بقلم (الاء) ٢٢ سنة - طالبة جامعية
لا أذكر حينها كيف ولماذا.. ورم خبيث ينمو بداخلي وليس لنموه نهاية يقتحمني ويحاول السيطرة عليّ ليضعف قوتي ويجعلني استسلم.
على الرغم من أنه غير مُعدٍ ولا قاتل إلا أنه يُميت إذا اهملته وتأخر تشخيصه، وحين ينتصر هذا الوحش تتحول حياتك إلى جحيم بين أركان المستشفيات وعمليات الاستئصال وجلسات العلاج الكيماوي وغير ذلك من المحاولات الطبية الهادفة للقضاء عليه.
هل سأعيش مرة أخرى؟ ام سأموت؟
أسئلة طاردتني بعد إجراء خزعة لورم في الثدي الأيسر تبين بعدها انه ورم خبيث يجب أن اخضع لجلسات علاج أو استئصال كامل للثدي لا أعلم أيهما سأخوض كانت معايشتي للمرض تمسّ مجموعة الأبعاد الجسدية والروحية والنفسية والاجتماعية، القلق والاكتئاب هما ردة فعلي الأولى وبعد تفكير عميق وإجهاد عقلي ويقيني بأن المرض لن ينهش أضلعي وصحتي لا زال هناك أمل يشّع وينظر إلى باب لم يُغلق هو باب الأمل بالله.
اذكر في بداية المشوار عنائي في غُرف الأطباء في عدة مستشفيات خاصة وعامة، لتشخيص حالتي إلى أن وصلت إلى أحد الأطباء المشهود لهم في مجال جراحة و ترميم الثدي الدكتور محمد ناصر عثامنة في مستشفى الأميرة بسمة التعليمي. وجدت عشرات المراجعين يتزاحمون للدخول على عيادته و ينتظرون أمام باب العيادة ذي اللون الأخضر.
بعد الانتظار والدخول، باشر الطبيب بأخذ القصة المرضية وتقليب أوراق الفحوصات والخزعات. وبدأ بالفحص السريري الذي استغرق جزءاً من الساعة وبعد حديث طويل دار بيني وبينه أخبرني بضرورة إجراء عملية استئصال للورم ووضع حشوة السيليكون التجميلية مع المحافظة على شكل الثدي من الخارج. لا أنكر حينها كمية الإحباط والهلع المُصاحب لتنمل الأطراف وعدم القدره على التكلم.
وبالتعاون مع إدارة مستشفى الأميرة بسمة التعليمي ونظراً لسوء حالتي الصحية والنفسية ونمو الورم بطريقة شرسة وبالتعاون رائع من كادر الأطباء قرر الدكتور محمد عثامنة إجراء العملية بأسرع وقت ممكن بعد إجراء فحوصات ضرورية تحتاج من الوقت عِدة أيام. أُجريت العملية بنجاح تحت ايدي فريق طبي ماهر يُشعر المريض بالراحة النفسية ويدعمه بعبارات تشجيعية، يدرك الإنسان وقتها قيمة الكلمة الطيبة و أثرها في نفوس الآخرين، ولن انسى دعوات أمي وصلواتها تستنجد رب العالمين وتطلب منه الشفاء العاجل.
بعد مرور ايام من الراحة في إحدى غرف المستشفى وتلقي الاهتمام العلاجي وبعد الانتهاء من المرحلة الجراحية ظهرت نتيجة العينة التي تم تحليلها لتخبرني كلماتها بضرورة استكمال العلاج الشعاعي في مركز الحسين للسرطان.
لا أُنكر سقوطي مرة أخرى بعد يقيني بالشفاء، لكني ما زلت على قيد الحياة لملمت ما تبقى من الأمل وقررت مواجهته مرة أخرى مما زادني إصراراً وعزيمة لهزيمته. طموحي للنجاح وحبي للحياة كانو أصدقائي في هذه الرحلة المُعتمه.
ان تثق بالله أمر عظيم يغفل عنه الكثيرون، لا تقف على قدميك مهزوزاً. الأمر ممكن ولكن يبدو صعبا مهما فكرت في نفسك فأنت أقوى مما تتخيل، ذلك الخيط الرفيع الذي بينك وبين الله عليك أن تراه دائما ولا تجعله يغيب عن ناظريك. (نقلا عن خالد صفران البلوي - ايطاليا)