حديث الرد مفيد لطرفي الرد
مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/14 الساعة 07:18
في المنطقة حراك دبلوماسي ظاهر يتمثل في جولات وزير الخارجية الإيراني، والذي يبدو أنه باحث عن مقارباتٍ تجنب بلاده ضربة إسرائيلية كبيرة، ويوازيه حراك إسرائيلي على شكل اتصالاتٍ يومية معلنة بين حكومة نتنياهو وواشنطن.
وهناك بطبيعة الحال حراك آخر غير ظاهر لنا، أو لا نراه في الإعلام، يرسم حدود الضربة ويضبط قواعد الاشتباك وسقوف التصعيد.
حتى اللحظة فإن طبيعة الرد غير واضحة.. في الإعلام حديث عن ضرب مواقع عسكرية ونووية وتصعيد كلامي واضح النبرة بين المسؤولين في إيران وإسرائيل، ولكن هذا المشهد ومنذ السابع من أكتوبر بات مألوفاً لدينا، حتى أن الناس في بلادنا، وفي كل بلاد باتوا يرون في هذا السيناريو بأنه تكرار ممل، يشغل الإعلام والمحللين دون أن يأتي على ما تود كثير من التحليلات.
على أية حال.. يبدو أن حديث الرد مفيد لطرفي "الرد" فإسرائيل تنقل الأنظار عمّا يحدث في غزة وفي لبنان إلى زوايا أخرى، وتضيع عناوين القضية الرئيسية وهي غزة ومعاناة شعبها، وما يعانيه لبنان اليوم جراء التصعيد الإسرائيلي، ويضيع حديث أيّ تسوية في ثنايا متى الرد؟ وكيف؟ وما هي حدوده؟ وماذا سيستهدف؟ وكيف ستتعامل معه إيران.. وكلها أسئلة تقليدية حفظناها عن ظهر قلب.
طبعاً وفي تفاصيل الحكاية هذا الحديث مفيد لإيران، حيث تعتبر الموضوع مادة مفيدة لأنصارها.. فكلا الطرفين غارقان في مسألة التضخيم.
ومن الواضح أن الحراك الدبلوماسي في المنطقة والاتصالات المتعاقبة لن تثني حكومة نتنياهو عن الرد، ولكنه وبحسب المعطيات الحالية رد كسابقاته محسوب النتائج، إذ نحن في منطقة صوت الحرب فيها أحياناً يسخر لخدمة المشاريع أكثر من خدمة الشعارات الأساسية.
ولكن، وفي سياق عناوين الرد الكبيرة هذه.. أين القضية الأساسية التي هي أساس المشكلة.. وأساس الحل، إنها ما يجري في قطاع غزة، من مأساةٍ كبيرةٍ، ومسألة وقف العدوان الإسرائيلي على البشر والحجر هناك.
إن أصل المأساة مع توسع الحرب في المنطقة في قطاع غزة.. والأولى اليوم أن يبحث العالم، ومن يهتم بشأن منطقتنا عن إيقاف الحرب في القطاع، وإيقافها في لبنان، ولجم أدوات إنتاج الموت التي منذ أكثر من عام وهي تعبث بمصير شعوب منطقتنا، وتضعها على حافة مأساةٍ سيعمقها الشتاء المقبل، ففي غزة شتاء ثانٍ من المأساة وهي مأساة تطرق أبواب النازحين في لبنان وسوريا، وفي كثير من حواضرنا العربية التي باتت جغرافيا سهلة الضياع، دون ضوابط أو حدود..
من بيده مفاتيح هذه الحروب كلها، ومن يتحدث عن قواعد الاشتباك وحدود الرد.. قادر على إيقاف المأساة، فعلينا ألا ننشغل كثيراً بأحاديث الردود وننسى أصل المأساة، أو يجب ألا تنسينا هذه الأحاديث أن مبتدأ الحل يبدأ من غزة ثم لبنان.. ثم سوريا وغيرها من بلادنا الكبيرة.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/10/14 الساعة 07:18