انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مختارة مقالات مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة

«حماية الصحفيين» يرصد أعلى نسبة خطاب كراهية في التغطيات الإعلامية بـ«سيدتي جرش والزرقاء»

مدار الساعة,أخبار الأردن,اخبار الاردن,مجلس النواب,مجلس الأعيان
مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/23 الساعة 09:34
حجم الخط

- ثلاثة خطابات كراهية ضد الأم المعتدية على رضيعتها ومؤسسات المجتمع المدني.

- أعلى نسبة خطاب كراهية في التغطيات الإعلامية منذ حزيران الماضي.

مدار الساعة - كشف تقرير الرصد الشهري لخطاب الكراهية في الإعلام الأردني لشهر تشرين الثاني الماضي الصادر عن مركز حماية وحرية الصحفيين اليوم عن رصد وتوثيق ثلاثة خطابات كراهية بثها نائب واحد وصحفيان.

وقال التقرير الذي رصد خطاب الكراهية والتحريض في قضيتي فقء عيني سيدة جرش واعتداء أم على رضيعتها في الزرقاء اللتان شهدهما الأردن الشهر الماضي، إن نائبا بث خطاب كراهية في موقع إلكتروني ضد مؤسسات المجتمع المدني اتهمها بمهاجمة الدين الإسلامي وقانون الأحوال الشخصية، فيما بثت كاتبة صحفية في صحيفة يومية واسعة الانتشار خطاب تحريض وعداوة وكراهية ضد الأم التي اعتدت على طفلتها، فيما بث موقع إلكتروني يتبع لفضائية تلفزيونية خطاب كراهية ضد ذات الأم اعتمادا على ما بثه نشطاء على منصة الفيسبوك.

وأشار التقرير إلى أن حادثة فقء عيني المرأة في جرش ظلت بعيدة عن خطاب الكراهية وإن أظهرت تنميطا لصورة المرأة الضعيفة والمستسلمة لقدرها ولعنف زوجها، الذي تمت مهاجمته هو الآخر، إلا أنه ظل خارج الأضواء ولم يظهر نهائيا في مشهد تداعيات القضية، تماما كما لم يظهر زوج السيدة الأم التي اعتدت على طفلتها، فقد ظل الزوجان مختفيان تماما عن وسائل الإعلام لتبقى السيدتان هما من يتلقى تغطيات الإعلام وتعليقات الجمهور، واحدة تتلقى الدعم والمؤازرة وأخرى تتلقى الاتهام والتحريض عليها، فيما تلقت مؤسسات المجتمع المدني وجبة من التحريض وخطاب الكراهية والاتهام.

وأوضح التقرير الذي يعتمد في رصده على 14 وسيلة إعلامية (4 صحف يومية و10 مواقع إلكترونية) أن ما يمنح السياق صفة التحريض والعداوة والكراهية أن توقيت النشر جاء في بيئة متفاعلة مع الحدث، ولدى جمهور غاضب ومستفز، فضلا عن البيئة السياسية التي دفعت بالنائب بث خطاب تحريض وكراهية ضد مؤسسات المجتمع المدني من خلال توظيف الدين في التحريض عليها ولدى نوع من الجمهور لا يشعر بالصداقة والثقة مع مؤسسات المجتمع المدني.

وأشار التقرير أن نتائج الرصد والتوثيق التي ينفذها فريق مختص في المركز قد أكدت على مصداقية الفرضية التي تقول إن أكثر الجهات إنشاء وبثا لخطاب الكراهية هم الصحفيون والسياسيون بسبب ما يتوافر لديهم من منابر سياسية وإعلامية مفتوحة أمامهم، يجعلهم يقفون عادة في رأس قائمة منشئي ومذيعي خطاب التحريض والعداوة والكراهية.

ومن حيث توافر النية أشار التقرير إلى أن منشئي خطاب التحريض والكراهية استغلوا البيئة السياسية والاجتماعية التي توافرت لدى اقتراف الجريمتين لبث خطابهم، وقد ظهرت قصدية التحريض وبث الكراهية والعداوة واضحة من خلال التوصيفات التي تم صرفها للأم ولمؤسسات المجتمع المدني، كما تم بث هذا الخطاب في جمهور مستفز وواسع، وفي وسائل إعلامية مباشرة ومفتوحة مما حقق شرط علنية الخطاب واحتمالات تأثيراته الواسعة في جمهور لا يملك وسائل التصدي لمثل هذا الخطاب التحريضي.

ومن حيث الأرجحية قال التقرير إن أخطر ما يمكن احتماله في خطاب الكراهية في هاتين الحادثتين هو التحريض على مؤسسات المجتمع المدني الذي ظهر في خطاب النائب لكونه ربط وجودها ونشاطها بالتمويل الخارجي وبالدين الإسلامي، وبقانون الأحوال الشخصية الذي يستمد معظم مواده من الشريعة الإسلامية.

وأضاف أن هذا الخطاب قد يؤدي إلى ردات فعل من بعض الجمهور قد تصل إلى حالة الخطر، وقد يدفع بالحكومة إلى اتخاذ قرارات قد تعرقل عمل مؤسسات المجتمع المدني، ومن المرجح أن تتعرض تلك المؤسسات إلى حملات شعبية تنال من سمعتها ومن مركزها القانوني، مما سيؤثر سلبا على عملها، فيما سيظل التحريض على كراهية الأم المعتدية على مرضعتها في مكانه ولن يتجاوزه، وسيبقى محصورا في عدم خلق بيئة اجتماعية متعاطفة معها.

وأشار التقرير إلى أن فريق الرصد والتوثيق رصد 142 مادة تم نشرها في عينة الرصد خلال شهر تشرين ثاني نوفمبر الماضي، بلغت نسبة خطاب الكراهية والتحريض فيها (2.1 %) وهي أعلى نسبة خطاب كراهية يتم رصدها وتوثيقها منذ انطلاق مشروع الرصد والتوثيق في شهر حزيران يونيو 2019.

وتالياً أبرز ما جاء في التقرير...

لعل أبرز ما شهده الأردن من أحداث اجتماعية "جرمية" في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2019 حادثتي اعتداء زوج على زوجته في جرش وفقء عينيها، وحادثة ضرب أم لطفلتها الرضيعة في الزرقاء، وهما أكثر حادثتين شهدتا تعاطفا وردات فعل من الجمهور تجاه رفض وإدانة واستهجان ما جرى لما بات يعرف بـ "سيدة جرش" و"طفلة الزرقاء".

وكنا في مركز حماية وحرية الصحفيين قد تناولنا في تقريرين منفصلين تقييم كيفية تعامل وسائل الإعلام في عينة الرصد مع هاتين الحادثتين استنادا لاختبارات المصداقية التي يعتمدها فريق الرصد والتوثيق في المركز لتقييم التغطيات الإعلامية كما ونوعا.

وآثر فريق الرصد أن يعود في تقريره الشهري "تقرير شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2019" لتفحص ورصد وتوثيق خطاب الكراهية في تغطيات الإعلام لهاتين الحادثتين وعلى مدى الشهر، للكشف عما إذا تضمنت التغطيات خطاب كراهية وتحريض وتمييز وفقا للمنهجية التي يعتمدها فريق الرصد المستندة أساسا لخطة عمل الرباط، وبمعاييرها الست.

عينة الرصد والتوثيق

تتكون عينة الرصد التي يعتمدها فريق الرصد والتوثيق في مركز حماية وحرية الصحفيين من 14 وسيلة إعلامية منها أربع صحف يومية ورقية هي (الرأي والدستور والغد والأنباط)، وعشرة مواقع إلكترونية هي (عمون، وجو24، وجفرا، ورؤيا، وسرايا، وسواليف، ومدار الساعة، والبوصلة والسبيل ووكالة رم).

وتغطي المساحة الزمنية لعملية الرصد من 1 ــ 30 /11/2019.

المنهجية:

الخط الملتبس بين حرية التعبير وخطاب الكراهية:

لا يزال مفهوم خطاب الكراهية ملتبسا تماما لتداخله العميق مع خطاب التعبير والرأي، وهذا ما يجعل من عملية الفصل بين الخطابين عملية شاقة وخطرة في نفس الوقت.

وبالرغم من أن (المادة 2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصت على منع التمييز من أي نوع ولا "سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر"، فإن (المادة 19) من الإعلان العالمي نصت على أن "لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود ".

وبحسب الفقرة (1) من (المادة 27) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فان "لكلِّ شخص حقُّ المشاركة الحرَّة في حياة المجتمع الثقافية، وفي الاستمتاع بالفنون، والإسهام في التقدُّم العلمي وفي الفوائد التي تنجم عنه".

ولم يجز الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في (المادة 30) لأية "دولة أو جماعة، أو أيِّ فرد، أيَّ حقٍّ في القيام بأيِّ نشاط أو بأيِّ فعل يهدف إلى هدم أيٍّ من الحقوق والحرِّيات المنصوص عليها فيه"[1].

وفي الوقت الذي منحت فيه (المادة 19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتفريعاتها "الحق لكل إنسان في "اعتناق آراء دون مضايقة"، والحق "في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها"، فإنها قيَّدت هذا الحق بواجبات ومسؤوليات خاصة أجازت فيها "إخضاعها لبعض القيود شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، ولحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة "[2].

وحظرت الفقرة (2) من (المادة 20) من العهد الدولي وبالقانون "أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف "، كما حظرت (المادة 26) من العهد وبالقانون "أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب".

خطاب الكراهية محليا:

لم ترد كلمة "الكراهية" وامتداداتها اللغوية في الدستور الأردني نهائيا، وباستثناء استخدامه لكلمة "تمييز" مرة واحدة فقط في الفقرة (1) من (المادة 6) فان مثل هذه الدلالات خلت تماما من النص الدستوري.

رفض الدستور الأردني في الفقرة (1) من (المادة 6) أي تمييز بين الأردنيين "في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين"، حيث تمارس في هذه النطاقات الثلاث على المستوى العالمي جرائم الكراهية والتحريض على العنف والإرهاب وإلغاء الآخر، وانتهاك حرية الرأي والتعبير والمعتقد.

وكفل الدستور الأردني في الفقرة (1) من (المادة 15) حرية الرأي، مانحا لكل أردني الحق بأن" يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون ".

وباشتراط "حدود القانون" في النص الدستوري فإن تحديد هذه الحرية ظل منوطا بغايات المشرع، الذي اعتمد على الاستثناءات الواردة في الشرعة الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وغيرها من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

إن كلمة "الكراهية" نصا لم ترد أيضا في قانون العقوبات الأردني لسنة 1960 وتعديلاته، لكون هذه الكلمة ودلالاتها لم تكن ضاغطة وحاضرة وتمثل مشكلة قانونية واجتماعية وحقوقية في حينه، حيث اكتفى قانون العقوبات في (المادة 150) باعتماد نص فضفاض نص على "كل كتابة وكل خطاب أو عمل يقصد منه أو ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة يعاقب عليه بالحبس مدة ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسين دينارا )[3].

إن خطاب الكراهية بمفهومه غير المحدد أمميا حتى الآن يختلف في مفهومه ومضمونه عن جرائم الذم والقدح والتحقير، أثناء رصد وتقييم خطاب الكراهية الذي يتجاوز بمفهومه وأثره هذه الجرائم الثلاث الواضحة في قانون العقوبات.

خطاب الكراهية في مبادئ كامدن[4]:

وضعت وثيقة مبادئ كامدن تعريفا لخطاب الكراهية أصبح من أكثر التعريفات شيوعا على المستوى العالمي، بالرغم من أنه لا يزال هو الآخر تعريفا قاصرا وفضفاضا، إلا أن هذه المبادئ اعتبرت حدا فاصلا بين حرية التعبير المشروع، وحرية التعبير حين يتحول إلى خطاب كراهية.

بحسب مبادئ كامدن فإن خطاب الكراهية هو "حالة ذهنية تتسم بانفعالات حادة وغير عقلانية من العداء والمقت والاحتقار تجاه المجموعة أو الشخص المحرض ضده ".

ونصت مبادئ كامدن في (المادة 12) على وجوب أن "تتبنى جميع الدول تشريعا يمنع أي دعوة للكراهية على أساس قومي أو عرقي أو ديني مما يشكل تحريضا على التمييز أو العداء أو العنف" خطاب الكراهية".

واشترطت أن توضح الأنظمة القانونية الوطنية بشكل صريح أو عبر تفسير رسمي أن كلمة الكراهية والعداء تشير إلى مشاعر قوية وغير عقلانية من الازدراء، العداوة، أو البغض تجاه المجموعة المستهدفة، وإن كلمة "دعوة " تعني وجود نية لترويج البغض للفئة المستهدفة وبطريقة علنية.

واعتبرت مبادئ كامدن "إن كلمة تحريض تشير إلى التصريحات حول المجموعات القومية أو العرقية أو الدينية والتي تؤدي إلى خطر وشيك لوقوع التمييز أو العدائية أو العنف ضد أشخاص ينتمون إلى هذه المجموعات" مستثنية أي ترويج ايجابي لهوية مجموعة معينة من اعتباره خطاب كراهية[5].

منهجية الرصد في تحديد خطاب التمييز والتحريض والكراهية:

يؤكد فريق الرصد في مركز حماية وحرية الصحفيين على التزامه بمبادئ خطة عمل الرباط الست باعتبارها المعايير الأكثر قبولا على المستوى الأممي لكونها صيغت بتقنية عالية وواضحة للمساعدة في الفصل ما بين خطاب حرية الرأي والتعبير وخطاب الكراهية.

واشترطت خطة عمل الرباط حتى يكون أي خطاب هو خطاب كراهية أن تتوافر فيه الِحدَّةَ لكونها الاعتبار الذي تستند إليه معاييرها الست، كما وينبغي أن يشير التحريض على الكراهية إلى أكثر أشكال الازدراء حدّة وتأثيرًا في النفس.

ولغايات تقييم حدة الكراهية شددت خطة عمل الرباط على ضرورة أن يشمل التقييم قساوة ما يُقال أو الضرر الذي يُدعى إليه، ودرجة تواتر الاتصالات وحجمها ومداها.

أما المعايير الست التي وضعتها خطة عمل الرباط فهي:

1 ــ السياق: ويقصد به التعبيرات والكلمات التي تتضمن:

  • التحريض على التمييز أو العداوة أو العنف ضدّ المجموعة المستهدَفَة.
  • أن يكون لها تأثير مباشر على النية و/أو العلاقة السببية على حدّ سواء. مشترطة مراعاة الوضع الاجتماعي والسياسي السائد عند صدور الكلام ونشره.

2 ــ المتحدث أو منشئ الخطاب:

  • وضعه الاجتماعي ومركزه القانوني.
  • حالته في المجتمع، وإن كان سياسيا او حزبيا أو مسؤولا.. الخ

3 ــ النيّة:

  • افتراض توافر النية في الدعوة للتحريض التزاما بنص المادة 20 من العهد الدولي.
  • اشتراط تفعيل العلاقة ثلاثية الزوايا بين غَرَض الخِطاب وموضوعه وجمهور السامعين عند معالجة الحالة.

4 ــ المحتوى أو الشكل:

  • مدى قصديته المباشرة.
  • مدى استفزازه المباشر للجمهور.
  • التركيز على الشكل والاسلوب والأمثلة والحجج المستخدمة.

5 ــ مدى الخطاب:

  • تأثير الخِطاب.
  • طبيعته العامة.
  • حجم جمهوره.
  • علنية الخطاب.
  • وسائل النشر.
  • حجم ردات الفعل.
  • فيما إذا كان لدى الجمهور وسائل للتصدي للتحريض.
  • ما إذا كان البيان (أو العمل الفني) قد عُمِّم في بيئة محصورة أم مفتوحة على نطاق واسع لعامة الناس.

6 ــ الأرجحية:

  • مدى احتمالية تأثير الخطاب لاحقا.
  • ترجيح مدى الخطر الذي يمكن أن ينتج عنه.
  • مدى نجاحه أو فشله ضد المجموعات المستهدفة باشتراط مراعاة أن يكون هذا الخطاب مسببا لردة فعل مباشرة.

واعتمد فريق الرصد وضع جدول تضمن المعايير الست لخطة عمل الرباط ووزن ما ورد في المواد الصحفية بميزان هذه المعايير التي ساعدت تماما في تحديد وتصنيف الموضوعات التي تجاوزت الحد الفاصل بين خطاب التعبير إلى خطاب الكراهية والتحريض والتمييز.

نتائج الرصد:

قام فريق الرصد والتوثيق في مركز حماية وحرية الصحفيين بتوثيق ورصد 142 مادة تم نشرها في عينة الرصد خلال شهر تشرين ثاني نوفمبر الماضي، بلغت نسبة خطاب الكراهية والتحريض فيها (2.1 %) وهي أعلى نسبة خطاب كراهية يتم رصدها وتوثيقها منذ انطلاق مشروع الرصد والتوثيق في شهر حزيران يونيو 2019.

1 ــ السياق:

لاحظ فريق الرصد والتوثيق في مركز حماية وحرية الصحفيين أن حادثة اعتداء الأم على طفلتها في الزرقاء قد أنتجت خطاب كراهية ضد الأم في مقالة واحدة، وفي تقرير واحد اعتمد على الفيسبوك بانتقائية بدت واضحة بنشر كل من هاجم الأم، كما دفع اعتصاما لمناصرة سيدة جرش بنائب إلى إصدار خطاب كراهية وتحريض ضد مؤسسات المجتمع المدني، إلا أن حادثة فقء عيني المرأة في جرش ظلت بعيدة عن خطاب الكراهية وإن أظهرت تنميطا لصورة المرأة الضعيفة والمستسلمة لقدرها ولعنف زوجها، الذي تمت مهاجمته هو الآخر، إلا أنه ظل خارج الأضواء ولم يظهر نهائيا في مشهد تداعيات القضية تماما كما لم يظهر زوج السيدة الأم التي اعتدت على طفلتها، فقد ظل الزوجان مختفيان تماما عن وسائل الإعلام لتبقى السيدتان هما من يتلقى تغطيات الإعلام وتعليقات الجمهور، واحدة تتلقى الدعم والمؤازرة وأخرى تتلقى الاتهام والتحريض عليها، فيما تلقت مؤسسات المجتمع المدني وجبة من التحريض وخطاب الكراهية والاتهام.

وفي مجمل السياق فقد ظهر التحريض على العداوة والكراهية واضحا في المقالة التي كتبتها سيدة وتتهم فيها الأم المعتدية على ابنتها بأنها فاقدة لقدسية الأمومة، وفي التقرير الصحفي الذي نشرته فضائية رؤيا معتمدة فيه على ما نشره نشطاء على الفيسبوك متضمنا مادة مطولة في مهاجمة الأم وشيطنتها والتحريض عليها ورفع منسوب العداوة والكراهية ضدها.

وما يمنح السياق صفة التحريض والعداوة والكراهية أن توقيت النشر جاء في بيئة متفاعلة مع الحدث، ولدى جمهور غاضب ومستفز، فضلا عن البيئة السياسية التي دفعت بالنائب "صالح العرموطي" لبث خطاب تحريض وكراهية ضد مؤسسات المجتمع المدني من خلال توظيف الدين في التحريض عليها ولدى نوع من الجمهور لا يشعر بالصداقة والثقة مع مؤسسات المجتمع المدني.

2 ــ المتحدث أو منشئ الخطاب:

أنشأ نائب واحد وصحفيان خطاب تحريض وعداوة وكراهية ضد الأم التي ضربت رضيعتها وضد مؤسسات المجتمع المدني، مما يعزز القاعدة التي تفترض أن السياسيين والصحفيين هما أكثر الجهات إنشاء وبثا لخطاب الكراهية.

وبسبب توفر المنابر السياسية والاعلامية المفتوحة أمام السياسيين بمن فيهم البرلمانيين، والصحفيين فإنهم يقفون عادة في رأس قائمة منشئي ومذيعي خطاب التحريض والعداوة والكراهية.

3 ــ النيّة:

استغل منشئو خطاب التحريض والكراهية البيئة السياسية والاجتماعية التي توافرت لدى اقتراف الجريمتين لبث خطابهم، وبتوافر النية وفقا للسياق العام للخطاب.

ويتضح من الخطاب تلازم ثلاثية الغرض من الخطاب "التحريض على الأم وعلى مؤسسات المجتمع المدني"، والموضوع، والجمهور الذي كان مستفزا وتفاعل مع الأحداث كل بطريقته.

4 ــ المحتوى أو الشكل:

ومن حيث المحتوى والشكل فقد ظهرت قصدية التحريض وبث الكراهية والعداوة واضحة من خلال التوصيفات التي تم صرفها للأم أو لمؤسسات المجتمع المدني.

هذه القصدية المباشرة تم التعبير عنها من خلال مقالة صحفية نفت عن الأم صفة "قدسية الأمومة"، فيما ذهب التقرير الصحفي الذي اعتمد على الفيسبوك لنشر كل ما من شأنه شيطنة الأم والتحريض عليها ورفع منسوب الكراهية والعداوة والتحريض ضدها، بينما ذهب تحريض النائب على مؤسسات المجتمع المدني إلى استخدام الدين الإسلامي كأحد أهم ما يمكن أن يثير الجمهور ضد هذه المؤسسات، وربط وجودها بتمويلها الخارجي وبكل ما يعني ذلك من اتهامات مفتوحة.

وتم بث هذا الخطاب ــ كما أشرنا سابقا في جمهور مستفز مما يعزز من مواقفه العدوانية ضد فعلة الأم وضد مؤسسات المجتمع المدني على حد سواء.

5 ــ مدى الخطاب:

تم بث الخطاب في جمهور واسع وفي وسائل إعلامية مباشرة ومفتوحة مما حقق شرط علنية الخطاب واحتمالات تأثيراته الواسعة في جمهور لا يملك وسائل التصدي لمثل هذا الخطاب التحريضي.

وقد بث هذا الخطاب في وسائل إعلامية واسعة الانتشار "موقع إلكتروني، وصحيفة يومية، وموقع فضائية تلفزيونية"؛ مما ساهم في انتشار الخطاب ووصوله إلى شرائح واسعة من الجمهور، كما أنه تم بثه في بيئة اجتماعية متأثرة بالحادثتين، بين مؤيد لسيدة جرش، وبين معادٍ لأم الطفلة الرضيعة، وبين كارهين للاعتصام الذي نفذته مجموعات من مؤسسات المجتمع المدني للتعاطف مع سيدة جرش ورفعت في الاعتصام شعارات استغلها النائب للتحريض على مؤسسات المجتمع المدني وربطها بالدين الإسلامي والتمويل الخارجي، مما يعزز من المواقف العدائية والكراهية تجاه هذه المؤسسات والأم المعتدية على طفلتها.

6 ــ الأرجحية:

لعل أخطر ما يمكن احتماله في خطاب الكراهية في هاتين الحادثتين هو التحريض على مؤسسات المجتمع المدني الذي ظهر في خطاب النائب العرموطي لكونه ربط وجودها ونشاطها بالتمويل الخارجي وبالدين، وبقانون الأحوال الشخصية الذي يستمد معظم مواده من الشريعة الإسلامية.

هذا الخطاب قد يؤدي إلى ردات فعل من بعض الجمهور قد تصل إلى حالة الخطر، وقد يدفع بالحكومة إلى اتخاذ قرارات قد تعرقل عمل مؤسسات المجتمع المدني، ومن المرجح أن تتعرض تلك المؤسسات إلى حملات شعبية تنال من سمعتها ومن مركزها القانوني، مما سيؤثر سلبا على عملها، فيما سيظل التحريض على كراهية الأم المعتدية على مرضعتها في مكانه ولن يتجاوزه، وسيبقى محصورا في عدم خلق بيئة اجتماعية متعاطفة معها.

[1]ــ الاعلان العالمي لحقوق الانسان ــ الموقع الرسمي للأمم المتحدة ــ متوفر على رابط ــ

https://www.un.org/ar/universal-declaration-human-rights/index.html

[2]ــ المادة (19 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ــ متوفر على رابط مكتبة جامعة مينيسوتا: http://hrlibrary.umn.edu/arab/b003.html

[3]ــ استعيد هذا النص من قانون العقوبات وتم نسخه في مشروع تعديل الحكومة المقترح على قانون الجرائم الإلكترونية لمعالجة مشكلة "خطاب الكراهية" ووضع كتعريف لمفهوم "خطاب الكراهية"، إلا أن هذا التعديل لم يقره مجلس النواب حتى الآن ورفض من القراءة الأولى وأحيل لمجلس الأعيان.

[4]ــ مبادئ كامدن وضعتها وصاغتها منظمة المادة 19 تحت عنوان (مبادئ كامدن حول حرية التعبير والمساواة).

[5]ــ مبادئ كامدن حول حرية التعبير والمساواة ــ متوفر على الموقع الرسمي لمنطمة المادة 19 على رابط:

https://www.article19.org/wp-content/uploads/2009/04/Camden-Principles-ARABIC-web.pdf






مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/23 الساعة 09:34