كلمة في الإصلاح الثقافي..
مدار الساعة ـ نشر في 2023/08/29 الساعة 04:45
الثقافة بمفهومها الواسع هي الرافعة لكل مشاريعنا، سواء أكانت سياسية أم غيرها، فهي الوجدان الحيّ والمعيار، وهي اليوم التعبير عن قوة الدولة، بمفهومها الواسع، كأرض وشعبٍ وجغرافيا.
والثقافة هي الحصن الأول وأيضاً، الأخير الذي يشكل الأرضية، فهي بمفهومها البسيط القراءة، والكتابة، والإعلام، وهي المعرفة بصنوفها كافة سواءً أكانت أكاديمية أم معرفة ذاتية، أم فنون وغيرها.
واليوم، ونحن في خضم مناخات الإصلاح، أين وصلنا في مشاريعنا الثقافية.. وهل بتنا نحتاج اليوم إلى إصلاحٍ ثقافي، وهل بتنا بحاجة بنظرةٍ إلى التشريعات (على كثرتها) ومنها مثالاً: قانون حماية حق المؤلف، قانون الوثائق الوطنية، قانون رعاية الثقافة، وغيرها من القوانين ذات الصلة مثل قانون حق الحصول على المعلومة، والذي جاءت التوجيهات الملكية بإعادة النظر به.
في خضم مشاريعنا الإصلاحية، ما يزال هناك حاجة لإصلاحٍ ثقافيٍ للحاق بالركب، وليكون المثقفون هم المقدمة التي تحمل مفردات ومفاهيم تربوية تعزز ثقافة الشباب، والناس، وغيرهم على مختلف مشاربهم، وأعمارهم وتوجهاتهم.
فنحن في بلدٍ صاغ معنى حضوره من روافد عدة، أهمها التاريخ وما يحمله من عبرٍ ودروس، بل وحتى في حكاية تشكيله كوطنٍ قوميٍ عروبي التوجه، لجأ إليه أحرار العرب، وحمل بطبيعة ثقافة ناسه هموم الأمة من فلسطين، إلى كل قضيةٍ عربيةٍ فكان مؤثراً ومتأثراً بها، فالأردن جزء من هذه الثقافة الممتدة، وصاحب مشروعٍ ينتمي إلى أمته، بما قدمه من بذلٍ على مدار أكثر من قرنٍ، أو بما ينتظره من أدوار بفهم ومخيال الأردنيين، فنحن أصحاب إرثٍ في هذا الوطن عميق بحضوره ودوره سواء في إدراك دوره كنموذج، أو في ما بذله من تضحيات.
كما أن الجغرافيا جزء من هذا الدور، فنحن بين عبقرية المكان، وبين همومه، وبثقافتنا هذا الأمر كان دوراً ومبدأ لأجل الأشقاء وفلسطين... وحديثي هنا هو جزء من ثقافة الأردني مهما اختلف في معرفته أو في توجهه.
وعلى هذا، فإننا اليوم، وفي خضم مناخات الإصلاح بتنا بحاجةٍ إلى لفتةٍ من مثقفينا ليكونوا فاعلين بالعمل العام، وأن يكون حضورهم، وتشكيلهم للوعي هو الجزء الرافد بطبيعة الحال.
لذا، فإن انشغال بعض المثقفين، وانشغال بعض المؤسسات الثقافية في جدلياتها بعيداً عن الناس، وبعيداً عما يجري من ورشة إصلاحٍ سيجعل من هذه اللحظة المعاشة، بغيابهم... فعلى عاتق العاملين بهذا الحقل يقع اليوم عبء وفراغ يجب أن يشغلوه ويملؤوه.
والخطوة الأولى للحاق بالركب، هي تفعيل القوانين الثقافية، وإنفاذها، كخطوة على طريق الفرز بين المثقف الحقيقي وغيره ممن التصق بهذا القطاع دون إدراكٍ لدوره، وأهمية وجوده كداعمٍ للمجتمع وهو يخطو في مشاريعه الإصلاحية.
فما بين الثقافي والسياسي، وما بين الثقافي والاقتصادي، وما بين الثقافي وأيّ هم هناك مساحة مشتركة، تتقدم فيها الثقافة على سواها، ولذا نجحت المجتمعات التي انخرط مثقفوها بمشاريعها وهمومها، فيما لم تنجح مجتمعات في مشاريعها لغياب المثقفين، وبات هناك لحظات دون تأصيل... حتى أن ما نسميه بعصور النهضة على مدار مئات السنين في مجتمعاتنا العربية كانت الريادة، ومسألة التنظير والمشاركة، أولوية لدى المثقفين.. ونحن نمتلك بيئة وتشريعات جيدة، ولكننا بحاجة إلى تحفيز هذا القطاع لكي يكون فاعلاً ومؤصلاً.
وأخيراً، فالمستقبل يقول إنه سيكون للمثقف حضور أكبر وفاعلية في توجيه دفة السياسة والمجتمع، ومع تطور التقنيات وسهولة التواصل سيكون من السهل اقتباس آراء المثقفين والاسترشاد بها في أي مكان، (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
مدار الساعة ـ نشر في 2023/08/29 الساعة 04:45