إسرائيل أمام 'العدالة الدولية'

أ. د. أمين المشاقبة
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/14 الساعة 00:04
تعرف الإبادة الجماعية بأنها "أيّاً من الأفعال التالية المُرتكبة على قصد التدمير الكلي او الجزئي لجماعة قومية او اثنية او عنصرية او دينية بما في ذلك، قتل اعضاء من الجماعة، الحاق الاذى الجسدي او الروحي باعضاء الجماعة، اخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يُراد منها تدميرها المادي كليا وجزئيا، نقل اطفال من الجماعة عنوة الى جماعة اخرى، وهي جريمة بمقتضى القانون الدولي، اذ تتعهد الاطراف الموقعة عليها بمنعها والمعاقبة عليها وتحمّل المسؤولية الاساسية على عاتق الدولة التي تقع بها، ورد هذا التعريف في اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية التي اعتمدتها الأُمم المتحدة في 9 ديسمبر/كانون الأول من عام 1948، اما اركان جرائم الابادة، ان يقتل المتهم شخصا او اكثر، ان يرتكب السلوك كجزء من هجوم واسع النطاق او منهجي موجه ضد سكان مدنيين، في ضوء هذه المعاني ما تقوم به اسرائيل ومعها كشريك الولايات المتحدة في قطاع غزة المحتل يتساوى مع هذه المعاني، قتل ما يزيد عن 23 ألف مواطن مدني وجرح 59 ألف وتدمير 70% من مباني غزة و380 مسجداً، وثلاث كنائس، وما يزيد عن30 مستشفى ومركز طبي، وتهجير الشعب الفلسطيني مليون و900 ألف من شمال ووسط القطاع باتجاه الجنوب ومئات المجازر، هذه الافعال والخطوات الاجرامية مع النية الكاملة للفعل تلتقي مع التعريف للابادة الجماعية، ناهيك عن محاولة التهجير المتعمد لاهل قطاع غزة، والقتل الجماعي المتعمد.جنوب افريقيا دولة حرة، عادلة جَرَّب شعبها التمييز العنصري وناضلت عبر عقود للتخلص من الاستعمار والعنصرية البريطانية، وفي النهاية عاد الحُكم للشعب الاصلي، وها هي الدولة الانسانية تتقدم بقضية الابادة الجماعية امام محكمة العدل الدولية، مع صمت عربي ووجوم وهي الاولى بذلك، باسم احرار العالم اقدم الشكر لجنوب افريقيا وشعبها الحُر على دورها في تقديم ورفع القضية للمحكمة الدولية صاحبة الاختصاص، هذه المرة الاولى اسرائيل تقف امام القانون الدولي التي رفضته عبر 76 عاما من الاحتلال، وهي فوق المحاسبة والمساءلة، رفضت ما يزيد عن 57 قراراً لمجلس الامن، وما يزيد عن 850 قرارا للجمعية العامة، ها هي اليوم تمثل بخوف امام محكمة العدل على افعالها، نعم قرارات المحكمة غير ملزمة لكنها تعرّي السلوك السياسي والحربي الاسرائيلي ومعه الموقف الاميركي، وهي ضربة موجعة لها ومن يدعمها، ودائما تظهر اسرائيل بانها ضحية على اساس المحرقة النازية، وان هناك مظلومية للشعب اليهودي يجب على العالم ان يتعاطف معها وانها على حق، جاء الدور عليها للوقوف امام العدالة الدولية بانها دولة مجرمة وافعالها تجاه الشعب الفلسطيني ما هي الا جرائم حرب، وابادة جماعية. وتأتي ردود المسؤولين الاسرائيليين الغاضبة ضد المحكمة بانها "ضد ومعاداة السامية"، و"سيرك ضد السامية"، و"المحكمة منافق، وتشويه اخلاقي"، و"انهم الضحية وامام عالم مقلوب"، و"ان الجيش الاسرائيلي يحارب حرب عادلة واخلاقية"، و"ان جيشهم الاكثر اخلاقية في العالم"، "وان ما يجري ضد اسرائيل ما هو إلاّ افتراءات واكاذيب لا اساس لها من الصحة"، هذا ما يقولون ألا يرون واقع الدمار والقتل على الارض في قطاع غزة انهم شعب منافق وكذاب بكل المعايير، وعلى العالم ان يراهم على حقيقتهم كنموذج متطرف، عنصري تفوق على النازية باقتدار، على العالم أن يرى الصهيونية على حقيقتها بانها حركة تقوم على الدم والنار وتدّعي الاخلاقية والانسانية، آن الأوان للعالم الحُر أن يكشف اكذوبة صيغت لانهاء الشعب الفلسطيني والاحلال محله، وقلب الحقائق التاريخية وتزييفها، انها حركة استعمارية، استيطانية، احلالية وكل سلوكها يصب في هذا الاتجاه. مرة اخرى الشكر الموصول لحكومة جنوب افريقيا ولشعبها الحُر الانساني على هذه الدعوى رغم حالة الصمت العربي التي يوضع عليها الكثير من علامات الاستفهام.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/01/14 الساعة 00:04