الحاكمية الرشيدة هي التي تبين وتوضح إدارة الدولة والمجتمع وهي المحدد الأساسي للتنمية الاقتصادية القابلة للتطبيق والاستمرار ولكل السياسات الناجحة، ولا ينفك أو يبتعد عنها جودة الجودة ونوعيتها، والكفاءة والفاعلية داخل مؤسسات الدولة ومنظماتها الحكومية والخاصة والمجتمعية. الحكم الراشد الرشيد يجب أن يتوافق مع مفاهيم جديدة في المشاركة والتكافؤ وبناء المجتمع المدني، والأخذ الجاد بأهمية مشاركة الناس في مجتمعهم بشكل فاعل وحقيقي عبر تطوير آليات حديثة ومتطورة للممارسة، الى جانب دعم المؤسسات المعنية بنهضة المجتمع، وتعويد الناس على رقابة حكوماتهم، وتشجيع المبادرات والأفكار التي تصدر عن الافراد ومنظمات المجتمع، ودعم مبدأ حق جميع الناس في الارتقاء وتحسين أوضاعهم دون تمييز على أساس الدين أو العرق أو الفئة، واحترام مبدأ المساواة والاندماج الاجتماعي، عبر منظومة من القوانين التي تدعم العدالة وتكافؤ الفرص، وأن القانون يطبق على الجميع، انطلاقا من حقوق الإنسان المكفولة حسب نصوص معظم الدساتير المعمول بها.
وهنا فانه على الحكومات ان تعمل على تطبيق المساءلة والشفافية والديمقراطية، من أجل الحصول على ثقة الناس الذين يجب ان يحسو عملياً ان هذه الحكومات تمثلهم وتعبرعن تطلعاتهم، وخصوصاً اذا انتهجت هذه الحكومات مبدأ الانفتاح والمسائلة والشفافية، والذي يؤدي حتماً الى محاربة الفساد، وتيسير حرية المعلومات والإعلام.
والاهم من كل ذلك وجود استرتيجية دولة لا استراتيجية حكومة أو اشخاص في هذه الحكومة أو تلك, متوافقة مع استراتيجية صانع القرارفي الدولة وتكون رؤيتها متوازية مع واقع الدولة والمعطيات الاجتماعية والاقتصادية، ضمن خصوصية المجتمع وتوجهاته، حتى نصل الى التوافق الوطني على نهج واحد لمستقبل الوطن ونهضته, ضمن أسس تشمل القيم السياسية والاجتماعية والمدنية والاقتصادية والثقافية التي يجب أن تتوافر في نظام الحكم الرشيد, وهنا أقول أن الحريات المعلنة والتي توفرها بطريفة ما بعض الحكومات يجب ان لا ينخدع بها الناس بدون وجود وتفعيل للقوانين الرادعة للفساد والفاسدين. وعليه يمكن القول أن الحكم الرشيد هو النظام الامثل في عالم السياسة والاقتصاد والادارة وعلم الاجتماع وحقوق الانسان, وهذا يعتمد على نظام متكامل لا يتجزأ وذلك في كلاً من المشاركة، والمساءلة، والشفافية، وسيادة القانون، والفاعلية، والإنصاف والعدل, وهذه كلها لا يمكن أن تستوي الا بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني وبما لا يعني التقليل من دور الدولة بل تغيير دورها. هكذا يجب الاسراع بايجاد هذا النظام السياسي الذي يتلائم ويتوافق مع متطلبات الشباب من الاجيال المعاصرة والعالمية لحقوق الإنسان.