انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

الرواشدة يكتب: عمّان وحُلم اليوتوبيا

مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/03 الساعة 10:28
مدار الساعة,مقالات

أوس حسين الرواشدة
ظهر مصطلح اليوتوبيا لأول مرة في العصر اليوناني ومعناه اصطلاحاً " المدينة الفاضلة " ، حيث كان يهرب الفلاسفة اليونان من مشاكلهم ويواجهونها بضرب من قصص الخيال ، تحكي عن مدينة لا وجود للحزن فيها ، يكون قانونها سيد الجميع ، ويكون الناس سواسية فيها ، وبالرغم من وجود أكثر من نموذج " للمدينة الفاضلة " ، فهناك نموذج لأفلاطون وآخر لتوماس مور ، فمع اختلاف تفاصيل تلك النماذج ، تكون الغاية منها واحدة ، وهي مدينة " سعيدة " خالية من العيوب .

على الرغم من إستحالة وجود مكان " فاضل " بشكل كامل ، لكن ما الذي يمنعنا من امتلاك الطموح للوصول " تقريبا " للمدينة السعيدة ؟ ، علينا هُنا معرفة الأسباب الي تمنعنا من تحقيق ذلك الحلم .

في الحقيقة هناك عِدّة مشاريع تهدف لخدمة المجتمع مطروحة في عمّان أو تحت التنفيذ ، لكن - للأسف- نسبة كبيرة منها لم ينتهي بعد وعدد قليل منها اكتمل لكن بعد وقت طويل جدا ، وأشهر تلك المشاريع التي لم تكتمل بعد مشروع الباص السريع ، ذلك المشروع الذي مرّ على إطلاقه ما يُقارب العشر سنوات ، وقت طويل جداً أثّر على ثقة المجتمع باكتمال ذلك المشروع ، وأدّت الحفريّات " المتقطّعة " إلى حدوث اختناق مروري حادّ ، في نهاية الأمر ، علينا إيجاد حلول لكابوس " المشاريع " الغير مُنتهية لأنها تقف عائقاً أمامنا للوصول إلى مجتمع سعيد .

باقي على قدوم الشتاء أشهر قليلة ، والشتاء في عمّان يذكّرنا بالبُنية التحتية الغير مُجهّزة لاستقباله ، ويُذكّرنا بالمناهل التي تفيض بما فيها على الشوارع ، مُعلنةً تعطيل حركة السير ، أو إغراق المحال التجارية وإتلاف بضائعها كما حصل قبل عدّة أشهر ، ناهيك عن الشوارع الي تتشقق بعد أول " شتوة " فاضحةً الفساد الذي طغى على مجتمعنا .
حتى لو قررنا السير على الأقدام في أيّام الشتاء مثلا ، تفادياً " للأزمات " ، فالأرصفة في العاصمة غير ملائمة للمشي ، فهي إمّا " مكسّرة " أو مُكدّسة بالكراتين والأوساخ .

يبقى الجانب الثقافي وهو الأهم للوصول إلى غايتنا ، فعمّان مدينة بلا " روح " ثقافية ، يزيد فيها عدد المقاهي والبُنيان على عدد المتاحف والمكتبات ، فهي تفتقر إلى " نكهة " تاريخية تزيد من ثقافة مجتمعها ، فقد أصبحت " غابة " من العمران والسيارات ، ومع تقدّم الوقت ستصبح عمّان مدينة غير صديقة للبيئة بشكل تام ، وعلى الرغم من صُغر مساحتها ، حيث أنّها الأصغر بين شقيقاتها المحافظات الأخرى ، إِلَّا أنّ فيها أكبر تجمع سُكاني ، ذلك الحشد الكبير الي يقطن فيها ، ما هو إِلَّا جزء من ثقافة خاطئة جعلت من بقية المحافظات ، مُدن " أشباح " بنظر الناس ، خالية من أي تطور أو فرص للنجاح .

في السابق كانت الأمم تُقيم المقابر في وسط المدينة ، لكي تتوسع مُبتعدةً عنها ، لكن في عمّان المقبرة الرئيسية فيها - مقبرة سحاب - أُقيمت بعيدا عن مركز المدينة ، لكن مع التوسّع الغير " مدروس " في البُينان ، تكاد عمّان من الوصول للمقبرة ، هُنا علينا التدقيق في كميّة المساحات المهدورة في عمّان ، وتحول مناطق " خضراء " إلى مناطق تعجُّ بالسكان ، فالعمارات السكنية " أكلت " نصيبنا في جود متنزّهات قومية وحدائق عامة ومساحات خضراء ، وللأسف كلّما اقترب عمّان من المقبرة ، اقتربت روحها معها إلى القبر ، لتصبح في النهاية ، مدينة " آلية " خالية من شعور وتعاطف .

اليوتوبيا في الحقيقة خيال ، لكن إذا تم مُعالجة جميع تلك المشاكل في عمّان ، من الممكن أن نقترب أكثر لشكل المدينة الفاضلة ، التي تحتوي على روح ثقافية ومشاريع فعّالة وتوسّع مدروس ، والأهمّ من كل هذا ، قانون فوق الجميع .

مدار الساعة ـ نشر في 2019/09/03 الساعة 10:28