اثنان بأن له اليد الطولى فالعراق، ويفرض ما يريد وكذلك في سوريا ولبنان من خلال اذرعه (حزب الله) وحماس وفي اليمن وأفغانستان وأماكن أخرى، وعلى الجانب الاخر الدولي، فأصبح سليماني يهدد مصالح كثيرة للولايات المتحدة وغيرها من القوى إذن الصراع صراع مصالح ونفوذ على مناطق يتقاسمون من خلالها الاقتطاع من الكيكة العالمية.
اعتقد بأن قادم الأيام سيحمل ردود متفاوتة هنا وهناك ، الا انها لا ترتقي الى مستوى حرب ما بين الولايات المتحدة وايران فهناك قضايا متفق عليها وقد يعمد الإيرانيون الى تأجيل الرد على أن يكون مقابله تنفيذ بعض المصالح لهم ومهما يكن من حديث فالأمريكيون لن يتخلوا عن دورهم في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط كونها مناطق نفوذ ومصالح اقتصادية وعسكرية بالمقابل سيكون هنالك دور لإيران كالشرطي الذي يتقاضى اجراً مقابل القيام بواجبات معينة وهناك تصورٌ آخر لتغير طبيعة الدور الإيراني بناء على مقتضيات جديدة تفرضها ظروف المنطقة وطاولة الحديث بأن المعطيات التي كانت سابقاً مطلوبة قد تكون غير مقبولة الآن أو تتطلب التطوير والتصحيح مما يعني بروز شرق أوسط جديد يعطي كل المنطقة خصوصية خاصة بها ودور اقتصادي وعسكري بناء على التفاهمات وبناء على تقسيم أماكن النفوذ حيث يغدوا العالم عالماً جديداً يمكن النظر اليه من زاوية المصالح الاقتصادية واستيعاب ديمغرافية السكان.