أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

دِيْمُقْرَاطِيَةُ اَلله مَعَ أَنْبِيَائِهِ فِيْ أَعْظَمِ صُوَرِهَا

مدار الساعة,مقالات,مجلس النواب
مدار الساعة ـ
حجم الخط

أرسل الله رسله وأنبيائه لهداية الناس أجمعين إلى الإيمان بالله خالق هذا الكون ومديره ومدبره، ومن ثم إلى إتِّباع أوامره وإجتناب نواهيه ليفوزوا بجنته. وقد أرسل الله عدداً كبيراً من الرسل والأنبياء على مدى آلاف السنين الطويلة الماضية وكان من بينهم أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام، حيث جاء من سلالته جميع أنبياء بني إسرائيل ومن ثم المسيح وأمه العذراء مريم عليهما السلام. وبعد ذلك أرسل الله نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وكان خاتما للأنبياء والمرسلين أجمعين، وديانته جاءت خاتمة لكل الرسالات والديانات السماوية التي سبقتها (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(البقرة: 285)). وكما ذكرنا في مقالاتٍ سابقة لنا أن سيدنا إبراهيم كان خليل الرحمن حيث قال الله (وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ(الأنعام: 75)). وكان قوياً ويحب الديموقراطية وصاحب حجة قوية ويتضح ذلك عندما قال لأبيه (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ(الأنعام: 74))، ومن يجرؤ في ذلك الزمان أن يقول لأبيه هذا الكلام وأبيه في يده الحكم والقوة والجبروت؟!. وهذه الجرأة بالحق مع أبيه جعلت منه إنساناً قوياً وبالفعل أبو الأنبياء ويستحق أن تكون من سلالته معظم الأنبياء الذين سبقوا سيدنا محمد عليه السلام. ويظهر ذلك عندما تحاجج مع النمرود الظالم والقاتل والمجرم كما هو واضح في هذه الآية ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (البقرة: 258)).

مما تقدم نعلم أن أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام كان يمارس الديموقراطية الصحيحة مع كل من حوله وديموقراطيته مدعومة بالحجة والدليل القاطع الذي لا احد يستطيع أن يدحضه. ولكن السؤال: من عَلَّمَ سيدنا إبراهيم ممارسة الديموقراطية؟ الجواب: هو الله سبحانه وتعالى، ويتجلي ذلك في هذه الآية (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (البقرة: 260)). عندما طلب سيدنا إبراهيم خليل الرحمن من ربه أن يُرَيَهُ كيف يحيي الموتى، أجابه الله: أولم تؤمن يا إبراهيم بعد كل ما أريناك من ملكوت السموات والأرض ... إلخ؟!، فأجاب سيدنا إبراهيم عليه السلام ربه بأدب: نعم، ولكن ليطمئن قلبي ويزيد إيماني الذي يتزعزع بك يا الله. فبكل ديمقوراطية ورضا قال له الله: أحضر اربعة أنواع من الطير إخترهم بنفسك وإذبح وقطع الطيور الأربعة قطعاً كما تشاء وإخلط قطعهم مع بعض البعض ثم خذ بشكل عشوائي أربعة أجزاء من الخليط وضع على كل جبل جزءا ومن ثم أدع كل طير بإسمه يأتينك الأربعة طيور لعندك أحياء سعياً، وقد فعل وتم ذلك وعلم سيدنا إبراهيم أن الله عزيز حكيم.

من يجرؤ هذه الأيام أن يطلب من رئيس الوزاراء أو الوزير أو المدير العام أو المسؤول الأول في أيةِ مؤسسة أن يُرَيَهُ الإتفاقيات المبرمة ودفاتر الحسابات موثقة بالشيكات المدفوعة والمستلمة والحسابات الختامية من فريق عمله أو موظفينه أو المسؤول عنهم ذلك؟! أو من يجرؤ من النواب أن يطلب ذلك ممن ذكرنا من المسؤولين أمام مجلس النواب؟!، وإن تجرأ أحدا أن يطلب ذلك هل يمتثل المسؤول للطلب؟! أم يحول الطلب إلى لجان ... إلخ ويضيع الطلب وينسى؟!. فالديموقراطية سنَّها الله مع أنبيائه قبل أن تُسَن من قبل الناس على بعضهم البعض، وعلى كل مسؤول من أصحاب الرسالات والديانات السماوية أو غيرها أن يمتثل لكل سؤال من قبل أي إنسان من الذين وُلُّوُا عليهم. وقد إمتثل الله رب العالمين خالق هذا الكون العظيم الجبار المتعال وخالق كل شيء في هذا الكون لطلبات أنبيائه. فالديموقراطية الصحيحة والشفافه غير الضبابية والواضحة وضوح الشمس في كبد السماء الصافية هي أساس نجاح أي مسؤول في أي موقع من مواقع المسؤولية في الدولة. وقد مارس الأنبياء الديموقراطية من بعد سيدنا إبراهيم عليه السلام كما فعل سيدنا يعقوب عليه السلام مع أبنائه عندما كان يحتضر وكما توضحه هذه الآية ( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (البقرة: 133)). ويا حبذا بعد كل هذه التوضيحات أن يتبع المسؤولين في هذا العالم ديموقراطية الله التي علمها لأنبيائة وأنبيائه علموها لأبنائهم وأتباعهم من بعدهم.

مدار الساعة ـ