نسرين أبوالرب تكتب: تشرينيات ٢٧

بقلم الكاتبة نسرين أبوالرب

تستيقظ العالوك اليوم خاشعةً باكيةً تصلي بقلب أهلها وأرضها رحيل فتاهاالشاب، سنديانة العالوك حبيب الزيودي، العالوك الأم البارّة بابنائها الأحياء ومن رحلوا عنها إلى سماء الله الواسعة فتحتضنهم تحت ثراهاوتضمهم ضمة دفءٍ أبدي لايترك لهواء تشرين وبرد كانون أثر... رحلت ياسراج العالوك وزيت مصباحها وتركت القلم بلاحبر يخط أعذب القوافي وغادرنا قمر العشّاق وارتحلت شمس الحصادين.

الشعراء ياحبيب كالأوطان لايموتون ولكنهَم يتظاهرون بالموت.

في هذاالصباح التشريني تل القمر والمسرّات برمتها والعالوك تئن من وطأة غيابك، إنهاتشارين الفقد والغياب تأبى أن تفارقنا وفوق مثواك الأخير نبت الدحنون ليعلن أنك خالد في سماء الأردن أيقونة وطنية أردنية للشعر.

ناي الراعي يحنّ لصوتك الشجي في مطلع القصيدة وظبيات حوران تسير متمايلة زهواً بك شاعراً أسكن القوافي في نبض عروقه، وإنّ الغيم في العالوك اليوم يشبه السكر، مُنذِراً بالخير ومُعلِناً أنك علامة فارقة في الثقافة الاردنية... الذكرى الثامنة لرحيلك موجعة كما الأولى والبراري المُكتنزة بالعطاء والخصوبة في المسرات والعالوك انقطع صوتهاالعذب وباتت بلاصوتٍ يؤنسها ويملأ حناياها، فأنتَ النهر ومصبه في الوطنية وحب الأردن والتغني به فياحبيب الأردن وأهلها الطيبين أراك زنبقة في كل بيتٍ في العالوك ويتردد صوت العالوك اليوم "علامك غبتْ والدنيا تشارين".

لن ننساك ياحبيب، كيف ننساك وقد أسكنت عمّان في قصائدك وتغنيتَ بها فغدت هي الخزامى والحنّاء، واستلهمتَ من الحروف خيمة عزٍ ونخلٍ تظللها، وجعلتَ القصيدة أماناً وحُباً في لياليها وقدمت لابناء الاردن درساً عميقاً"فنحن بالحب لابمال نحميها".

ولم تنسَ القدس الابية، حاضرة في وجدانك متجذرة ككروم الدوالي في العالوك، وألمح شماغنا المهدب يطير محلقاً بجناحي نسرٍ فوق الغيم في قصائدك لوصفي التل وحابس المجالي فتُلهب في موقد الأردن وابنائه عشق هذا الوطن الحنون والتضحية من أجله.

حبيب ياسنديانة العالوك يردد على مسامعي الشاعر فايز حميدات"هل ضمّكَ الجبل العظيم تكرّماً أم أنّ قامتك العظيمة أسندته بكفها كي لايميل... إنها معادلة الرجال الطيبين الحب يقتلهم وينثرهم على ورد السنين" .

سيظل الأردن مهيوباً ياحبيب ولن يخيب الظن وظنه لن يخيب بابنائه.

نمْ قرير العين في العالوك فالياسمين سيظل منتشياً ففيها يرقد المحبوب والحبيب.