مدار الساعة - فرضت التعديلات المزمع إجراؤها على قانون الضمان الاجتماعي جدلا، خلال ورشة عمل متخصصة لخبراء في التأمينات الاجتماعية.
انهالت الانتقادات على التعديلات التي «ألغت» التقاعد المبكر، وكان ايقاع اقرارها سريعا فعرضت على الدورة الاستثنائية القادمة، في حين دافع الضمان عنها مؤكدا أن التقاعد المبكر «أوقف عن المؤمن عليهم لأول مرة»، وعزز الحماية الاجتماعية من خلال ابقائهم في سوق العمل.
ودعت النائب وفاء بني مصطفى، في ورشة عمل عقدها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع مركز بيت العمال للدراسات وبمشاركة ممثلين عن مختلف الأطراف ذات العلاقة، إلى التصدي للتعديلات المقترحة التي من أبرزها إلغاء التقاعد المبكر الذي سيشمل كل من ينضوون تحت مظلة الضمان بعد صدوره ليكون الأردنيون غير متساوين، كعادة بعض القوانين، أمام القانون. وأشارت بني مصطفي، الى أن مشروع القانون لم يتضمن سوى تعديل واحد جيد خاص بالمتقاعدين العسكريين الذين هم فئة» مظلومة ومهمشة»، مؤكدة أنها مع أي تحسين يمس المستضعفين سواء أكانوا مدنيين أو عسكريين، مبينة انه يجب أن تكون المعادلة عادلة للجميع ومتساوية بين الأردنيين ويجب أن تكون قابلة للحوار أكثر.
كما انتقدت إحالة مشروع القانون خلال دورة استثنائية، حتى لا يتم «سلقه (على عجالة)» مواد القانون وإقرارها بسرعة، لأن جدول أعمال مجلس النواب خلال الدورة الاستثنائية يكون مضغوطاً.
من جهته، انتقد مدير مركز بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة، مشروع القانون، مبيناً أنه تم إعداده دون إجراء مشاورات مع الأطراف ذات العلاقة ودون أن يعرض على مجلس إدارة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
وأضاف أبو نجمة، أن ما تضمنه مشروع القانون من إلغاء للتقاعد المبكر عن المشتركين الجدد، وهو أمر كان يجب أن يسبقه معالجة للأسباب التي تدفع المشتركين إلى التوجه نحو التقاعد المبكر، وبشكل خاص مشكلة انخفاض الأجور التي تعاني منها نسبة كبيرة من المشتركين في الضمان، والتي تضطرهم للجوء للتقاعد المبكر لتحسين دخلهم، الأمر الذي يتطلب مراجعة مستويات الأجور ورفع الحد الأدنى للأجور، كذلك عدم وجود تأمين بطالة فعال، حيث ان تأمين التعطل لا يفي بالغرض لتأمين دخل كاف أو عمل بديل في حال فقدان العمل.
وأضاف أن إلغاء التقاعد المبكر سيؤدي إلى التوجه نحو استحقاق تعويض الدفعة الواحدة، الأمر الذي سيخرجهم من نطاق الحمايات، والتأثير على إيرادات الصندوق، بالإضافة الى ضرورة وجود ضوابط على عمليات الفصل من العمل في قانون العمل الأردني للحد من استخدامها.
وبين ان المشروع لم يراع متطلبات تخفيض الاشتراكات التي تعد مرتفعة بالمقارنة مع الدول الأخرى، كما أنه لم يعالج القصور في شمول قطاعات واسعة من العاملين وبشكل عام العاملين في القطاع غير المنظم.
بدوره، قال الناطق باسم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي موسى صبيحي إن مشروع القانون لم يتضمن أي تعديلات تتعلق بشروط استحقاق راتب التقاعد المبكر أو معادلة احتساب هذا الراتب للمؤمن عليهم الحاليين أو السابقين، وإنما تضمن «إيقاف التقاعد المبكر عن المؤمن عليهم الذين يتم شمولهم بالضمان لأول مرة بعد نفاذ القانون المعدل»، بهدف تعزيز الحماية الاجتماعية للمؤمن عليهم من خلال ابقائهم في سوق العمل لأطول فترة ممكنة.
وقال إن التعديلات التي تضمّنها مشروع القانون منحت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي صلاحية استثناء المنشآت والمشاريع الريادية من بعض التأمينات المطبقة مع ضمان توفير الحماية اللازمة والملائمة للعاملين فيها في حالات الوفاة والعجز واصابات العمل، خلال مدة لا تتجاوز الخمس سنوات من تاريخ نفاذ القانون للمنشآت القائمة عند نفاذه أو من تاريخ تأسيسها للمنشآت التي تنشأ بعد نفاذ القانون.
وأضاف أن مشروع القانون تضمن تخصيص جزء من الاشتراكات المترتبة على تأمين الأمومة لغايات تنفيذ برامج المسؤولية المجتمعية المرتبطة بتعزيز ودعم تشغيل المرأة واستقرار وجودها في سوق العمل مثل المساهمة في كلف رسوم الحضانات وغيرها، دون تحميل أصحاب العمل أية أعباء مالية إضافية.
وبين الصبيحي أن مشروع القانون حسّن المزايا والحقوق الممنوحة للمؤمن عليهم العسكريين وألغى تطبيق قانون الضمان رقم (19) لسنة 2001 عليهم بهدف تمكينهم من الاستفادة من المزايا الممنوحة لكافة المؤمن عليهم وذلك بمنح ورثة الشهيد راتب يعادل (100%) من أجره الخاضع للاقتطاع في تاريخ استشهاده بدلاً من (60%) من الراتب وتعديل آلية احتساب الرواتب التقاعدية للمؤمن عليه العسكري بحيث تصبح على أساس أجره الأخير عند انتهاء خدماته وليس على أساس متوسط أجوره، ومنح المؤمن عليه العسكري المتوفى نتيجة إصابة عمل راتب تقاعد يعادل (75%) من أجره الخاضع للاقتطاع بتاريخ وقوع الوفاة الناشئة عن إصابة العمل بدلاً من (60%) كما هو معمول به وفقاً للقانون الحالي، وتعديل عدد الاشتراكات اللازمة لاستحقاق راتب تقاعد الوفاة الطبيعية لتصبح (24) اشتراكاً منها (6) اشتراكات متصلة بدلاً من (24) اشتراكاً منها (12) متصلة.
وأشار الصبيحي، إلى تعديل عدد الاشتراكات اللازمة لاستحقاق راتب اعتلال العجز الطبيعي لتصبح (60) اشتراكاً منها (24) اشتراكاً متصلاً بدلاً من (60) اشتراكاً منها (36) متصلاً، واعتبار المؤمن عليه العسكري خارج نطاق تطبيق أحكام قانون الضمان في حال حصوله على راتب اعتلال العجز الكلي الطبيعي الدائم، وبالتالي يحق له الالتحاق بأي عمل دون أن يتم إيقاف راتب الاعتلال المخصص له، كما يسمح مشروع القانون للمؤمن عليه العسكري الحاصل على راتب اعتلال العجز الجزئي الطبيعي الدائم الجمع بين (50%) من هذا الراتب والدخل من أي عمل مشمول بالضمان، والسماح لأرملة المؤمن عليه العسكري بالجمع بين كامل نصيبها من راتب زوجها وراتبها التقاعدي أو أجرها من العمل، كل ذلك مقابل زيادة الاشتراكات الاجمالية المقتطعة بنسبة (1.5%) لتصبح (28%) من أجورهم بحلول عام 2021، مقارنة مع الاشتراكات الإجمالية المستحقة على العاملين في القطاع الحكومي المدني والبالغة (19.5%).
أحمد عوض مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية قال إن أخطر ما تضمنه مشروع القانون هو أنه يسمح باستثناء بعض المنشآت من شمول العاملين لديها من بعض التأمينات لمدة تصل إلى خمس سنوات، بحجة تشجيعها، وكان يفترض أن يكون التشجيع من خلال تخفيض الاشتراكات أو منحها إعفاءات ضريبية مثلاً بدلا من حرمان العاملين لديها من التأمينات.
وأضاف عوض، ان التعديلات لم تراع متطلبات اتفاقية العمل الدولية رقم 102 الخاصة بالحدود الدنيا للضمان الاجتماعي التي صادق عليها الأردن، وبشكل خاص في توفير الحد الأدنى من التأمينات البالغ عددها تسعة تأمينات، (الرعاية الطبية، إعانات المرض، إعانات البطالة، إعانات الشيخوخة، إعانات الإصابات، الإعانات العائلية، إعانات الأمومة، إعانات العجز، إعانات الورثة)، حيث ما زال القانون لا يوفر منها سوى (تأمينات إصابات العمل، الشيخوخة والعجز والوفاة، الأمومة)، إضافة إلى تأمين التعطل الذي لا يرقى إلى شروط ومتطلبات تأمين البطالة.
وبين ان التعديلات كذلك تسمح باستخدام أموال الاشتراكات في غير أهدافها، فيسمح لمؤسسة الضمان باستخدام جزء من أموال الاشتراكات في تأمين الأمومة لاستحداث (برامج حماية مرتبطة بتأمين الأمومة)، وتسمح للمؤمن بأن يسحب رصيده في تأمين التعطل في تعليم أبنائه، وهو رصيد يفترض أن يحافظ عليه للحصول على التعويض في حال فقدان الوظيفة.
الراي