ستكون هدية طيبة للعالم أن يدان أسوأ رئيسين في زمننا الحاضر، رئيس الولايات المتحدة الأميركية ورئيس وزراء اسرائيل. الأول توفرت اسباب ملموسة ليقرر مجلس النواب الأميركي ذو الأغلبية الديمقراطية مباشرة اجراءات عزله ومحاكمته، فبعد فضيحة التواطؤ مع التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية وقضايا التهرب الضريبي جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير بالضغط على الرئيس الأوكراني ثم إلغاء المساعدات المقررة لأوكرانيا بسبب تمنع رئيسها عن الاستجابة لطلب ترامب بملاحقة ابن جو بايدن قضائيا. أما الثاني أي نتنياهو فتحيطه اتهامات تلقي الرشوة وخيانة الأمانة والفساد وقد عقدت اول جلسة استماع رسمية للمحكمة أول من أمس بعد تحقيقات ملأت أكثر من 800 صفحة ويرجح أن تقود المدعي العام لتوجيه الاتهام رسميا لنتنياهو الذي يجاهد لحماية نفسه بالعودة الى موقع رئيس الوزراء واصدار قانون يحميه من الملاحقة خلال فترة ولايته وهو يلوح باستخدام آخر ورقة ابتزاز بيده اذا فشل بالذهاب الى جولة انتخابية ثالثة! وهذا ليس كثيرا ونحن نقرأ أن ترامب يصرح بأن عزله هو انقلاب سيقود الى حرب اهلية في أميركا
ليس صدفة ان الرجلين حليفان وثيقان. طبعا رعاية الكيان المحتل هو من ثوابت السياسة لكن ترامب ذهب بعيدا ليس في دعم اسرائيل على العموم بل سياسة اليمين المتطرف فيها وقيادة نتنياهو تحديدا فانقلب ببساطة على حل الدولتين المتفق عليه دوليا ونقل السفارة الى القدس واعترف بضم الجولان والمستوطنات وآخر القرارات كانت في توقيتها هدايا شخصية لنتنياهو لدعم موقفه الانتخابي بما يحمل شبهة التدخل في المنافسة الانتخابية الداخلية، لكن ترامب نفسه متهم بتشجيع التدخل الخارجي في الانتخابات الأميركية وتحديدا من جهة المخابرات الروسية ولم يكن الرئيس بوتين يخفي ميله لترامب في سباق الرئاسة الأميركي
يتشابه الرجلان في تموضعهما الداخلي وأخلاقهما السياسية البراغماتية والمنحرفة والعنصرية لكن مع تمايزات في شخصية الرجلين فبينما يبدو ترامب عفويا سطحيا ساذجا حتى في كذبه فإن نتنياهو يخلو كليا من العفوية ومن أي قيم محترمة باستثناء الصفاقة والصلف والثقة الزائدة واستغباء الآخرين. وفي تموز 2017 جعل نتنياهو الدم يغلي في عروق الأردنيين وهم يرون صفاقته التي لا تحتمل عندما وافق الاردن على اعادة حارس السفارة الذي قتل أردنيين أمام السفارة الاسرائيلية فنشر نتنياهو تسجيلا لمحادثة هاتفية معه وهو بعد على المعبر مهنئا اياه ومتبجحا بوفائه له بوعد احضاره السريع ومداعبته له عن شوقه للقاء خطيبته وتصويره استقباله للقاتل في مكتبه فور وصوله في جو من الابتهاج دون اعتبار للحرج الذي يلحقه بالأردن والاساءة لذوي الضحايا الأردنيين
ومنذ رئاسته الأولى العام 96 بدا لي شخصية كريهة لا تطاق. وقد تعامل مع المرحوم الحسين العظيم بنفس الطريقة المعروفة بعكس أسلافه جميعا. لكن في ذلك الوقت صدف أن كان لدينا رئيس وزراء (جدع) بكل معنى الكلمة هو عبد الكريم الكباريتي الذي رد له الصاع اثنين وأسمعه على الهاتف ما لم يتعود عليه. ثم في لقاء مباشر أراد نتنياهو الثأر فخاطب الكباريتي بانجليزيته المتقنة بتوريات بلاغية لاذعة فرد عليه ابو عون بتوريات بلاغية أشد لذعا فحمل لرجلنا في قلبه حقدا أبديا. المهم اليوم ان الرجل يواجه كما نأمل ونتمنى النهاية التي يستحقها لحياته السياسة وراء القضبان بتهم الكذب والرشوة والفساد وسيكون عظيما ان نرى حليفه الغبي يرغم على مغادرة البيت الأبيض وهو لم يستحق ابدا دخوله.
الغد