انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مختارة مقالات مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة

سِنَةُ الله فِي اَلْمَوتِ (الموتة الكبرى) والحياة

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/18 الساعة 08:14
حجم الخط

نبدأ مقالتنا في هذه الآية (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ(الملك: 2)) فالموت مخلوق والحياة مخلوق أيضاً.

وقد ذكر الله تعالى في هذه الآية الموت (الموتة الكبرى وهي الوفاة) قبل الحياة حتى يُذَكِر الناس جميعاً بالوفاة قبل الحياة حتى يعتبر أولي الأبصار والعقول (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ(الحشر: 2)). ومهما طال عمر الإنسان في هذه الحياة الدنيا ومهما بلغ من العنفوان والقوة والمال والجاه والسلطة والجبروت ... إلخ فإنه لا محال إلى وفاة وزوال وسيعود إلى المكان الذي خلق الله منه أبونا آدم عليه السلام وهي الأرض (من تراب). ولكن على كل إنسان أن لا ينسى أن هناك بعث وهناك حساب وميزان وعقاب وثواب وجنة ونار (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ ۚ وَذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ(التغابن: 7)).

فلنذكر قرَّاءنا الكرام بأن هناك فرقاً بين الموتة الصغرى وهي النوم والموتة الكبرى وهي الوفاة وقد أوضح الله لنا هذا الأمر بشكل مفصل في الآية (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الزمر: 42)). فمن الممكن أن يتوفى الله الإنسان وهو نائم (وهي الموتة الصغرى) لأننا ونحن نائمون نكون ميتون لأن الله يسحب الروح من النائم فالنائم ينام بجسده دون روحه. ومن الممكن أن يتوفى الله أي إنسان وهو غير نائم أي في العمل في حادث سيارة في حادث طائرة غرق حرق في حرب ما ... إلخ. فإذا إنتهى عمر أي شخص وهو نائم فيمسك الله روحه ولا يعيدها لجسده ويكون بذلك توفاه الله أي إستوفى بما قسم الله له من كل أنواع الرزق في الحياة الدنيا. وأما إذا تبقى لأي شخص عمر يعيد الله روحه لجسده (يرسلها) وهكذا حتى ينتهي عمره. وقد وضَّح الله لنا ذلك أيضاً في الآية (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(الأنعام: 60)). فهناك فرق بين الموتة الصغرى وهي النوم تسحب الروح وتعود للجسد بأمر ربها ما دام هناك بقية من عمر لأي شخص، أما الوفاة فتسحب الروح من الجسد ولا تعود له حتى يوم البعث للحساب.

والله سبحانه وتعالى رزقنا أكبر نعمة في الحياة وهي نعمة النسيان ولولا نعمة النسيان لما إستمرت الحياة من يوم آدم وزوجه عليهما السلام حتى يومنا هذا. فيا سبحان الله سمى الله الموتة الكبرى (الوفاة) مصيبة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۙ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الْآثِمِينَ (المائدة: 106)). لأنه لا أحد في الكون يستطيع أن يقيد الروح لأي إنسان توفاه الله وسوف لا يكون لا أخذ ولا عطاء لا بينه وبين ربه ولا بينه وبين أي أحد من المقربين له أو الناس. ولنتذكر كيف قتل قابيل أخوه هابيل وبعث الله له غراب ليريه كيف يواري سوأة أخيه ومنذ ذلك الحين والناس تفعل ما علم الغراب قابيل أن يفعل بجثة أخيه (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ(المائدة: 31)). ولكن سبحان الله بعد أن يتم دفن المتوفى تعود الحياة مرة ثانية للناس وبعد فترة يتم نسيان المتوفى والوفاة من قبل الناس إلا المقربون منه يستمروا في ذكراه وخصوصاً أعماله الحسنة. وهكذا تستمر الحياة موت وحياة حتى يرث الله الأرض وما عليها وهذه سنة الله في خلقة كما ذكرالله في في الآية 2 من سورة الملك والتي بدأنا فيها مقالتنا. فنقول لكل الناس عليكم بأن تعمروا حساب الآخره مع ربكم لأن كل نفس ذائقة الموت ولا يفيدها عند ربها إلا حسابها العامر عند الله بالأعمال التي ترضي الله حتى يفوز الإنسان برحمة ربه ويدخله الله الجنة. متمنياً للجميع أعماراً مديدة وأعمالاً حسنة وحياة في الدنيا سعيدة وهنية وعودة إلى الله فيها رحمته ورضاه (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (البقرة: 281) وهذه آخر آية نزلت في القرآن، (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (آل عمران: 185)).

مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/18 الساعة 08:14