وسطية الأردن

د.محمد يونس العبادي
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/15 الساعة 01:46
نحن وبعد كل هذه العقود التي غيرت وجه المنطقة، وما برز فيها من تبدلات، حيث يتغير كل شيء، بمقدمات أو دونه، ونرى انحرافات الفكر، والتعلل بالغايات حتى لم تمر بضع سنين إلا ويتغير حولنا الكثير.

والناظر للسنوات الأخيرة يرى كيف تغير كثير حولنا، وظهر التشظي الاجتماعي والمذهبي والسياسي، في منطقة بدلت خلال السنين جغرافيتها السياسية ليس بالحدود بل بالفكر والأمثلة عديدة من حولنا فما كان قبل سنوات من حديث عن المنطقة وفرضيات القوة فيها، يدرك أنه لا يصلح اليوم.

وفي دوامة كل هذه العواصف والتغيرات، وبغض النظر عن مبرراتها الداخلية والخارجية، إلا أننا حافظنا في الأردن على نموذجنا الوسطي المبني على عروبة مشروعنا، ووطنية الدولة الصلبة وشعبها، ومشروعية الحكم المستقاة من شرعية الدين والتاريخ والسياسة.

لقد صاغ الأردن نموذجاً وسطيا، صمد بوجه كل تبدلات التحلل الفكري والعقدي، والتطرف بأشكاله كافة، بما لمدرسة الحكم الهاشمية في بلادنا من قوة فكرية، وصدقية وشرعية.

إنه نموذج الأردن الوسطي، ومبدأ ملتزم تجاه كل قضاياه بدءا بفلسطين، وليس انتهاء بالالتزام تجاه كل شقيق والأمثلة كثيرة.. قبل عقود، وفي زماننا حيث الوقوف بجانب سوريا وشعبها في محنتهم.

إنّ وسطية الأردن وما يقدمه من نموذج اليوم، هو شهادة على عمل وبذل الملك عبدالله الثاني، وهو امتداد لحكم ملوك بني هاشم، وتأكيدهم الموصول على أن يبقى الأردن الانموذج ما استطاع، وبذل في سبيل صياغة وطن مليء بمفردات الإنسانية وأن تكون الدولة رصيدا لأمتها وإنسان المنطقة.

وقدمنا في كل مرة برز التطرف رسالتنا، وحاولنا صياغة عنوان حضاري ، ومثال ذلك رسالة عمان التي كانت واحدة من عناوين صانت الأمة ورسالتها في مرحلة دقيقة.

ولاحقا، كان حوار الأديان بما يقدم من مبادرات أممية .. فخاطب الأردن العالم لأجل أن يفهم الحقيقة في لحظة انحرف فيها الفكر نحو التطرف .

واليوم، حق لنا أن نعتز بهذا الوطن الكريم، الذي مر بمراحل اختبار ومنعطفات أثبتت بأنه القادر دوما، بوفاء شعبه، ورصيده القيمي، وحراب جيشه أن يصون نموذجه وتجربته.

فهي ثلاثية المعرفة والقوة والثروة، وهي مبدأ حكم يستقي حضوره من التزامه بالإنسان أولا .. بعيدا عن عناوين التطرف التي تتغذى إما على أحلام طوباوية، أو تتقاطع مع مشاريع الخارج، وهذا البلد تأسس ليكون رصيدا وأملا لأمته، وإنسانها.

الأردن اليوم سيواصل دوره في تجاوز ظواهر وأنماط وأزمات هدفها عدم الاستقرار السياسي في المنطقة ومؤكداً بأنه عنوان حضاري في المشرق العربي، بقي حاضراً، بعد نحو مئة عام وأكثر من تأسيسه.
مدار الساعة ـ نشر في 2025/12/15 الساعة 01:46