انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

عدنان الروسان يكتب: قد لا نحب الرئيس ولكن لننصفه

مدار الساعة,مقالات,القوات المسلحة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/07 الساعة 10:59
حجم الخط

بقلم: عدنان الروسان

بعد انقشاع الغيوم التي تلبدت في سماء الوطن نتيجة أزمة الحكومة والمعلمين التي طال أمدها وامتد لشهر كامل استل كثيرون سيوفهم وتنافخوا شرفا وصبّ آخرون زيتا كثيرا على نار الأزمة يريدونها أن تزداد اشتعالاً، كما أن بعض الكتاب الذين انحازوا للحكومة اوالدولة اعتبروا ما يحدث معركة لا بد من القتال فيها حتى آخر نقطة دم واستحضروا هيبة الدولة والقيم المعنوية للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية واستمروا يحرضون الدولة شهرا كاملا على المعلمين وكأنهم أعداء للوطن، أوكأن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لفريق دون آخر في الوطن الأردني.

ربما كان ذلك الحماس في القتال والاصطفاف زائدا عن الحد وسنجد له ما يبرره أخذا بحسن النية ولكن أن يتابع البعض التحريض بعد أم انفض السامر وتم الإتفاق بين الحكومة والنقابة وتبدأ جولة من تحريض الحكومة على النقابات وتحريض الدولة على الحكومة وتحريض الملك على الرئيس والتشفي بالحكومة ووصفها بأنها انكسرت أمام النقابة فذلك أمر لا يستقيم في وطن نسعى كلنا لإصلاح ما تهدم منه على ايدينا كلنا ولإعادة صياغة المفاهيم الوطنية بيننا جميعا. أما الذين يتحدثون وكأنهم يريدون أن يخلقوا حالة من الندم عند الحكومة على انهائها للأزمة بطريقة مشرفة للمعلمين وربما فيها بعض التنازل من قبل الحكومة فإنهم يسعون الى تدمير حلم الأردنيين بهذه التجربة الوطنية الجديدة والتي نجحت نجاحا باهرا وربما لا مثيل له في العالم العربي.

إن تكبد الحكومة بعض الخسائر مقابل نقابة او حزب سياسي في قضية وطنية خلافية لا يعتبر هزيمة للحكومة بل انتصارا وطنيا وهكذا يتم احتسابه في كل الديمقراطيات الراشدة وهناك سيل من الأمثلة في بريطانيا وايطاليا وفنلندا وسويسرا وفرنسا والمانيا وغيرها ورغم أن موقفنا من الحكومة مايزال على حاله على الصعيد العام وهي انها حكومة غير قادرة على النهوض بالبلد ولا على تحقيق مستويات جيدة من الإصلاح الا أننا نعترف ويجب ان يعترف الجميع عدالة ورشدا أن الحكومة قد فعلت الصواب في انهاء الأزمة وتوقيع الإتفاق مع نقابة المعلمين رغم أنها كانت مرتبكة ومتوترة خلال فترات التفاوض وكان واضحا أن هناك أكثر من تيار داخل الحكومة وأن الرئيس يحارب على جبهات كثيرة ليس أكبرها وأهمها جبهة المعلمين بل جبهة وزرائه المنقسمين اوالمختفين عن الأنظار كنائب الرئيس.

لا أستغرب ما كتبه ويكتبه بعض كتاب الدعسة السريعة المفهوم موقفهم ولكنني استغربت مقالات لبعض الزملاء من كبار الكتاب المقروئين أن يعتبروا أن الحكومة انهزمت وأن النقابة تجاوزت حدودها في تحقيق النجاح الذي حققته، ما أزال اتفق معهم ومع كثيرين أن من الأفضل للحكومة أن تغادر الدوار الرابع ولكن ليس بسبب أزمة المعلمين بل لأسباب موضوعية أخرى يعرفها الجميع وتعرفها الحكومة، كما أن علينا ربما أن نشيد بمواقف مؤسسات وأجهزة في الدولة تمكنت من ان تكون نزيهة ومحايدة في الأزمة ولم تستخدم نفوذها وسلطاتها بطرق غير قانونيّة ولا شفافة لتغليب جهة على أخرى او بالأحرى لكسر شوكة المعلمين أمام الحكومة وهذا موقف يسجل للدولة التي يجب ان تستفيد من نتائج أزمة المعلمين وتبني عليها، لقد كان بالإمكان أفضل مما كان غير أن ما كان أقل الف مرة سوءاً مما كان سيكون لوأن الحكومة رضخت للمحرضين داخل الحكومة وخارجها.

الوطن فيه الكثير مما يجب أن نقوله ونفعله ولسوء الحظ لا يملك المخلصون طرقا آمنة مفتوحة للتواصل مع أصحاب القرار لإسداء النصح وبالتالي فإن من يستمع اليهم صانع القرار هم أنفسهم من يخلقون الأزمات ومن يريدون للوطن أن يبقى يراوح في مكانه وألا يستفيد من تجارب ابنائه ومؤسساته الوطنية، لقد آن الآوان ربما ليكون هناك توجه لتواصل أكبر مع شرائح أوسع من المهتمين بالشأن العام والتوجه نحواستخدام أدوات حضارية جديدة في السلوك الإعلامي والإجتماعي كي نقترب خطوة أخرى من اهدافنا التي نسعى للوصول اليها.

قد لا نحب الرئيس والحب في السياسة ليس فضيلة ولكن لننصفه فالكتابة والراي للإصلاح لا للانتقاص والشماتة..

مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/07 الساعة 10:59