مدار الساعة- اكد رئيس الهيئة الاسلامية العليا في القدس الشريف الشيخ عكرمة صبري أن السلطات الاسرائيلية تسعى الى وضع اليد على ادارة المسجد الأقصى من خلال تدخلاتها المستمرة في عمليات الترميم والصيانة التي يحتاجها بقصد السيطرة عليه وبناء الهيكل المزعوم مكانه برغم قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) الذي أكد أن المسجد الأقصى يخص المسلمين وحدهم.
وقال صبري في حديث لبرنامج "عين على القدس" الذي بثه التلفزيون الأردني مساء أمس الاثنين، ان محاولات منع الأذان عبر مكبرات الصوت ليست جديدة، فقد حاولت سلطات الاحتلال ذلك مرارا الا أن الطوائف اليهودية المتدينة كانت اعترضت على مشروع القانون خوفا من أن يشملهم حين يطلقون الصافرات والبوق ليلة السبت، مشيرا الى ان الأذان مرتبط بعبادات لا مجال للمساومة عليها او التنازل عنها، وأن ما يعرف بمشروع قانون منع الأذان قانون باطل وغير شرعي.
وقال المدير التنفيذي للصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة الدكتور وصفي الكيلاني، ان الحملة التهويدية تجاه هيكلة المسجد الأقصى، أي تحويل المسجد الى هيكل بائنة بشكل واضح في ضوء وجود ما يزيد على 13 متحفا في بقعة واحدة لما يسمى بالهيكل الثالث بمختلف الأدوات التي يتم بيعها بمئة شكل من أشكال ما يسمى الهيكل الذي يلصقونه على البيوت والأثاث والهدايا. وأضاف، حتى خريطة القدس بكافة تفاصيلها يعمل الاحتلال على اختزالها بالهيكل، لافتا الى ما يشكله ذلك من خطر على المسجد الأقصى من خلال هذه الحملة الشعواء، وطقوسه والحج اليه وكيف كان بناؤه وكيف سيكون الكهنة الذين سيخدموه في المستقبل وموقعه في القدس مكان المسجد الأقصى، وكذلك ايجاد وسائل تعليمية تعلم الأطفال كيفية تركيب الهيكل، وهي موجودة بمجسمات كبيرة في عشرات المتاحف بعدة أشكال وأحجام ومتفاوتة في الأسعار، والهدف واحد هو بناء جيل يؤمن بزوال المسجد الأقصى وبناء الهيكل مكانه.
وقال رئيس الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني الشيخ حماد أبو دعابس، ان الرواية الاسرائيلية تزعم أنه كان لهم هيكل ذات يوم هدم على أيدي غزاة جاؤوا الى هذه البلاد، ويدعون أن حائط البراق هو الحائط الغربي لهيكلهم المزعوم، وهم يصلون باتجاه حائط البراق ويعتبرون لهم حقا تاريخيا وينتظرون الفرصة لإقامة هيكلهم، مشيرا الى أنهم لم يستطيعوا من خلال النبش والحفريات الأثرية اكتشاف أي شيء يدل على مكان الهيكل في محيط المسجد الأقصى وباحاته.
وأضاف أبو دعابس أن ما يغلب على منطق الاحتلال الآن هو هرطقات سياسية واستشعارهم أنهم في فرصة لا يمكن تفويتها من حيث أن كل آمالهم وأحلامهم حانت فرصتها في ظل ضعف الدول العربية والاسلامية وفي ظل الدعم الأميركي اللامحدود، ويرون أن بإمكانهم اقامة هيكل وفرض سيطرتهم وتنفيذ كل الخطط والبرامج العنصرية التي في أذهانهم.
من جانبه قال الحاخام بن ياروخ أهارون من حركة ناطوري كارتا باخ، "نحن نؤمن ونعتقد ويمكننا اثبات أن كل المشكلة بدأت منذ تأسيس الحركة الصهيونية قبل مئة وعشرين عاما"، مضيفا "أننا كشعب يهودي ليس علينا أن نبني أي شيء، لأننا نؤمن أن كل شيء من الله وكل شيء يقرره الله، والله ليس بحاجة الى البشر، وبالتالي فليس مطلوبا منا أن نفعل أي شيء أو نبني او نهدم أي شيء، ذلك ليس عائد لنا بل هو عائد الى الله".
واكد أهارون أن الحقيقة أن "دعاة الهيكل ليسوا يهودا مائة بالمائة، بل خليط من عدة شعوب وهم حقا ضد اليهودية"، متسائلا "عن حقيقة الحركة الصهيونية التي بنيت لتدمير اليهود وايمان الشعب اليهودي، وهم حقا ضد التوراة وضد الله"، وأوضح ذلك بقوله "إن أغلب رجال الدين اليهودي كانوا قبل أن تقام دولة اسرائيل ضد قيام دولة اسرائيلية".
وتمنى أهارون "لو أنه يكون تحت حكم الدولة الأردنية"، معتقدا انه "عندما يكون تحت الحكم الأردني أفضل مئة مرة من أن يكون تحت مظلة الحكومة الاسرائيلية الصهيونية، فعندما كانت هذه الأرض في ظل الحكم الأردني لم يدمر حتى حجر واحد، وكانوا يحترمون الدين اليهودي واليهود، ولم يكن لهم أي شيء ضد اليهود والدين اليهودي".
وأكد أن "كل الصراعات في الشرق الأوسط هي فقط ضد دولة اسرائيل وضد الصهيونية وليست ضد اليهود والدين اليهودي، ولا يوجد مسلم او عربي يكره او يقاتل اليهود او الدين اليهودي"، مؤكدا "أن فكرة هدم المسجد الأقصى لبناء الهيكل مرفوضة قطعا، وهي ضد الدين اليهودي، وستثير الفوضى وتشعل جميع الشرق الأوسط".
وقال أستاذ التاريخ المتخصص في الفكر الصهيوني الدكتور محمد علي الفرا، ان هيكل سليمان خرافة تاريخية انطلت على كثير من المسلمين قبل غيرهم، "ولا وجود لها الا في العهد القديم الذي يتألف من 39 سفرا، الأسفار الخمسة الأولى منه تسمى بالتوراة بمعنى الشريعة او الناموس، ولم يذكر الهيكل إلا في سفرين هما الملوك الأول والثاني، وكلا السفرين مشكوك فيهما، والعلماء والباحثون جميعا شككوا بوجود شيء اسمه هيكل سليمان"، مؤكدا أن كثيرا من علماء الآثار اليهود نفوا وجود الهيكل أصلا لأنهم نقبوا وبحثوا ودققوا فلم يجدوا شيئا من هذا القبيل..
وأضاف الفرا، ان القرآن الكريم ذكر سيدنا سليمان 18 مرة ولم يأت اطلاقا على ذكر هذا الهيكل لا من بعيد ولا من قريب، مستشهدا أيضا بما حدث بعد ثورة البراق عام 1929، حين شكلت الحكومة البريطانية لجنة (شو) التي خرجت بنتيجة أنه لا بد من التحقيق في أصل البراق والمسجد الأقصى، ورئس هذه اللجنة شخص سويسري ولم يكن فيها أي بريطاني، وأجمعت هذه اللجنة في نهاية عملها أن حائط البراق والمسجد الأقصى هما ملك للمسلمين ووقف لهم ولا يحق لليهود أن يكون لهم فيهما شيء.
وأشار الفرا الى اختلاف اليهود على مكان هيكل سليمان، فمنهم من يقول في القدس على جبل موريا، وهناك من يقول انه في نابلس على جبل جرزيم، وهناك من يقول انه على منطقة جبل دان، وهناك من يقول أنه في بيتين قرب القدس، ومن يقرأ سفر الملوك وأخبار الأيام يجد كيف وصفوا الهيكل وصفا مبالغا فيه يتناقض مع العقل والمنطق.
وقال، إن هناك شكوكا حول إقامة اليهود في فلسطين، وهناك علماء يؤكدون أن دولة ما يسمى بإسرائيل لم تقم في فلسطين، فيما أشار علماء يهود بأن تاريخ اسرائيل مختلق من أساسه وهو موجود في سفر القضاة.
وبيّن الفرا أن الصهيونية هي حركة علمانية ولكنها استغلت الدين، وهي مشتقة من تل صهيون الموجود في القدس، وهي كلمة كنعانية ويعترف اليهود بأنها قلعة كنعانية عربية، مشيرا الى أن كثيرا من اليهود عارضوا الصهيونية لأنها انحرفت عن الفكر اليهودي، وينكرون على الحركة الصهيونية إساءتها للديانة اليهودية، ولا أحد ينكر اطلاقا أن الصهيونية عرفت كيف تستغل الحركة الدينية لكسب المتعاطفين المتدينين.
وأعرب الفرا عن اعتقاده أن التيار العربي القومي لا يريد أن يحصر القضية في البعد الديني فقط، وانما يريد أن يوسع الأبعاد ببعدها الاستعماري الاحتلالي وبعدها الانساني، مشيرا الى أن مخاطبة الأوروبيين والغرب والأجانب من هذا البعد أفضل وأكثر تقدما، لأن أوروبا عانت كثيرا من البعد الديني ولا ترتاح له.
وعلق الفرا على انعقاد القمة العربية الوشيك في عمان، قائلا انها فرصة مناسبة كونها تعقد على مقربة من القدس، ويرأسها من يرعى الشؤون والمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، معربا عن أمله في أن يعيد القادة العرب تأكيدهم على الاهتمام بهذه المدينة وأن يسمعوا صوتهم للعالم أنه لا تنازل اطلاقا عنها بصفتها قبلة المسلمين الأولى وتحوي في جنباتها أيضا المقدسات المسيحية.
وقال مدير عام وكالة الأنباء الأردنية (بترا) الزميل فيصل الشبول، لتقرير "القدس في عيون الأردنيين"، ان القدس وفلسطين "تشكلان للأردن في القمة العربية القادمة الموضوع الرئيس على جدول الأعمال، لسبب رئيسي يتمثل في كون هذه القضية هي القضية العربية الأولى، فيما تتفرع كل القضايا الأخرى عن هذه القضية التي لم يكن العالم جادا في معالجتها طيلة عقود، وبالتالي يجب أن تبقى القضية الأولى، وهي كذلك في وجدان جلالة الملك عبدالله الثاني، وفي السياسة الأردنية الداخلية والخارجية هي القضية الأولى، ويتم التعامل معها وفق هذا الأساس".
فيما توقع نقيب الصحفيين طارق المومني، ان "تكون القدس حاضرة بقوة على جدول أعمال القمة، وهي فرصة للقمة العربية القادمة في عمان أن يكون هناك دفع باتجاه موقف عربي جماعي، لأن مسألة القدس والقضية الفلسطينية ليس الأردن هو المعني الوحيد فيها".
وقال مدير التحرير في جريدة الرأي جمال اشتيوي، ان "قضية القدس ستكون مدرجة في القمة المقبلة لأنها تشكل القضية الأولى ولأن القمة تعقد في عمان وليس في بلد آخر"، معربا عن أمله في أن "لا تكون القمة تقليدية كما جرت العادة، فالعرب والأردنيون يريدون من القمة أن تصدر قرارات فاعلة تدعم القدس وأهلها وفلسطين وأهلها".
وقالت الصحفية بشرى نيروخ من وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، ان "الجميع ينظرون نظرة أمل للقمة العربية المقبلة في عمان التي يرأس جلساتها جلالة الملك عبدالله الثاني"، متوقعة أن القمة "ستعطي انطباعا مختلفا بأن قضية القدس ستكون في صدارة أولوياتها، ومن أهم القضايا التي سيتم مناقشتها".-(بترا)