مقابلة عالمية بقوة الحق
مدار الساعة ـ نشر في 2024/05/13 الساعة 02:33
هذه ليست المرة الأولى التي تخاطب فيها الملكة رانيا العبدالله الرأي العام الأميركي، فمقابلة جلالتها مع قناة سي بي إس، حملت عناوين مهمة وأيضا، رسائل مهمة.
فشبكة "سي بي إس" هي من أكثر وسائل الإعلام متابعة في الولايات المتحدة، وهي منبر مهم لمخاطبة الرأي العام الأميركي الذي بطبيعة الحال وفي مناخ التضامن مع غزة يريد أن يفهم ما يجري في المنطقة، من أهلها، وبإنجليزية متقنة، وهذه نقطة قوة في خطاب الملكة رانيا التي استطاعت إيصال الرسالة لما يجري في غزة، بحيث ألا يبقى الصوت مقتصرا هناك على ما تريد اللوبيات إيصاله.
فجلالة الملكة حققت بمقابلتها اختراقا لصالح القضية في غزة، وبنت خطابا مضادا مقنعا، وحقيقي، وببراعة وصلت إلى الناس هناك.
إذ نادت الملكة رانيا بضرورة وقف الفظائع في غزة من منطلقات يفهمها الغرب وبنى قيمه الحضارية عليها، ونبهت إلى أن تصرفات إسرائيل ليست خيانة لأهل غزة فقط، "بل هي في الحقيقة خيانة للضمانات التي تهدف للحفاظ على سلامتنا جميعا".
إضافة لعناوين أخرى بينها، تأكيد جلالتها على الوجدان الذي يشعر ونشعر به جميعا اليوم، وهو الشعور بالظلم (..) ما يجعلنا نشعر بخسارة كبيرة لمصداقية الولايات المتحدة، كما أنه يتسبب في إعادة تفكيرنا لنظرتنا بالمنظومة العالمية.
هذا الطرح يضع الغرب وتحديدا أميركا أمام اختبار بخاصة بعد مضي 8 شهور من الحرب على غزة... فهي مقابلة تحدثت بقوة الحق لا حق القوة الذي يعاني اهل غزة منه اليوم.
إن ذكاء الخطاب الذي صاغته الملكة رانيا العبدالله سواء في هذه المقابلة أو ما سبقها أنها تضع مسألة غزة اليوم في سياقها الإنساني، وهو أمر مهم حاولت قوى الضغط المؤيدة لإسرائيل في أميركا تحييده، وهنا مكمن محاولات البعض اجتزاء أجزاء منها وتوظيفها في غير سياقها، ذلك أننا بحاجة لأنسنة مسألة حرب غزة، وتكشيف الظلم والخراب، ومدى العدوان الذي لحق بكل ما فيها من بشر وحجر.
فالملكة رانيا العبدالله حملت هم غزة بانسانها، وهذا بيت القصيد بداية، فيما البعد السياسي للمسألة يصبح أمرا آخر وظالما بشكل أكبر، بل وضيق النظرة.
إذ قالت جلالة الملكة، إنه إذاا لم نغمر غزة بالمساعدات قريباً، فسنواجه مجاعة جماعية. ولا أعرف كيف يكون العالم سعيدا بفعل ذلك.
ومن بين الإشارات الأخرى تحذير جلالتها من تأثير هذه الحرب على أجيال مقبلة، وخلق عالم غير آمن.
إن هذه المقابلة وهذا الخطاب المليء بالانسانية والموجه لرأي عام يستطيع التأثير، هو رسالة تزعج تيارات أخرى لانه خطاب موضوعي يستند إلى حقيقة إنسانية المسألة، وهو ما يريد مناصرين من الجهة المقابلة التغطية عليه، وعدم إظهاره لأنه يخلخل روايتهم.
لقد قدمت الملكة رانيا العبدالله في هذه المقابلة صوتنا، وصوت إنسان هذه المنطقة في لحظة دقيقة مما يجري في غزة، وبخاصة التطورات جنوبي القطاع، إذ حذرت جلالتها من تداعياتها... لذا حاول البعض اجتزاء هذا الطرح أو توظيفه، لإدراكه أن جلالة الملكة من أصوات تسمع، وتتحدث بالحقيقة وضميرها.. وبقوة الحق.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/05/13 الساعة 02:33