أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية شهادة جاهات واعراس مناسبات الموقف مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

الطويسي يكتب: عن البتراويين الذين فتحوا بيوتهم وقلوبهم لزوار العالم

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ
حجم الخط

كتب - زياد الطويسي

مع وصول مليون سائح إلى البترا هذا العام، يكون قد وصلها الملايين منذ بدء عهد السياحة فيها وحتى اليوم.. وانجاز المليون خلال عام واحد، يسجل للوطن وقيادته وحكومته والقائمين على القطاع السياحي وإقليم البترا والقطاع الخاص والأهلي وكل من عمل لأجل البترا وسياحتها..

ورقم المليون هو إنجاز يستوجب الشكر والثناء لكل من سبق ذكرهم وكل من يعمل في قطاع السياحة ويقدم الخدمة لضيوف الأردن، ولكن ماذا عن البتراوين أنفسهم، وما هي قصة الذين فتحوا بيوتهم وقلوبهم لزوار العالم؟.

تقول الرواية الشعبية: إن بيركهارات الذي أعاد اكتشاف البترا (عام 1812)، قد أقام فترة في وادي موسى وتحديدا في قرية إلجي، وهناك أكرمه الأهالي كضيف وأسكنوه بيوتهم، إلى أن أعاد اكتشاف البترا وقدم المدينة للعالم..

وفي البترا التي بدأت فيها السياحة منذ زمن طويل وازدهرت مع تأسيس الدولة الأردنية، وقبل أن يقام فيها أول نزل سياحي (سنة 1945)، كانت بيوت السكان تأوي السياح وتقدم الضيافة لهم بلا مقابل، كرما وترحابا بضيوف المدينة.

وحتى في عهد المنتجعات والفنادق وانتشار وتنوع أماكن تقديم الخدمة السياحية، إلا أن البتراويون لا يزالوا يقدمون واجب الضيافة والكرم تجاه السياح القادمين من كل مكان، كي يقدموا مدينتهم ووطنهم بصورته المشرقة أمام العالم بأسره.

من يقرأ ويتابع مذكرات السياح الذين زاروا المكان، لا تكاد تخلو قصة من ذكر أهل البترا، وكيف قاموا بواجبهم المشرف تجاه الضيف، حتى أن سياحا كثر أصبحوا زوار دائمين للبترا، حبا بأهلها واعجابا بطريقة تعاملهم واكرامهم للضيف.

وفي هذا العام، كان من ضمن المليون الزائر (البريطاني جون) الذي يزور البترا للمرة الواحدة والستين، بعد أن أقام علاقة صداقة مع الدليل السياحي نعيم النوافلة وأقاربه، ولم يعد جون يعتبر نفسه سائحا، وإنما بتراويا ينتمي إلى أهلها.

كثر هم أمثال جون من السياح، حيث استطاع البتراويون الذين أتقنوا لغات العالم بأسره، وأطلعوا على ثقافاته المتنوعة، أن يبنوا شبكة علاقات واسعة حول العالم، ليجعلوا آلاف السياح يكررون زيارة المدينة ويصبحون سياحا دائمين فيها.

في البترا التي تعج يوميا بآلاف الزوار من شتى الدول ومن مختلف الثقافات واللغات، نادرا ما تسمع بحصول خلاف أو مشكلة، وغالبا ما يبدي أكثر السياح رغبتهم بالعودة لزيارة المدينة، واقفين على بداية سيقها قائلين: "لا نقول وداعا ولكن إلى اللقاء يا بترا".

يقول رئيس الأدلاء السياحيين في البترا محمد الحسنات: "عندما نتعامل مع السائح، فإننا نمثل بلدنا ووطننا، ويكون من واجبنا أن ننقل رسالة محبته وسلامه إلى العالم، وأن نعاملهم بما يليق بمكانة البترا وبسمعة وهيبة أردننا الغالي..".

وفي البترا يتقن أبنائها رسم الفرحة والابتسامة على وجوه السياح مهما أختلفت لغاتهم وثقافاتهم.. فقريبا من معلم الدير يجتمع سياح حول ابريق شاي يعده سليمان البدول كضيافة للسياح، يشرح لهم عن المكان وتاريخه ومجتمعه، في صورة تحمل رسالة التعايش والمحبة والألفة والصداقة التي تجمع البتراويين بضيوفهم.

في البترا صور يومية كثيرة لا تحصى، لما يقدمه البتراويون للسياح، من خدمة ومساعدة وكرم وضيافة، في سبيل أن يخرجوا بأطيب انطباع عن المكان والوطن.

البترا لا يتجاوز عدد سكانها أربعون ألف، لكنهم قدموا الخدمة والضيافة لملايين السياح، ويستحق الأهالي التحية والشكر وأن نثمن كل ما قدموه من جهد، أسهم بجعل الأردن وجهة سياحية تحظى بسمعة طيبة في كافة أنحاء العالم.

أهالي البترا جسدوا بكرمهم وحسن تعاملهم وانفتاحهم المسؤول على ثقافات العالم، شراكة حقيقية وناجحة مع الجهات المعنية كافة، جعلت من البترا قصة نجاح عالمية، باتت تطمح لمحاكاتها مدن كثيرة.

إن تضافر الجهود هو وحده من سيعزز هذا النجاح، بدء من القائمين على إدارة الموقع والقطاعات السياحية والمعنيين بالقطاع، وليس انتهاء بالبتراوية التي أصرت على عمل وليمة غداء لمجموعة شاهدتهم وهم يصورون ورود حديقتها، وطفلا ملأ حقائب السياح تينا وعنبا، حينما مروا من جوار بستانهم..

وليس انتهاء بأصحاب البكبات الذين أسهموا بانقاذ السياح ونقلهم حينما داهمت السيول المدينة، أو بموظف فندق أشترى على حسابه الخاص دواء لسائح..

إلى البتراويين ألف تحية، فهم الذين لطالما رسموا البهجة في نفوس السياح، وهم أيضا من صنعوا من مدينتهم قصة نجاح جميلة، كجمال البترا؛ بجبالها وآثارها وسحرها ووردية صخورها.

مدار الساعة ـ