مدار الساعة - غرد الوزير السابق الدكتور خليف الخوالده على حسابه على "تويتر" بما يلي:
تشير النشرة المالية الحكومية الأخيرة إلى أن إجمالي الدين العام يقارب 29 مليار دينار.. طبعا للذي لا يعرف وكما قلت في غير مرة؛ هذا فقط أصل الديون.. وإذا أضفنا الفوائد على هذه الديون فربما يتجاوز الدين العام ٤٠ مليار دينار وليس دولار..
نحن ننفق ما يتجاوز المليار دينار سنويا فوائد ديون وحتى الأقساط المستحقة من الديون نسددها بديون جديدة عليها فوائد مما يراكم رصيد الفوائد بالإضافة للديون.. باختصار المركز المالي للدولة غير مريح اطلاقا.. وهذا يتطلب أن يكون الوضع الخالي للمالية العامة للدولة المدخل الأساس والمرجع الموجه الذي يحكم كل السياسات والقرارات وربما المثبط لبعضها فما يصلح لأوقات الرخاء لا يصلح لأوقات الشدة..
من بديهيات الإدارة المالية أن المركز أو الوضع المالي لأي دولة يحكم توجهاتها وسياساتها.. ولكن للأسف هذا الرابط يبدو مفقود إلا بشق واحد غير صحي وغير مفيد وهو شق فرض المزيد من الضرائب والرسوم.. التوسع في بنية المؤسسات وما يرافقه من انفاق وتنفيذ أنشطة وفعاليات شكلية لا تضيف وما شابه لا يستوي مع الموقف الحرج للمالية العامة..
الدين العام وفوائده يعادل كامل ايرادات الدولة لمدة تتراوح ما بين ٥-٦ سنوات وهذا مؤشر أقل ما يمكن أن يوصف بأنه خطير.. الاعتماد فقط على نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي لا يتسق وأساسيات الإدارة المالية فلا ننسى أن الناتج المحلي الإجمالي تقدير بتقدير بتقدير والأخطر من ذلك أن جزءا منه انفاق حكومي ممول بديون..
النسب المعلنة هي نسبة الدين دون الفوائد إلى الناتج المحلي، وعندما ننسب الدين مع الفوائد إلى الناتج فالنسبة تتجاوز ١٣٠٪.
ليس أشد خطورة علينا من المعالجات المرحلية المتكررة أو دعني أقول الترقيعية.. مثلا عندما يبحث المسؤول عن زيادة الإيرادات لعام ما بمبلغ محدد ويعمل جاهدا لتحقيق ذلك دون الاهتمام بنفس القدر إلى: من أين؟ وكيف؟وما أثر ذلك؟ الأثر المباشر والأثر غير المباشر؟ على المدى القصير والمتوسط والطويل؟.. والشيء نفسه يتكرر للعام الذي يليه بأرقام مختلفة وهكذا دواليك بعيدا عن الحلول الدائمة المنسجمة مع ذاتها والتي تأخذ نفس التوجه والاتجاه على مر السنين..
تشير موازنة التمويل لعام ٢٠١٩ إلى قروض داخلية تقارب ٥ مليار دينار.. المفاضلة والحفاظ على التوازن بين الديون الداخلية والديون الخارجية أمر هام فالاقتراض الحكومي الداخلي يشكل مزاحمة للقطاع الخاص على مصادر التمويل ويقلل من السيولة لدى البنوك ويرفع مستوى الفوائد .. بالمقابل الاقتراض الحكومي الخارجي يشكل استنفاذا للعملات الصعبة.. هذا بالإضافة إلى ضرورة تحديد فترة سداد الديون بحكمة، فمد فترة السداد يرفع الفائدة وتقصيرها قد يتعذر معه التسديد..
الأمر يتطلب كشف مالي يتم تحديثه بشكل دوري يبين كامل، أقول كامل، قيمة الديون مع الفوائد ويبين المستحق من أقساط وفوائد الديون على مدار السنوات القادمة بالكامل أي كامل عمر الديون ولأخر استحقاق لقسط وفائدة حتى لو بعد ٣٠ عام.. يقابل ذلك تحليل مالي يبين مصادر التمويل الممكنة أو المتاحة للأقساط والفوائد على مدار هذه السنوات أو على الأقل ١٠ أو ٥ سنوات وعدم الاكتفاء بموازنة تفصيلية لعام واحد فقط ومؤشرات عامة أولية لعامين فقط كما يحدث حاليا. فهذا الأمر يعتبر مقبولا للموازنات ولكنه لا يُقبل أبدا للقروض.. هذا الكشف المالي يفترض أن يرفع دوريا لجلالة الملك وأن يتوفر دوما لدى دولة الرئيس وكل وزير ولدى مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب ولدى ديوان المحاسبة.. ليس هذا فحسب بل ليكون أهم مرجعيات القرار.. فأي كشف وأي معلومة أهم من هذا!.. ورغم الأهمية القصوى لهذا الكشف بالصورة التي اتحدث عنها إلا أنني اعتقد بأنه ما زال مفقود وغير موجود.. وقد سألت عن ذلك قبل فترة وتبين لي للأسف أنه غير موجود. . فأي مؤشرات يستند إليها في التخطيط طويل المدى أهم من هذا!..
التطورات الدولية والإقليمية وانعكاساتها علينا تستدعي إدارة مالية الدولة وتدفقاتها الداخلة والخارجة بمنتهى المهنية والحذر..