بقلم: بلال حسن التل
أكثر من مرة دعوت إلى عسكرة أجهزة الدولة الأردنية، لتستعيد ألقها واندفاعاتها نحو البناء، وقبل ذلك استعادة روح الانتماء والولاء التي تطرد حالة الإحباط والسوداوية التي تنتشر في بلدنا هذه الأيام.
هذه القناعة بضرورة عسكرة الدولة الأردنية من خلال نشر قيم المؤسسة العسكرية الأردنيّة، والعمل على ضوئها في أجهزة الدولة المختلفة، من خلال العمل المؤسسي والالتزام بالقوانين والأنظمة واحترام التراتيبية وأخلاقيات العمل، والمساءلة وقبل ذلك الإنتاج، تزداد عندي كلما زرت موقعاً من المواقع العسكرية أو التابعة للمؤسسة العسكرية، لذلك لم يكن غريباً أن تشغل هذه الزيارات نسبة عالية من برامج وأنشطة مبادرة "الإنجاز في مواجهة الإحباط" التي تنفذها جماعة عمان لحوارات المستقبل، بهدف إبراز إنجازاتنا الوطنية، في مواجهة من ينكرون هذه الإنجازات، من الذين ينظرون إلى الجزء الفارغ من الكأس، بدلاً من أن يعملوا على ملء الجزء الفارغ منها، أو على الأقل أن يعترفوا بأن في كأس الوطن ما يروي الظمأ، ويشد العزيمة لمزيد من الإنجاز.
مناسبة هذا الكلام عن عسكرة الدولة، بمعنى نشر قيم عمل مؤسستنا العسكرية في سائر مفاصل الدولة، هي الزيارة التي قامت بها جماعة عمان لحوارات المستقبل إلى مركز الملك عبدالله الثاني لتدريب العمليات الخاصة، الذي يعمل تحت مظلة القوات المسلحة الأردنية، ويقدم خدماته للقطاعين العام والخاص، داخل الأردن وخارجه، وفي القطاعين العسكري والمدني، مقدماً قصة نجاح أردنية تكتب بماء الذهب، رواها لنا باعتزاز وافتخار مدير المركز العقيد الركن عمر الشقيرات، ومعه فريقه العامل بالمركز وهذا درس لمن يريد أن يتعلم خلاصة أن الإنجاز يجعل صاحبه يشعر بالفخر، وهذا هو حال المنتمين لمؤسستنا العسكرية المنجزة دائماً، لذلك ظلت محل ثقة الأردنيين.
أول سطور النجاح التي حبكتها أيدي النشامى الذين أهدوا لبلدنا إنجازاً عالمياً، اسمه مركز الملك عبدالله الثاني لتدريب العمليات الخاصة، أن قواتنا المسلحة نجحت كما هي عادتها بإحياء الارض الموات، فوهبتها الحياة وجعلتها تنبض بها، عندما حولت منطقة بجوار عمان كانت قد دمرتها الكسارات وحولها الناس إلى مكب للنفايات، لتصبح على يدي قواتنا المسلحة مدينة عصرية متكاملة تنبض بالحياة وتتدفق بالعطاء، في جنباتها أسواق وفنادق وملاعب ومسارح، تقوم كلها على أسس عصرية تستطيع تقديم كامل الخدمات التي يحتاجها المئات في وقت واحد وبكفاءة عالية، علاوة على أن هذه المدينة صارت مركزاً عالمياً فريداً للتدريب، هو واحد من أهم وأقوى ثلاثة مراكز تدريب عسكرية في العالم، يأتي إليها المتدربون من أكثر من ستين دولة منها الولايات المتحدة الأمريكية، ودول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى العرب والأفارقة وغيرهم، بلغ عددهم حتى الآن مائة ألف متدرب.
دور آخر من أدوار قواتنا المسلحة، يساهم المركز في إبرازه هو دورها في تثبيت صورة الأردن على الخريطة العالمية، كدولة عصرية وشريك أساسي في حماية السلم العالمي، وقائد رئيس في محاربة الإرهاب العابر للحدود، وهنا لابد من القول إن لقواتنا المسلحة الأردنية دوراً دبلوماسياً تؤديه باقتدار تعزيزاً لعلاقات الأردن بالدول الأخرى، من خلال الاتفاقيات مع الجيوش والأجهزة الشرطية والأمنية، ومع المنظمات الحكومية وغير الحكومية، التي صارت تطلب خدمات مركز الملك عبدالله الثاني لتدريب العلميات الخاصة، وهذا يعني أن الأردن صار شريكاً في بناء السياسات الدولية، خصوصاً تلك المتعلقة بمحاربة الإرهاب، وبحفظ السلم الدولي، وببناء التوازن في العلاقات بين مختلف الأطراف الدولية، يساعده على ذلك أنه استطاع وبفضل جهود القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية أن يتحول إلى دولة بلا أعداء، باستثناء الإرهاب العابر للحدود.
يضاف إلى ذلك أن لمركز الملك عبدالله الثاني لتدريب العمليات الخاصة دوراً اقتصادياً، وهو دور مركب إذ أن العاملين في المركز من مدنيين وعسكريين هم أردنيون بنسبة مئة بالمئة، أي أن المركز يوفر فرص عمل متزايدة للأردنيين ويساهم في محاربة البطالة، مثلما صار المركز يحقق منذ عام 2012 أرباحاً سنوية ترفد الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة، علاوة على دوره في رفع كفاءة العاملين فيه، بالإضافة إلى رفعه لكفاءة العاملين في السوق المحلي من خلال الدورات التي يعقدها للمؤسسات المختلفة في القطاعين العام والخاص كالمصارف والشركات الكبرى، ولكل من يطلب التميز لمؤسسته وللعاملين فيها، من خلال السعي للاستفادة من خدمات مركز الملك عبدالله الثاني لتدريب العمليات الخاصة التي تلعب دوراً كبيراً في رفع الروح المعنوية وقيم الولاء والإنتاج لدى المتدربين لديه، وعند هذه نقف لنقول أننا جميعاً بحاجة إلى رفع روحنا المعنوية وإنعاش قيم الولاء فينا، وأقصر الطرق لذلك أن نتعلم من قواتنا المسلحة.
Bilal.tall@yahoo.com