الأردن.. لا ولم ولن يتغير

د.محمد يونس العبادي
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/04 الساعة 01:58
«جيشنا العربي ما زال يخط صفحات جديدة في كتاب العروبة والتفاني والإخلاص، واليوم، في ذكرى تعريب قيادة الجيش، يواصل نشامى القوات المسلحة بذل كل ما بوسعهم للوقوف إلى جانب أشقائهم في غزة. بوركت هذه الجهود».. بهذه الكلمات هنأ الملك عبدالله الثاني جيشنا العربي بمناسبة ذكرى تعريب قيادته.
فما يزال جيشنا العربي، سياج حريتنا، ورمز عزة هذا البلد، وفي كل تحول، أو منعطف يبرهن على أنه ما يزال مخزن قيم وفائنا، وأنه المؤسسة التي نلجأ إليها دوما، فيكون منها الغيث.وفي كل عام نستذكر قرار تعريب قيادة الجيش العربي في الأول من أذار عام 1956م، وهو قرار يذكرنا بزمانٍ أردني مضى، وما زالت ذكراه تُذكرنا بأنّ هذا البلد قادر على مواجهة التحديات، ويتقن، لمعدنه النقي، وأصالة قيادته، التغلب عليها.فتعريب قيادة الجيش العربي، لم يكن قراراً بطرد كلوب، وحسب، بل هو قرار تتأتى أهميته من انه استكمل آخر مراحل الاستقلال الأردني، ووجه الضربة القوية لنظام المستعمرات الذي كان سائداً في المشرق العربي.وقد نص القرار الأردني بتعريب قيادة الجيش، على ما يلي: إنهاء خدمات الفريق كلوب من منصبه رئيس أركان الجيش العربي، ترقية العقيد راضي عناب إلى رتبة لواء، وتعيينه بمنصب رئيس أركان الجيش العربي، وإنهاء خدمات العقيد باتريك كوجهل رئيس دائرة الاستخبارات العسكرية، بالإضافة إلى إنهاء خدمات العقيد وليم هاتون مدير دائرة الخدمات.وكما كل قرار أردني، سعى إلى انتزاع سيادتنا الوطنية، فإنّ هذا القرار، أدى إلى انقطاع المساعدات البريطانية عن الأردن، بل ولم يف الأشقاء بعدها بما وعدوا، ورغم ذلك صمد الأردن.فالقرار كان سابقاً لتاريخه، وقد سماه الأردنيون انذاك بعيد الحرية، خاصة وانه قرار ورؤية حمل صداه إلى جميع البلاد العربية والعالم، فقرار الحسين لم يكّن وليد لحظة بل هو نتاج سياقات وميزته بأنه عبر باكراً عن فكره (طيب الله ثراه) بأنه كان سباقاً لكل مرحلة.فلقد عزز تعريب قيادة الجيش العربي ثقة الأردن بنفسه، فهو شمل أهم مؤسسة وطنية صهرت الأردنيين، وهي محل اعتزاز الأردني حيث يتطلع إليها على أنها مستودع فروسيته وقيمه.واليوم، وبعد هذه الأعوام، على هذا القرار وما حمله من أرثٍ موصولٍ ما زال ماثلاً، نتطلع إلى واقعنا العربي الذي تغير كثيراً، ونرى أنّ الأردن لم يتغير بل يصون لليوم معدن العروبة ويقبض على جمرها لا خطاباً وحسب بل وفعلاً، ومن أراد الاستزادة ففي موقف الأردن من العدوان على غزة كثير من العبر.وبين زمان القرار وحاضرنا، بثبت الأردن دوماً وقوفه لجانب الحق، فنحن في وطن صاغته قوى صادقةً منتمية إلى المنطقة، حيث الثورة العربية الكبرى، وحيث الناس الذين التحقوا بها مؤمنين بمقدرة العربي وبالرسالة الهاشمية، ولإيمان الأردنيين بأدوارهم وبالرسالة عبروا من المراحل أصعبها.نعم، مرّ التاريخ على قراراتٍ أردنيةٍ كثيرة، ولكن التاريخ نفسه، ما زال يذكرنا بعبقرية هذا الوطن، وقيادته الهاشمية، وما زال الأردن حتى اليوم قادراً على الصمود، وعلى البذل والعطاء دوما.نهنئ الوطن، ومليكه وولي عهده بذكرى تعريب قيادة الجيش، وستبقى سواعد جيشنا التي اغاثت غزة من سماءها، شاهدة على أن هذا الوطن سباق بكريم بذله وصدق موقفه، ورؤية قيادته، وصلابة جيشه، ووفاء شعبه.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/03/04 الساعة 01:58