الفريق الوزاري يمثل مؤسسة مجلس الوزراء، وعندما يجلس ويفاوض النقابة لايفتي من رأسه، بل استنادا لتعليمات وتوجيهات من الحكومة ورئيسها.بمعنى أن لا فرق بالنسبة لمجلس النقابة إن كان التقى الرزاز أو الفريق الوزاري الذي يمثله، تماما كما هو الحال لو أن مجلس نقابة المعلمين أوفد فريقا من أعضائه وليس نائب النقيب شخصيا
صحيح أن فريقا وزاريا اجتمع من قبل مع وفد النقابة ولم يخلص لنتيجة، لكن ذلك لايعني نهاية المطاف. المفاوضات حول القضايا المستعصية والشائكة تحتاج لجولات طويلة أحيانا،وعندما يتمكن الطرفان المختلفان من بناء آلية موثوقة للحوار يجدان نفسيهما وقد توصلا لتفاهمات بدت في وقت سابق مستحيلة
ودعوة قيادة النقابة لحوار غير مشروط تقتضي أيضا رفع الموانع التي تحول دون بناء حوار قائم على الثقة والمصلحة العامة،وهذا يتطلب تعليق الإضراب أولا ومن ثم الجلوس على طاولة الحوار،وفتح الملفات كافة للوصول إلى توافقات طويلة المدى عوضا عن البحث عن تنازلات آنية تحت ضغط الميدان
يقول بعض المراقبين إن الحكومة بموقفها المتشدد حيال موضوع العلاوة صعدت إلى أعلى الشجرة وليس أمامها من وسيلة للنزول أبدا. هذا الوصف ينطبق على مجلس نقابة المعلمين، فهو بإصراره على مواصلة الإضراب والعلاوة دون نقاش، وشحن المعلمين بخطاب تصعيدي،يجعل من الصعب عليه مستقبلا القبول بمفاوضات تفضي لتنازلات، وإقناع جمهور المعلمين في الميدان بنتيجتها
ويقول مجلس النقابة إن أحداث الخميس الماضي استفزت المعلمين ودفعت بالنقابة إلى إعلان الإضراب فورا، وهذا دقيق من وجهة نظري.لكن يتعين على القيادة أن تتمتع بالحكمة في الظروف الصعبة، وتعيد تقدير موقفها، بعد أن تهدأ الأنفس،لأن الإصرار على الإضراب المفتوح يستفز الحكومة ومؤسسات الدولة أيضا، ولايمكنها أن تفكر بإجراء تفاهمات تحت هذا الضغط،لكنها بالرغم من ذلك قبلت الحوار مع النقابة ووجهت دعوة للجلوس فورا على الطاولة، وهي الخطوة التي تعاملت معها قيادة النقابة بازدراء واستخفاف، وكأن الإضراب أصبح هدفا بحد ذاته
في ظل انسداد أفق الحوار،أقلها حتى الآن، يبدو أن الخطوات التصعيدية هي البديل حاليا، ومايخشاه الكثيرون أن يأخذنا هذا السلوك نحو طور جديد من أزمة يطول أمدها
لكن مهما كانت الخطوات المتوقعة في الأيام المقبلة،لن تجد النقابة بديلا عن الحوار في نهاية المطاف.غير أن ذلك سيحدث للأسف بعد أن نكون قد راكمنا الخسائر على صعيد العملية التعليمية،ومن رصيد الثقة والعلاقة بين المعلمين ووزارتهم، وربما على مستوى أكبر أيضا.(الغد)