أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شكوى مستثمر شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

واقعنا العربي.. أسئلة تبحث عن جواب!

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ
حجم الخط

يتساءل المواطن العربي عن أسباب هذا التمزق والبعثرة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية على مستوى الأمة وعلى مستوى كل قطر فيها؟ كما يتساءل عن سر استمرار هذه الصراعات الداخلية، والحروب الأهلية، التي أكلت الأخضر واليابس، واستنزفت طاقات البلاد والعباد، بدلا من توظيفها في خدمة برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، للنهوض بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين العرب الذين ما زالوا يرزحون تحت وطأة الجهل، والفقر، والمرض، رغم كثرة وضخامة الموارد الوطنية المكتشفة ، أو التي ما زالت مخبأة في جوف الأرض، وهم بانتظار تحقيق وعود حكوماتهم ، بتحقيق مجتمع الكفاية والعدل، مجتمع ديمقراطي موحد ، ينعمون فيه بالحرية والديمقراطية، والعدل الاجتماعي، والعيش الكريم؟

كيف نفسر هذا التباعد، والتناحر، والاقتتال العربي أحيانا بين دول تدعي أنها مستقلة، بعد أن تحررت من نير الاستعمار الذي كانت تلقي عليه باللائمة لما يعانيه الوطن العربي من تجزئة وتخلف؟ دولا رفعت وترفع شعارات الوحدة والتحرر من هيمنة الأجنبي ، في الوقت الذي بدأت فيه شعوب كثيرة عمليات تنسيق وتوحيد في كافة المجالات، لإيمانها بأنه لامستقبل في هذا العصر إلا للكيانات والتكتلات الكبرى ، هذا رغم الحروب والصراعات التي مرت بها وعانت منها في التاريخ المعاصر، ورغم الاختلافات الكبيرة فيما بينها من حيث اللغة ، أو العقيدة الدينية أو السياسية أو القومية، في حين أن عوامل الجمع والاتحاد بين أبناء الأقطار العربية، تكاد تكون من البديهيات ؟! كيف نفسر هذا الحال مع أن كل الشروط التي افترضها علماء الاجتماع والاقتصاد السياسي لتكوين الأمة متوفرة في الأمة العربية منذ فجر الدعوة الإسلامية ولمدى أربعة عشر قرنا؟! فهناك كما يقول منير شفيق (في الوحدة العربية والتجزئة ،1979) الأرض المشتركة ، والتاريخ المشترك لمجموعة من الناس سكنت واستقرت على هذه الأرض ، وهناك اللغة المشتركة والدين الواحد لغالبية السكان ، وهناك الأماني والمطامح المشتركة ، زد على ذلك الثروات الهائلة والمتنوعة ، والسوق الاقتصادية الواسعة ، الأمر الذي يؤكد بان كل مقومات الأمة الواحدة موجودة ، ومع ذلك فواقع الحال لا يغيض عدوا ولا يسر صديقا !

لقد اعتدنا في الوطن العربي على إعفاء أنفسنا من مسؤولية التخلف والتشرذم الذي نعاني منه ، وكنا وما زلنا ، نسقط أسباب ذلك على القوى الأجنبية التي تتآمر علينا، وتضع العراقيل التي تحول دون قيام كيان عربي موحد في هذه البقعة الحساسة من العالم ، لان عملية الوحدة الشاملة كما يقول الأنصاري (مراجعات في الفكر القومي ،2004) في منطقة حساسة كمنطقتنا التي تقع في قلب العالم ، تمثل حدثا انقلابيا خطيرا في السياسة الدولية والتوازن الدولي ، بحيث تستعـدي على الفور كل القوى الكبرى في العالم وتدفعها إلى محاربتها وإجهاضها . وإذا افترضنا أن هذه الأقاويل صحيحة ـ وهي صحيحة إلى درجة كبيرة ـ ، فما هو دورنا نحن في إفشال هذه المخططات المعادية ؟ فهل ننتظر من الأعداء أن يتصرفوا ضد مصالحهم، فيكفوا عن حبك المؤامرات الهادفة إلى بسط سيطرتهم على بلادنا، ونهب خيراتها ، واقتسامها كمناطق نفوذ فيما بينهم، ما دمنا لا نحرك ساكنا ؟!

صحيح أن وطننا وامتنا مستهدفان لأسباب كثيرة من أهمها : الموقع الجيوسياسي والثروات الطبيعية الهائلة وبخاصة البترول ،إضافة لأسباب قد تكون مضمرة تتعلق بالدور الحضاري الذي لعبته هذه الأمة بعد بزوغ فجر الإسلام، وما يرافق ذلك من ذكريات ومخاوف في شعور ولا شعور شعوب ودول العالم الغربي ، وخوفهم من انبعاث جديد لهذه الأمة التي تملك كل مقومات الدولة العظمى ، من حيث عدد السكان والموقع والمساحة والثروات . وصحيح أيضا ما قاله الدكتور غالي شكري (النهضة والسقوط ،1978) بأنه كلما قطعت النهظة العربية شوطا في طريق التقدم ، يسارع الاستعمار إلى التدخل لإجهاضها ووأدها، أي إن قوى خارجية كانت تبادر إلى التدخل في اللحظة التي يبدأ فيها الحصاد ، والأمثلة على ذلك كثيرة منها ، ضرب جميع المشاريع النهضوية العربية منذ محمد علي باشا إلى جمال عبد الناصر، وانتهاء بالعراق أخيراً. إلا أن الصحيح أيضا أن هذه الأمور يجب أن تزيدنا أيماننا وتصميما على السعي الجاد لتحقيق الوحدة ،لان مسئولية الخروج من هذه الوضعية المحزنة ، وضعية التفكك والتجزئة والتخلف، تقع أولا وأخيرا على عاتقنا ، شعوبا وحكومات ، والا بقينا كما مهملا في عالم لا بقاء فيه ولا اعتبار إلا للكيانات الكبرى والقوية اقتصادياً وتكنولوجياً وعسكرياً.

مدار الساعة ـ