عبد الحافظ الهروط
افاق الاردن على مشروع وطني شبابي اطلقه رئيس الوزراء الاسبق الشهيد وصفي التل، وهو الذي اذا قال فعل، على رأي المفكر جمعة حماد، رحمهما االله.
ولأنه يؤمن بأن الشباب هم قوى التغيير للأفضل، فقد اطلق التل، المشروع عن فكر متقدم، وهو يستثمر ظروف مرحلة اعقبت هزيمة العرب في حزيران 1967 وانتصارالاردن في معركة الكرامة في آذار 1968، وباعتبار التحول من حالة الاحباط، الى التعبئة بالروح المعنوية العالية، واستعادة الثقة لدى الشباب، هي مسؤولية المسؤول.
اما المشروع فكان معسكرات الحسين للعمل والبناء، وما لهذا العنوان من رمزية، والهدف منه نتائج على ارض الواقع، لا مجرد تسميات وشعارات ومكافآت ومحاضرات ووجبات طعام، يفوز بغنائمها المسؤولون ومن حولهم، على وجه الخصوص.
لقد شاركت في هذه المعسكرات، في ما بعد، باندفاع، مع ان ظروف الأهل كانت تتطلب ان اكون الى جانب افراد العائلة في حصاد الحقل، واذكر ان هذه التجربة كانت مفيدة من حيث التعارف بين الطلاب المتنافسين، وانضباطهم في التعليمات، والانفتاح على ثقافة وطنية حقيقية، واكتساب المهارات العسكرية واكتشاف المواهب، فيما المكافأة الأسبوعية نصف دينار، والوجبات الغذائية على بساطتها.
كما شاركت في هذا المشروع الوطني بحكم العمل في وزارة الشباب وصحيفة الرأي ووكالة الانباء الاردنية، حيث اتاحت لي هذه التجربة العميقة الاطلاع على ما يجري في المعسكرات من جهد طيبّ، وفي الوقت ذاته، من بلاو تتعلق بالبذخ المالي للمسؤولين واللجان والمنتدين والمتحدثين في المحاضرات الضحلة ورفاهية الوجبات الغذائية ومن ترسو عليهم عطاءات اللباس والطعام.
لا أنفي عن نفسي، بأنني كنت احد المنتفعين من هذه المعسكرات من خلال اللجنة الاعلامية، ولكنني لا أٌزّكي نفسي على احد، اذا ما قلت بأن كل ما تقاضيته من مكافآت كان يقابله جهد مضن في النهار والليل، ولم يصل المبلغ الى ما ناله اشخاص بغير حق، اذ أذكر أنني تمنيت على احد وزراء الشباب في اجتماع مع احدى اللجان الاعلامية، بأن يكون عملنا تطوعياً، فقوبل بالاستهزاء من الزملاء أعضاء اللجنة.
ما حققته المعسكرات من انجازات على الارض، في بداية انطلاقها، ما تزال ماثلة على صدر الوطن.. غابات ومسطحات خضر واسمنتية وجدران استنادية وانشاء ملاعب وحدائق وشق طرق، واعداد شباب يؤمنون بالعمل التطوعي ويتفهمون معنى الحياة العسكرية، فقد كان لتعاون وزارتي الزراعة والاشغال والقوات المسلحة وغيرها من وزارات ومؤسسات الدولة دور كبير في ابقاء هذا المشروع العظيم رغم مرور عقود من السنين، ورغم ما اصابه من وهن بسبب سياسات الحكومات والوزراء.
أتمنى على وزارة الشباب ان تحفظ ماء وجهها، ولو - على الأقل - في صيانة مرافقها، وحتى لا اقول القضاء على التصحر، وبوجود اتفاقيات ومبادرات نسمع فيها جعجعة ولا نرى طحناً.