مدار الساعة - "كل عمان للبيع" مصطلح أصبح يتردد كثيراً في الأردن خاصة بين المستثمرين وتجار العقارات، في توصيف لتزايد أعداد الشقق السكنية المعروضة للبيع. وتتركز مشكلة تراجع الطلب في العاصمة عمان، بالرغم من ارتفاع عدد سكانها بشكل استثنائي في السنوات العشر الماضية إلى حوالي 4 ملايين نسمة، بسبب تزايد الهجرة من المدن والقرى، واعتبارها مقصداً لآلاف العرب الفارين من الحروب في بلدانهم.
وتتضح ملامح الأزمة بارتفاع أعداد إعلانات الشقق المعروضة للبيع من قبل أصحابها من خلال الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي ومنصات مختصة بالتسويق، فيما ارتأى مواطنون تعليق لوحات على الشقق بحثاً عن مشترين ولتفادي عمولات السماسرة، التي تصل إلى 4 في المائة من قيمة العقار.
وبحسب دائرة الأراضي والمساحة، فقد تراجعت مؤشرات التداول العقاري في الأردن خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي إلى 3,44 مليارات دولار، بعدما سجلت أكثر 4.2 مليارات دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. وقال مدير عام دائرة الأراضي والمساحة معين الصايغ لـ "العربي الجديد" إن التراجع في سوق العقار مرده انخفاض مبيعات الشقق السكنية والأراضي بشكل واضح، وانخفاض إقبال الجنسيات غير الأردنية على تملك العقارات في البلاد.
وشرح أن أسعار الشقق السكنية والأراضي زيادة على أسعارها منذ عدة سنوات وما زالت على ارتفاع، ما ساهم في تراجع الطلب. ولفت الصايغ إلى أن هناك أعدادا كبيرة من الشقق السكنية معروضة للبيع، وخاصة في العاصمة عمان لعدة أسباب، منها تعثر أصحابها عن تسديد الأقساط المترتبة عليهم للبنوك ومؤسسات التمويل وشركات الإسكان وكذلك ارتفاع بيع العرب شققهم السكنية ومغادرتهم الأردن.
وأوضح أن الحكومة اتخذت عدة إجراءات لتحفيز قطاع العقار، ومن ذلك إعفاء الشقق من رسوم التسجيل لمساحة 150 متراً، وكذلك تعديل نظام الأبنية الذي يوفر مساحات إضافية تستغل من قبل المستثمرين. وتجاوزت مديونية الأفراد لصالح البنوك 14 مليار دولار غالبيتها تسهيلات ائتمانية لتمويل شراء الشقق السكنية والمنازل المستقلة، وبنسبة تبلغ حوالي 40 في المائة من إجمالي القروض.
وقال نضال زبيد، وهو تاجر عقارات، إن الإقبال على شراء العقارات في الأردن شهد تراجعاً كبيراً في السنوات القليلة الماضية وبدرجة أكبر هذا العام بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين. وأشار إلى أن عدداً كبيراً من الشقق السكنية، وخاصة القديمة، معروضة للبيع حالياً في بعض المناطق التي كان يتركز فيها تواجد بعض العراقيين، والذين أصبحوا يعودون حالياً إلى بلادهم وآخرون يسافرون إلى بلدان أخرى.
وأضاف أن الضرر من انخفاض حركة تجارة العقارات ينعكس على كافة القطاعات مثل مصانع وتجار مواد البناء والقطاعات الأخرى كالنقل والخدمات وغيرها.
المحلل الاقتصادي عوني الداوود قال لـ "العربي الجديد" إن ارتفاع أسعار الفوائد المصرفية ساهم بالدرجة الأولى في تراجع إقبال المواطنين على شراء العقارات بخاصة الشقق السكنية.
وأضاف أن تعثر قطاع العقار مؤشر المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد الأردني والذي يحتاج إلى إجراءات عاجلة لتنشيطه، ومن ذلك تخفيض رسوم تسجيل العقارات، ومطالبة البنوك بتخفيض أسعار الفائدة على القروض السكنية، وبحث إمكانية دعم الحكومة لهذه القروض من باب تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين وتحفيز القطاع.
وتتراوح أسعار الفائدة على القروض السكنية في الأردن ما بين 7.995 في المائة إلى 11 في المائة. وبين الداوود أن الشقق المعروضة للبيع في الأردن في تزايد، ما يدل على تفاقم المشكلة التي يدفع ثمنها في المحصلة الاقتصاد ككل، والمواطن، في ظل تعثر التسهيلات وعدم قدرة الغالبية على شراء الشقق السكنية.
في سياق متصل، تزايدت هجرة شركات الإسكان والمستثمرين في قطاع العقار من الأردن إلى دول أخرى، خاصة تركيا التي أصبحت وجهة مفضلة للاستثمار في العقارات. كما تستحوذ دبي على مبالغ كبيرة من إجمالي رؤوس الأموال الأردنية العاملة في هذا المجال. "العربي الجديد"