انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

عاملات منازل في الأردن يتحدثن عن التعذيب والضرب من قبل ربات المنازل.. كيف علّقت الحكومة على ذلك؟

مدار الساعة,أخبار الأردن,اخبار الاردن,الأمن العام,وزارة العمل
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/28 الساعة 11:16
حجم الخط

مدار الساعة- أيقنت ماريسيل بعد فوات الأوان، أنَّ النافذة التي خرجت منها قد أُغلقت خلفها. كانت الفلبينية التي تبلغ من العمر 31 عاماً، والدماء تملأ فمها بعد تحطُّم سنين من أسنانها، عالقة خارج نافذة تقع في الطابق الثاني. فقد تسلقت إلى الحافة هرباً من صاحبة العمل، التي تقول ماريسيل إنَّها أمسكتها من شعرها، وضربت وجهها في الحائط.

وقالت ماريسيل وهي تروي ما حدث وكيف كانت تفكر حينها: "إنَّه ارتفاعٌ شاهق، أريد العودة إلى الداخل، ولكن النافذة لا تفتح. سيدتي قادمة، إنَّها تصرخ: "سأقتلك الآن!". ماذا عليَّ أن أفعل؟ فقفزت"، وفق صحيفة الغارديان.

وصلت ماريسيل إلى الأردن منذ ثلاثة أشهر، وهي واحدة من ضمن 50 ألف امرأة مُهاجرة يعملن بالمنازل. هؤلاء النساء يأتين من الفلبين، وسريلانكا، وبنغلاديش، وكينيا، بحثاً عن وظائف كخادمات لكبار السن والمرضى، ومدبرات منازل، ومربيات.


تمكنت من الوصول إلى طريقٍ سريع

وفي حين تحصل الكثير منهن على وظائف بأجور جيدة، هناك أخريات لا يحالفهن نفس الحظ. وفي تقريرٍ لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية عام 2011، قالت نصف العاملات بالمنازل المهاجرات، اللاتي أُجرِيَت معهن المقابلات، إنَّ أصحاب العمل أو موظفي وكالات التوظيف قد اعتدوا عليهن جسدياً أو جنسياً. بينما منعت أخريات من الحصول على مرتباتهن أو جواز سفرهن، أو يعشن في ظروفٍ سيئة.

بسقوطها من النافذة، كسرت ماريسيل رجلها وعمودها الفقري، ولكنَّها تمكنت من الوصول إلى طريقٍ سريع قريب، حيث ساعدها سائق حافلة وأخذها إلى مستشفى. وبعد أن قضت شهرين في المستشفى، نقلها الأمن العام الأردني إلى مأوى السفارة الفلبينية للمهاجرين المُعتدى عليهم. واتهمت ماريسيل ربة عملها بالاعتداء عليها، وحُبست ربة عملها نتيجةً لذلك في ربيع عام 2015.

لم تستطع ماريسيل المشي لمدة 6 أشهر. وهي في المأوى، منذ فبراير/شباط 2015، بانتظار تسوية الدعوى القضائية. كما أن جواز سفرها ما زال بحوزة صاحبة عملها، وعليها أن تدفع حوالي 1000 دينار أردني (1130 جنيه إسترليني) لتجاوزها مدة التأشيرة. وأضافت ماريسيل: "أريد فقط العودة إلى المنزل".

وتواجه العاملات المهاجرات المُعتدى عليهن، اللواتي يهربن من أصحاب عملهن، ولكن لا يتمكنَّ من العثور على مأوى لدى سفاراتهن، عقوبة السجن لكونهن عاملات غير قانونيات. وتصل نسبة عاملات المنازل المهاجرات غير الشرعيات في الأردن إلى 37%.


يتقاسمن حجرة واحدة

وتقيم إليزابيث، التي أتت من كينيا، في "مركز جويدة لإصلاح وتأهيل النساء" في جنوب عمان منذ أسبوعين. وقالت إليزابيث وهي تزيح ملابسها لتظهر الكدمات أسفل عنقها: "هربت لأن سيدتي ضربتني". إليزابيث بانتظار الترحيل، ولكنها بحاجة إلى أن تدفع رسوما تجاوز مدة التأشيرة أولاً.

وتتقاسم إليزابيث حجرتها مع 10 عاملات أخريات من كينيا، وعاملة من إثيوبيا. معظمهن هاربات من العدالة، وبعضهن مُتهمات بالسرقة. وتقول إليزابيث: "ولكنهن لم يسرقن. السيدات في الأردن سيقلن أي شيء ليتهمننا به".

وتوضح ليندا الكلاش، مديرة مركز "تمكين" للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، وهو مركز قانوني لحقوق المهاجرين في الأردن، إنَّه بموجب القانون الأردني، يجب ترحيل عاملات المنازل المهاجرات في حال مخالفتهن للوائح العمل أو الإقامة، وليس حبسهن، خاصةً إذا كنَّ ضحايا الاتجار وسوء المعاملة.

وأضافت: "لا توجد مادة في قوانين الإقامة تنص على حبسهن. لا يوجد شيء عن حبس شخص قرر أن يلغي عقد عمله".

وتُحبَس بعض عاملات المنازل نتيجة عدم سدادهن لغرامات تجاوز مدة التأشيرة، ويبقين رهن الاعتقال لسنوات.

ومن ضمن العاملات المهاجرات المحتجزات اللاتي بلغ عددهن 281، وأجرى مركز تمكين مقابلاتٍ معهن، 55% منهن احتُجِزنَ بين 3 أسابيع و4 أشهر، و18% من 5 أشهر إلى 11 شهراً، و5% احتُجِزنَ من عامٍ إلى عامين.

وتقول السلطات الأردنية إنَّها ملتزمة بحماية ضحايا الاتجار. وقد أقرت الدولة قانوناً لمكافحة الاتجار عام 2009. كما أن لديها مقرين لإيواء ضحايا تجارة البشر، أحدهما تديره الحكومة، والآخر يديره اتحاد المرأة الأردنية.


تعليق الجانب الرسمي

ويقول باسل الطراونة، منسق أعمال الحكومة في مجال حقوق الإنسان: "نحن نضع الضحايا في مأوى، وليس في السجن. ونحن ملتزمون بإيقاف الاتجار وحماية العاملات باعتبارهن ضيوفاً". وفي عام 2016، حققت وحدة مكافحة تجارة البشر في 30 قضية اتجار مؤكدة، وأرسلت 196 ضحية، أغلبهم من عاملات المنازل، إلى ملاجئ، كما أعفت 11 عاملة منزل تعرضت للاتجار من دفع غرامات تجاوز مدة التأشيرة.

إلا أن تعريف الاتجار في القانون الأردني محدود. وتقول ليندا إنَّ الكثير من حالات الاعتداء لا تنطبق عليها صفة الاتجار، وبعدها تذهب الضحايا إلى السجن بدلاً من المأوى، وأضافت: "من المحتمل ألا تكون قضية اتجار، ولكنها لا تزال قضية اعتداء. لا يوجد مكان لضحايا اعتداءات العمل فيما عدا السجن".

وتقول وزارة العمل الأردنية، إنَّ العمال المهاجرين الذين يهربون يجب أن يواجهوا نوعاً من أنواع الجزاء.

ومن جانبه، يقول محمد الخطيب، المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل الأردنية: "لدينا أكثر من 50 ألف خادمة في الأردن. لنفترض أنَّ 10 آلاف منهن هربن، إذا قبضتُ على 50 أو 60 واحدة كل يوم، أين يجب أن أضعهن؟".

وأضاف أنَّ الكثير من عاملات المنازل لَسْنَ ضحايا اعتداء، ولكنَّهن يهربن لأنَّهن يردن أن يجنين أموالاً أكثر، وعندما تصبح أوضاعهن غير قانونية، يصبحن خارج اختصاص الوزارة. وإذا قرر العمال المهاجرون ترك عملهم دون أن يمروا بالطرق الرسمية، عندها يجب أن يواجهوا العواقب. ويقول محمد: "يجب أن تكون لدينا قوة عاملة مُنظمة وقانونية".

ويجب على العمال المهاجرين الذين يريدون أن يغيروا أعمالهم أن يمروا بإجراءٍ رسمي تشرف عليه وزارة العمل. وتقول ليندا إنَّ هذا أمر "شبه مستحيل" لكثير من العمال المهاجرين، لأنَّ "كل السلطة في يد أصحاب العمل، لأنَّهم يجب أن يمنحوا العمال موافقةً لتغيير أعمالهم".

ولا يمكن لعاملات المنازل الاعتماد دائماً على وكالات التوظيف من أجل الحماية. مارثا، وهي امرأة تعمل بالمنازل من كينيا، أتت إلى الأردن في يونيو/حزيران 2015، وعملت لمدة عام دون أي مشاكل، وحاولت أن تغير مكان عملها لأنَّ صاحب العمل رفض أن يغطي نفقاتها العلاجية عندما مرضت.

وتقول مارثا إنَّ وكالتها أرسلتها إلى أصحاب عمل أردنيين آخرين بعقود قصيرة الأجل، وتقاضت منها المال في كل مرة مقابل إصدار تصاريح الإقامة والعمل. ولكن بدلاً من تجهيز أوراقها، تقول مارثا إنَّهم احتفظوا بالأموال، وأصبحت هي عاملة غير قانونية، ومُطالبة برسوم عامين لتجاوز مدة التأشيرة دون تصريح إقامة.


960 شكوى من عاملات منازل

وتقول مارثا إنَّها احتُجِزَت مع نساء مهاجرات أخريات في غرفة مكتب، وتروي قائلةً: "كانوا يغلقون الباب عند الساعة الخامسة، بعد ذلك يعود أحد الرجال ويبدأ التحرش بي. كنا نطلب من الله أن يحمينا. كان الأمر أشبه بالجحيم على الأرض".

إلا أنَّ مارثا هربت إلى مركز تمكين في النهاية، الذي أخذها إلى مأوى اتحاد المرأة الأردنية. كانت خائفةً من أن تطلب مساعدة الشرطة، ولكنها كانت سعيدة عندما تدخلت الشرطة.

وأضافت مارثا: "نحن نخاف من الشرطة، لأنَّه من الممكن أن يقول صاحب العمل إنَّ الخادمة "سرقت شيئاً"، وعندها يضعوننا في السجن".

وبعد أن استقبلت وزارة العمل 960 شكوى من عاملات منازل، وتعاملت مع 1402 قضية هرب في 2016، تقول الوزارة إنَّها أرسلت إنذارات إلى 27 وكالة توظيف نتيجة سوء الإدارة، وأغلقت 8 وكالات أخرى.

وتقول ليندا إنَّه إذا سُمح لعاملات المنازل بتغيير عملهن وكان لديهن طرق رسمية وموثوق بها لتسجيل حالات الاعتداء، سيقلل هذا من حالات الهرب، وتضيف: "لا يريد أحد أن يخالف القانون. الكل يريد أن يكون بأمان، لا يريد أحد أن يشعر بالخوف، أو أن يلقي أحد القبض عليه، أو يؤذيه، أو يستغله، ولكن الآن في الأردن، لا توجد فرصة لحدوث ذلك".

(الغارديان البريطانية ، هافنغتون بوست)

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/28 الساعة 11:16