مدار الساعة - حذرت منظمة حقوقية ان السكان المقيمين في قطاع غزة يمرون بتغيرات ديموغرافية واجتماعية تنذر بخطورة كبيرة على مستقبل سكان القطاع.
ووفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد بلغ معدل الكثافة السكانية في قطاع غزة 5453 فرداً/كم2.
وأشار مركز الميزان لحقوق الانسان في بيان صحفي صدر اليوم بمناسبة اليوم العالمي للسكان الذي يُصادف اليوم الخميس، انه طرأ انخفاض في متوسط حجم الأسرة الى 5.7 فرداً في العام 2018 مقارنة مع 6.5 في العام 2007، كما أشارت بيانات الإحصاء الفلسطيني أن 9 بالمئة من الأسر في قطاع غزة تترأسها إناث والتي ظلت مشاركتها في القوى العاملة متدنية مقارنة مع الذكور، واستمر اتساع الفجوة بين الاحتياجات السكان المطلوبة، والموارد المتوفرة، وهذه الفجوة من المتوقع أن تتسع على نحو خطير.
وقال المركز انه وسط هذه الاتجاهات الديموغرافية، ظلت انتهاكات مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني ترتكب على نطاق واسع، طالت تأثيراتها الكارثية حوالي مليوني إنسان، وظهرت آثارها على جملة واسعة من الحقوق والخدمات الأساسية؛ كالحق في السكن المناسب، والحق في العمل، والحق في الصحة والتعليم، كما تراجع النمو في الأنشطة الاقتصادية، وضعفت قدرة السكان على التكيف ومواجهة الصدمات، حيث شكل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع للعام الثاني عشر على التوالي على سكان قطاع غزة أحد أهم الأسباب التي أفضت إلى تدهور الأوضاع الإنسانية، كما ساهم النمو السكاني السريع، وفي الوقت نفسه القيود المفروضة على حرية دخول البضائع في تفاقم أزمة السكن وقلة مساحة المساكن، والتي ترتب عليها مشكلات مزمنة، جراء انعدام المأوى الملائم الذي يوفر الخصوصية، والمساحة الكافية، ويحقق الأمان ويقي من مخاطر ناقلات الأمراض.
وأوضح في هذا السياق ان قوات الاحتلال الإسرائيلي واصلت استهدافها المنظم والمتعمد للمباني والشقق السكنية، وهجّرت الآلاف من السكان نتيجة لذلك، حيث بلغ عدد المساكن المدمرة في قطاع غزة منذ عام 2008 حتى يوم الخميس الموافق 11 تموز2019، وفقاً لعمليات الرصد والتوثيق التي يتابعها مركز الميزان لحقوق الإنسان (46599) وحدة سكنية، منها عدد (11.290) دمرت كلياً، فيما تضررت (35.309) بشكل جزئي، ونتيجة لذلك شرد (392345) فرداً، من بينهم (136098) من النساء، و(192473) من الأطفال.
وأضاف لقد بقيت التحديات ماثلة أمام أصحاب المنازل المدمرة نتيجة تعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي إعاقة إعمار المساكن المدمرة، حيث منعت منذ عدوان "الرصاص المصبوب" دخول المواد اللازمة للبناء والتشطيب، من ثمّ أدخلتها بكميات محدودة وغير كافية وفق آليات معقّدة، وكذلك تراجع حجم الدعم الدولي للمشاريع الإسكانية.
وفي هذا الاتجاه تشير المعلومات المتوفرة للمركز أن حوالي (402) عائلة من اللاجئين الفلسطينيين الذين دمرت مساكنهم، يواجهون معاناة خطيرة كما ساءت أحوالهم المعيشية والاجتماعية نتيجة توقف إحدى المؤسسات الدولية عن دفع بدل الإيجار لهم، ووفقاً لهذه التغيرات، ظهرت مشكلات طالت معظم فئات المجتمع؛ وانعكست ضغوطاً نفسية على الشباب، وضاعفت من المشاكل الأسرية، ودفع بكثير من الشباب إلى العزوف عن الزواج.
ولفت المركز الى انه كنتيجة للتدهور في القطاعات الاقتصادية وتراجع معدلات الإنتاج والتشغيل إلى أسوأ مستوياتها نتيجة الحصار المشدد واستمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي وما ترتب عليه من ارتدادات سلبية نتيجة خصم رواتب الموظفين العموميين، وإحالة العديد منهم إلى التقاعد؛ أصبح الفقراء أكثر فقراً، وتشير البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وقطاع الأمن الغذائي أن حوالي (68.5%) من الأسر في قطاع غزة أصبحت تعاني من انعدام الأمن الغذائي، وباتت تواجه صعوبات في توفير كمية ونوعية الطعام؛ ولاسيما الأطفال والنساء وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يتأثرون وتظهر عليهم آثار انعدام الأمن الغذائي بصورة مباشرة، لعدم قدرتهم على مواجهة الصدمات الاقتصادية التي يتعرض لها أرباب الأسر، وحال دون مضي الكثير منهم في حياتهم اليومية بكرامة.
كما تركت آثاراً اجتماعية وأمنية، وتداعيات خطيرة على الحقوق الأساسية للإنسان شملت مظاهره الجوع وسوء التغذية، وضآلة الحصول على التعليم وغيرها من الخدمات الأساسية.
وأضاف.. لقد طرأ انخفاض في مستوى الاستهلاك في أوساط السكان، ويستدل على ذلك من الانخفاض الملحوظ في كميات النفايات الصلبة المرحلة إلى مكب النفايات الواقع في قرية وادي غزة (جحر الديك) في محافظة غزة، وهي الأكبر من حيث عدد السكان، بحيث انخفضت الكمية تدريجياً مقارنة مع الأعوام الثلاثة بالرغم من أن معدلات الزيادة في السكان واصلت ارتفاعها ما يؤكد تدهور مستويات المعيشة والأوضاع الاقتصادية.
وأشار لم يقتصر الأمر على الأمن الغذائي وآثاره الصحية، بل طالت الآثار الأوضاع الصحية بصورة عامة، ولاسيما الأدوية والمهمات الطبية في المرافق والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة في قطاع غزة، حيث بلغت الأصناف الصفرية في نهاية حزيران من العام الحالي من الأدوية 257 صنفا دوائيا، لتصبح نسبة العجز 49.8% من مجمل الأدوية المتداولة، بينما العجز في المهمات الطبية المتداولة 213 صنفا بواقع 25% من أصنافها.
واللافت في هذا الأمر أن أدوية صحة الأم والطفل بلغ العجز فيها 20 صنفا من أصل 29 صنفا.
وطالب مركز الميزان لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والتدخل الفاعل؛ لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، والضغط على سلطات الاحتلال وإجبارها على احترام مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.