مدار الساعة- ليث الجنيدي- عشرات من ممثلي وسائل الإعلام الدولية والمحلية، بينهم فريق الأناضول، كانوا على موعد مسبق مع حافلات الجيش الأردني، التي أقلتهم في رحلة طويلة وشاقة إلى أقصى الشمال الشرقي من المملكة.
ساعاتٌ استمرت حتى وقت متأخر من الليل، للوصول إلى "الرقبان"، تلك المنطقة التي باتت ترتبط باسم مخيم، مقام وسط الصحراء القاحلة، يعيش فيه عشرات الآلاف من النازحين السوريين العالقين على الحدود الأردنية، فرضت عليهم حرب بلادهم أن يتخذوا الثرى فراشاً والسماء غطاءً.
صعوبة الرحلة التي تجاوزت مسافتها 400 كم، وصولاً إلى "مركز الاستجابة الإنسانية" (2 كم عن المخيم)، بواسطة آليات عسكرية تابعة للواء حرس الحدود الأول، تـُظهر لمن عاشها شدة المعاناة التي يواجهها العالقون السوريون في برد الصحراء القارس ليلاً وأشعة الشمس الحارقة نهاراً.
استهلّ العميد بركات العقيل، قائد لواء حرس الحدود الأول، الجولة الصحفية، بإيجاز تحدّث خلاله عن دور الحرس في حماية الحدود الشمالية الشرقية للمملكة، مشيراً إلى أن مسؤولية الحماية التي تقع على عاتقهم تمتد لمسافة 450 كم.
وبين العقيل أن واجباتهم الرئيسية تتمثل في "حماية الحدود من أي اعتداء إرهابي ومنع التسلل والتهريب، بالإضافة إلى مساعدة العالقين من السوريين في مخيمي الرقبان والحدلات، بالتعاون مع المنظمات الدولية".
وعن دور مركز الإستجابة، لفت العقيل أن "إنشاءه تم قبل أربعة شهور، ويقدم العلاج للحالات المرضية في مخيم الرقبان وتحويل من يحتاج منها إلى المستشفيات الأردنية المختصة لتقديم اللازم لهم، ثم إعادتهم للمخيم".
ووصف العقيل مخيم الرقبان بأنه "مركز للأعمال الإرهابية، إذ أن 10% من قاطنيه هم ارهابيون"، مضيفًا أن "تنظيم داعش يبعد مسافة 3 كم عن مخيم الرقبان".
وأكد المسؤول العسكري أن "القوات الأردنية لا تُقاتل خارج حدود البلاد"، مستدركاً في الوقت ذاته أن "هناك قواعد اشتباك متبعة لأي تهديد".
وأوضح أن دخول المساعدات الإنسانية للعالقين السوريين مستمر، وتشمل المواد العينية والبطانيات ومواد التنظيف.
وأعاد العقيل التأكيد على استمرار إغلاق الحدود، وأنه لم يدخل الأراضي الأردنية أي لاجىء منذ 21 يونيو الماضي.
وأعتبر الجيش الأردني، في يونيو الماضي، أن حدوده الشمالية والشمالية الشرقية مناطق عسكرية مغلقة، بعد هجوم إرهابي على أحد مراكزه المتقدمة، تبناه تنظيم داعش وأسفر عن مقتل 7 من جنوده.
مركز توزيع الخدمات، الذي يبعد عن المخيم 800 م، كان المحطة الثانية للجولة، ويقف على مدخله عشرات السوريين ممن ينتظرون عودة ذويهم الذين تلقوا العلاج في المركز الطبي، بينما هناك آخرون جاءوا برفقة مرضاهم لإرسالهم لتلقي العلاج أيضاً.
وعن كيفية وصولهم وإدخالهم للأردن، قال العقيل في تصريح للأناضول إن "هناك اتصالا لاسلكيا مع جيش العشائر الذي يقوم بإيصال المرضى بسياراتهم إلى مدخل المركز، ومن ثم يتم تفتيشهم تفتيشاً دقيقاً قبل إدخالهم"
وجيش العشائر أو ما يُعرف بجيش أحرار العشائر، هو تحالف معارض تابع للجيش السوري الحر، كان يرأسه العميد إبراهيم فهد النعيمي.
وعن الوضع على الحدود، قال العقيل إنه "آمن، وقواتنا المسلحة منتشرة، وكاميرات المراقبة تعمل على مدار الساعة، وسنتعامل بالسلاح مع أي متطرف أو شخص يقترب من الحدود بهدف الإساءة، ضمن قواعد الاشتباك الدولية المعروفة".
من جهتها بيّنت شذى المغربي، المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، للأناضول أنه "منذ استئناف المساعدات لمنطقة الرقبان والحدلات، وزّع البرنامج ومنظمات الأمم المتحدة مساعدات غذائية وغير غذائية لـ 15 ألف أسرة سورية".
وزادت "العملية كانت معقدة جداً؛ لتأجيل التوزيع 14 مرة منذ منتصف نوفمبر / تشرين الثاني وحتى يناير/ كانون الثاني الماضي، بسبب الأحوال الجوية الصعبة، بالإضافة إلى التحديات الأمنية".
وكشفت المغربي أن مفاوضات تجري حالياً مع الحكومة الأردنية لإمكانية إعادة توزيع مساعدات برنامج الغذاء العالمي، التي كانت آخرها في 15 يناير الماضي.
ومنذ الهجوم الذي وقع في منطقة الرقبان في يونيو/ حزيران الماضي، تفاقمت الأوضاع الانسانية للاجئين حيث تعذر ايصال المساعدات الطبية والماء والغذاء إليهم.
وفي 23 نوفمبر الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة أنها استأنفت إيصال المعونات والمواد الإغاثية للنازحين السوريين العالقين على الحدود مع الأردن.
إلى ذلك، أشار محمد الحواري المتحدث الرسمي باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن أن "المفوضية تقود عملية الاستجابة لهذه الحالة (العالقين) بالشراكة مع المنظمات العاملة في المملكة، حيث نستطيع من خلال التنسيق إيصال ما يمكن ايصاله".
واستدرك في تصريح للأناضول "ما نقدمه هنا هو الحد الأدنى، أي ما يُسمى بالمساعدات التي تنقذ الحياة، فعدم إمكانية الوصول إلى الداخل تجعل العملية هي الأصعب لاستجابة الأمم المتحدة لغاية هذه اللحظة".
وأضاف "تقدّر أعداد من في الرقبان نحو 55 ألف، بناءً على المساعدات التي وُزعت عليهم، إضافة لخمسة آلاف بمنطقة الحدلات".
واستطرد "توزيع المساعدات للعالقين لم تكن لتتم لولا التنسيق الوطيد بين الأمم المتحدة والجيش الأردني، الذي جعل الدخول لهذه الأعداد داخل المنطقة الحرام ممكنة".
ويعتبر الأردن من أكثر الدول التي تأثرت بالحرب الدائرة في جارته الشمالية؛ لطول حدوده التي تزيد عن 375 كم، حيث يستضيف على أراضيه نحو 1.3 مليون سوري، قرابة نصفهم يحملون صفة "لاجئ".الاناضول