مدار الساعة- تقوم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخطواتها الأولى بحذر، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وذلك من خلال مهمة المبعوث الخاص جيسون غرينبلات لدراسة إمكانية إحياء جهود السلام المتعثرة.
والتقى غرينبلات مساعد ترامب وممثله الخاص المكلف بالمفاوضات الدولية، مساء الإثنين، لأكثر من 5 ساعات، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، بحسب بيان مشترك إسرائيلي أميركي.
ويستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس الثلاثاء غرينبلات في رام الله في الضفة الغربية المحتلة، في أول لقاء مباشر بين الرئيس الفلسطيني وممثل عن الإدارة الجديدة للبيت الأبيض.
وأضاف البيان أن نتنياهو وجيسون غرينبلات "أكدا مجدداً التزام إسرائيل والولايات المتحدة بالتوصل إلى سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين، يعزز أمن إسرائيل والاستقرار في المنطقة".
وتابع أن المسؤولين "تباحثا في بناء المستوطنات، على أمل التوصل إلى مقاربة منسجمة مع هدف التوصل إلى السلام والأمن".
وأعلن نتنياهو لغرينبلات أنه يعتقد "أنه من الممكن التوصل إلى السلام" خلال ولاية الرئيس ترامب، بحسب البيان.
من جهته، كتب غرينبلات في تغريدة على حسابه على موقع تويتر أنه عقد "اجتماعاً إيجابياً جداً وبنَّاء" مع نتنياهو، ناقشا خلاله "الوضع الإقليمي، وكيفية تحقيق تقدم نحو إحلال السلام، والمستوطنات".
ويعتبر المجتمع الدولي جميع المستوطنات غير قانونية، سواء أقيمت بموافقة الحكومة الإسرائيلية أم لا، وأنها تشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق السلام.
وتتزامن زيارة غرينبلات مع مزيد من الشكوك إزاء تطورات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ونوايا ترامب حيال هذا الموضوع.
وجهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين متوقفة بالكامل منذ فشل المبادرة الأميركية، في نيسان/أبريل 2014.
ويبقى حل الدولتين، أي وجود دولة إسرائيلية ودولة فلسطينية تتعايشان جنباً إلى جنب بسلام، المرجعَ الأساسي للأسرة الدولية لحل الصراع.
وكان ترامب سجَّل الشهر الماضي تمايزاً جديداً عن عقود من السياسة الأميركية حيال الشرق الأوسط، إذ أكد خلال لقائه نتنياهو في واشنطن أن حل الدولتين ليس السبيل الوحيد لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، لافتاً إلى أنه منفتح على خيارات بديلة إذا كانت تؤدي إلى السلام.
ولم يتطرق البيان الذي نُشر عقب لقاء نتنياهو وغرينبلات أبداً إلى حل الدولتين.
وسبقت الزيارة مكالمة هاتفية، الجمعة، كانت الأولى بين ترامب وعباس، في حين تحادث الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي ثلاث مرات على الأقل، منذ 20 يناير/كانون الثاني، وخصوصاً في 15 فبراير/شباط، شخصياً في البيت الأبيض.
وأكد عباس التزامه بحل الدولتين خلال مكالمته الهاتفية مع ترامب.
والجمعة، دعا ترامب عباس إلى زيارة البيت الأبيض قريباً.
وكان ترامب أعلن، في 15 فبراير/شباط، عن رغبته في التوصل إلى اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لكن تأكيده عدم تمسك الولايات المتحدة بحل الدولتين أثار ارتباكاً واسعاً.
وأثارت تصريحات ترامب منذ حملته الانتخابية قلقاً كبيراً لدى القيادة الفلسطينية بسبب مواقفه المؤيدة لإسرائيل، وتعهده بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وتعيين مؤيد للاستيطان كسفير للولايات المتحدة في الدولة العبرية.
ومنذ تنصيب ترامب، أعطت إسرائيل الضوء الأخضر لبناء أكثر من ستة آلاف وحدة استيطانية في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين، قبل أن يعلق البيت الأبيض على الموضوع.
ويعكس تسريع وتيرة الاستيطان رغبة الحكومة في اغتنام فترة حكم ترامب بعد ثماني سنوات من إدارة باراك أوباما، التي كانت تعارض الاستيطان.
وتعد الحكومة التي يتزعمها نتنياهو الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، وتضم مؤيدين للاستيطان، دعوا منذ تولي ترامب الرئاسة إلى إلغاء فكرة حل الدولتين، وضم الضفة الغربية المحتلة.
وتأتي زيارة غرينبلات بينما دعا سياسيون من اليمين المتطرف إلى ضم مستوطنة معاليه أدوميم القريبة من القدس، التي يعيش فيها أكثر من 37 ألف مستوطن إسرائيلي، في خطوة تثير جدلاً حاداً لأنها ستتسبب بقطع الضفة الغربية إلى قسمين وعزل القدس، ما يعقد قيام دولة فلسطينية قابلة للاستمرار في المستقبل.
ويسعى نتنياهو إلى تأجيل النظر في مشروع القانون من قبل لجنة برلمانية لتفادي الأزمة الأولى مع إدارة ترامب.
وبُعيد لقائه ترامب في واشنطن، أعلن نتنياهو عن تشكيل فريق مشترك أميركي-إسرائيلي لبحث قضية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
ويعيش نحو 400 ألف شخص في مستوطنات الضفة الغربية، بحسب السلطات الإسرائيلية وسط 2,6 مليون فلسطيني.
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر للصحفيين، إن غرينبلات "سيستمع كثيراً ويناقش وجهات نظر القادة في المنطقة، ويجمع آراءهم حول الوضع الراهن، وكيف يمكن إحراز تقدم نحو السلام في نهاية المطاف".
وأضاف "أعتبرها أولى الزيارات إلى المنطقة".
وقال إن من المرجح بحث قضية المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، رغم أنه لا يتوقع تحركاً فورياً حيال هذه المسألة.
وتابع تونر "نعتبرها تحدياً لا بد من معالجته في مرحلة ما".
أ ف ب