الأردن ليس بمحل اختبار

د.محمد يونس العبادي
مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/02 الساعة 01:43

تستشعر الدولة الأردنية مظاهر التصعيد في الضفة الغربية، والتي بدأت منذ أيامٍ في عدد من مدن الضفة الغربية، حيث اقتحامات جيش الاحتلال، واعتداءاته وما يخلفه من قتلى وخراب في الطرقات، وعبث في ممتلكات الفلسطينيين.

ونرى مظاهر عدوان جيش الاحتلال، فهو بات في سلوكياته وأسلوبه أكثر عدائية ويحاول إرساء تجربته في غزة على مدن الضفة الغربية، خاصةً مع ما يوفره له اليمين الإسرائيلي المتطرف من غطاءٍ سياسي يزيد من صلفه، وما يضعنا في الأردن أمام قواعد جديدة في التعاطي مع إسرائيل، وما تمثله عقلية الاحتلال لديها، من تبعاتٍ وهواجس بينها محاولات التهجير، وسعار الاستيطان المستشري في الضفة الغربية.
ويبدو أن المشهد الدولي حتى اللحظة غير مهيأ للجم هذا العدوان، وأن نتنياهو وزمرته من أمثال بن غفير وسموتريتش، يحاولون شراء الوقت حتى موعد الانتخابات الأميركية المقبلة.
وأعتقد أن الشهرين المقبلين يحملان الخطر الأكبر منذ بدء العدوان على قطاع غزة، حيث يسعى نتنياهو وزمرته إلى التغول على الضفة بشكلٍ أكبر، ويحاولون ممارسة أساليب غزة في الضفة الغربية.
هذه السياقات تضع الأردن الدولة أمام تحدياتٍ جديدة في التعاطي مع هذا المحتل، وتستلزم تفعيل أدوات اللجم، وقد بدأت الدبلوماسية الأردنية في التحرك بالتحذير من هذه المخاطر في الضفة.
ولكن على نتنياهو وزمرته أن يدركوا أن الأردن ليس بمحل اختبارٍ لهم إن تعرض أمنه أو حتى حاولوا مسّ وجوده، فالأردنيون اليوم، بما تمثله حالتهم الوطنية، والتفافهم حول القيادة الهاشمية قادرون على لجم أيّ محاولات تهجير، أو مسٍ بتراب هذا الوطن، مهما تعددت الذرائع التي سيحاول نتنياهو وخلفه آلة التطرف من حوله صياغتها.
إنّ هذا التغول، والتطرف الإسرائيلي اليميني غير المسبوق يحتم علينا أيضاً، التأكيد على مبادئنا بسيادة السلطة الفلسطينية على الضفة الغربية، وتدعيم جهود الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأن تبقى أيضاً، الخيارات الأخرى على الطاولة، دون تهاون.
ونلحظ أن نتنياهو وزمرته يحاولون بين فينة وأخرى استفزاز الأردن عبر بوابة الوصاية الهاشمية وزيارات الوزير المتطرف بن غفير إلى باحات المسجد الأقصى، وهو نوع من التناغم أو تبادل الأدوار بات نتيناهو يمارسه بشكلٍ مكشوف مع وزيره.
ويظن نتنياهو أنه بعملياته في الضفة، وخطاب وزرائه المستفز أنه قادر على إرضاء حلفائه في اليمين وإشباع تعطشهم للخراب البشري والعمراني تجاه كل ما هو فلسطيني، ولكنه اليوم أضعف ما يكون، سواء في ما يواجهه من معارضةَ في الداخل، أو في فشله بحربه على قطاع غزة، والتي كشفت عن وجهٍ حقيقيٍ لحقيقة إسرائيل اليوم، أمام العالم.
على أية حال.. إن الضفة الغربية لن تكون ساحة اختبار للأردن بحضوره، وصلابته، والموقف الإقليمي والدولي، وما نملكه من جبهةٍ وطنية متينة.. هي كلها رصيد يحول دون تحقيق رغبات التطرف التي أنتجها نتنياهو وحكومته.. فهي حكومة باتت من فشلٍ إلى آخر.

مدار الساعة ـ نشر في 2024/09/02 الساعة 01:43