بقلم مؤسس الجمعية الاردنية لمتقاعدي الضمان الاجتماعي محمد عربيات
ما زال الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه المواطن موضع اهتمام ورعاية ملكية حيث اشار جلالة الملك بالكثير من احاديثه حول هذا الامر، ولللاسف الشديد لم تكن الحكومات السابقة تلتقط الاشارة الملكية وتعمل على التخفيف عن المواطن، فكان همها معالجة العجز بالموازنة وكان جيب المواطن هو الحل وبئر بترول لا تنضب حسب اعتقاد الحكومات المتعاقبة، طفح كيل المواطن وقامت احتجاجات واتخذت اشكالاً مختلفة من مسيرات ووقفات احتجاج اعتصام امام الديوان الملكي للمتعطلين عن العمل، الكتابة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال ندوات ومحللين اقتصاديين، وربما وهذا لا استبعده تم رفع تقارير من جهات امنية حذرت من انفجار الامر وخروجه عن السيطرة، لاسيما بظل ما يقال عن تربص قوى خارجية بالشأن الاقتصادي، ومحاولة استغلاله واشعال احداث تخدم تنفيذ اجنداتهم التي يسعون اليها خدمة لاعداء الوطن والامة.
جاءت توجيهات ملكية سريعة لحكومة الدكتور عمر الرزاز بضرورة العمل على تحسين رواتب العسكريين والمتقاعدين منهم ايضا ويصفهم جلالة الملك دوما برفاق السلاح، ولم يغب عن بال جلالة الملك تحسين رواتب العاملين بالقطاع العام والمتقاعدين ايضا، فكانت التوجيهات الملكية واضحة بتحسين الرواتب بشكل مطلق، ولم يتم الاشارة باستثناء احد من المتقاعدين.
الحكومة من جهتها بادرت بالاستجابة الفورية للتوجيهات الملكية وزادت رواتب العاملين بالقطاع العام وكذلك المتقاعدين المدنيين، اإا ان الزيادات التي صرفت سواء للعاملين او المتقاعدين المدنيين لم تكن بالمستوى المطلوب، ولاقت عدم رضى باوساط من شملتهم هذه الزيادة، وسبق للحكومة ان استجابت لمطالب المعلمين خلال اضرابهم المشهور ورفعت رواتبهم اعتبارا من بداية العام القادم حسب ما تم الاتفاق عليه فيما بين الحكومة ونقابة المعلمين.
هناك شريحة واسعة من المتقاعدين لا يقل عددهم عن 230 الف متقاعد يخضعون لنظام تقاعد الضمان الاجتماعي، هذا القانون الذي جاء بمكرمة ملكية، وبسبب مزاعم ودراسات اكتوارية حول المركز المالي جرى تعديل القانون لا كثر من مرة، وكلنا يذكر الولادة العسرة لقانون الضمان الاجتماعي الاخير والذي سرى مفعوله اعتبارا من 1/3/ 2014، بعد ان بقي على شكل قانون مؤقت منذ صدوره عام 2010.
نص قانون الضمان الاجتماعي بمادته رقم (90) على صرف علاوة تضخم بشهر ايار من كل عام ولا نريد الخوض بهذه المادة المثيرة والتي عليها الكثير من الانتقادات، من حيث صياغتها ومن تشملهم وطريقة احتسابها، وهذا تحدثنا حوله بوسائل الاعلام بكثير من المناسبات.
وكما اشرنا سابقا فان متقاعدي الضمان الاجتماعي وعلى ما يبدو انهم ايتام لا رعاية ولا اهتمام باوضاعهم الاقتصادية، حيث ان نسبة كبيرة منهم رواتبهم متدنية جدا بالكاد تكفيهم شراء الخبز والشاي والسكر وامور بسيطة، ولا ننسى فواتير الماء والكهرباء والهاتف والعلاج، ما تردده مؤسسة الضمان الاجتماعي بان هذه الرواتب المتدنية ناتج عن اجور متدنية، نسلم بصحة هذه المقولة من حيث المبدأ، ولكن الى متى يستمر هذا الامر، العامل يعمل باجر متدني وبظروف عمل اقرب لتجارة البشر والرقيق، بالوقت الذي لا زالت مقولة الملك حسين رحمه الله الانسان اغلى ما نملك، مطلوب معالجة هذا الحلل حتى لا تبقى مؤسسة الضمان الاجتماعي تلقي بالمسؤولية على جهات اخرى، ومن وجهة نظري الشخصية الكل مسؤول سواء ارباب العمل خلال فترة العمل والحكومة ايضا، وما تحديد حد ادنى للاجور الا جريمة مع سبق الاصرار والترصد بحق العامل عدا عن التهرب من دفع الاشتراكات الشهرية الحقيقية، والكثير من الاساليب للاحتيال على قانون الضمان الاجتماعي.
وعوداً على بدء فقد صدرت توجيهات ملكية واضحة بضرورة تحسين الرواتب اما وان استجابت الحكومة، فلا ندري ما هو الموقف من قبل مؤسسة الضمان الاجتماعي، فهل توجيهات جلالة الملك لا تعنيها بشيء ؟ ام انها تتهرب من الاستجابة لهذه التوجيهات بحجة نص قانوني ؟ ندعوا مجلس ادارة الضمان الاجتماعي ان يتخذ قرارا برفع توصية وبشكل استثنائي برفع الرواتب بالمستوى الذي رفعته الحكومة كحد ادنى وصرف زيادة تتناسب بشكل عكسي مع الرواتب، بحيث تكون اعلى للرواتب المتدنية واقل للرواتب المرتفعة، ما لم تكن المؤسسة تنوي ضرب توجيهات جلالة الملك بتحسين الرواتب بعرض الحائط.