مدار الساعة - لم يكن المزين فرج حرب من بلدة ديرابي سعيد، يتعدى من العمر 25 عاما حين امتهن مهنة المزين «الحلاق» أو «الكوافير»، كما يحلو للبعض تسميته، بعد أن أكمل دراسة تخصص الرياضة من جامعة اليرموك بإربد ولم يحصل على وظيفة.
وغصت صالونات الحلاقة الى ساعات الفجر الأولى من أيام رمضان الأخيرة بالزبائن «بشقيها الذكوري والأنثوي»، بمناسبة قرب عيد الفطر المبارك للتزين والتفنن بقص شعورهم وتغيير ألوانها، ونعومة بشرتهم.
واعاد اهالي الكورة وسط ضجة صالونات الحلاقة هذه الأيام، الحديث عن مهنة المزيّن أيام زمان، وكيف كان يقوم بتزيين الاشخاص بحلاقة رؤوسهم ودقونهم في الاعياد الدينية وموسم الاعراس باستخدام عدة متواضعة كالمقص والموس والمسن (القشاط) في عملية الحلاقة فضلا عن الصابون الخاص بحلاقة الدقن، إلى جانب اعمال استطباب علاجية بسيطة.
ويقول المزين حرب البالغ من العمر (52) عاما، إن وصف الحلاق او الكوافير بالمزين، شيء جميل ومفرح، لأن ما يقوم بة من قص شعر وحلق ذقن وتنظيف بشرة، هي اشكال من التزين والجمال الذي يسعى الاردنيون إلى اضفائه على هيبتهم واشكالهم، في كل المناسب.
وتظهر التقديرات أن أعداد الاردنيين الذي يأمون صالونات الحلاقة لكلا الجنسين قبل ايام من عيد الفطر السعيد أو الاضحى المبارك بالملايين، همهم التزين والظهور بمظهر رتيب وانيق وجميل يليق ببهجة وطقوس العيد، بعد شهر من الصيام والعبادة.
وباتت مهنة المزين هذة الايام من المهن المدرة للمال وفق المزين محمد بني بكر، وان سوقها لا يتوقف بعد دخول الحلاقة الحديثة والموضة مسارا جديدا لم نعرفه من قبل، حتى ان الشباب باتوا يطلبون قصات معينة وتنظيف بشرة واستخدام معاجين مقوية للجلد، واذا لم يساير المزين طلبات زبائنه يخسرهم.
إلا أن صاحبة اكاديمية هند الزعبي بديرابي سعيد، تقول إن صالونات السيدات تشهد في هذه الأيام اقبالا لافتا من قبل السيدات والفتيات للتزين، ابتهاجا بقرب العيد مثلهم مثل الشباب، فالعيد مظهر ديني مليء بالفرح والجمال، فمن لا تتزين بالعيد كمن ليس لها عيد، لهذا الكل يعمل من أجل خدمة الزبائن، خاصة أن فترة العيد تشهد اقامة الاعراس وهذا عامل يساهم في تنشيط العمل.
وتشير الارقام الإحصائية الصادرة عن نقابة اصحاب صالونات الحلاقة في الأردن، إلى أن عدد الصالونات تجاوزت الخمسة عشرة الف صالون موزعين على كافة ارجاء الوطن، ويعمل فيها قرابة (50) ألف مزين ومزينة، يعيلون نحو (250) الف نسمة.
ويقول معلم اللغة العربية عماد المرينة بني يونس، ان تسمية مزين اختلفت نوعا ما في هذه الايام، فصار يسميه بعضهم بالكوافير بعد أن اصبح له صالون خاص لزبائنه، بأحدث الديكورات والأجهزة التي تتلاءم ومزاج شباب اليوم، بعد النقله النوعية التي ادخلت على المهنة، حيث يقوم بقص شعورهم بتسريحات مختلفة الألوان والأشكال، منسجمة مع محيط رأس كل منهم، آخذاً بعين الاعتبار وظيفة كل منهم وما يتناسب معها من تصميم جذاب، فهو يعمل كمهندسٍ ومصممٍ في آنٍ واحد، ويتعامل مع كافة أطياف المجتمع، ومجبر على ملاطفتهم والابتسام في وجوههم على اختلاف أطباعهم الفكرية والنفسية.
ويقول تامر ملحم، ان التزين بالعيد واجب ديني لا بد من العمل به، وان الذهاب للمزين يبعث بالنفس الشجون والفرح رغم الانتظار لساعات طويلة للظفر بالدور، واذا لم تتزين بقص شعرك فلا عيد لك، لذا فإن أفراد الأسرة يبدأون مشوار التزين قبل أيام من يوم العيد.
وحملت صفحات شبكات التواصل الاجتماعي اعلانات تجارية لمزينين أو مزينات يبدون فيها استعدادهم لتقديم خدمات التزيين للزبون في منزله دون المجيء للصالون او انتظار الدور، مرفقين تسعيرة لكل خدمة، ما لقي استحسانا من قبل الكثيرين من الزبائن الذين فضلوا هذه الخدمة الأسرع وبالاخص في غمرة الايام التي تسبق الاعياد.
وتشير «ام حمزة» إلى انها تتلقى يوميا عبر رسائل الواتس او المسنجر عروضا من صالونات السيدات، وانها مبسوطة جدا من هذه الرسائل وما تحتويها، لكونها مهتمة ومتابعة جيدا لموضات التجميل الحديثة، وهذا الاعجاب بات موجود عند الكثير من السيدات والفتيات.
ويشد انتباه الزبائن في هذه الايام مثلا، الاعلان الذي يقول، العرض حقيقي، أول ما تفوت احكي للحلاق انا جاي على العرض، «اذا عندك مشوار انت والعائلة تعال لعنا، يوجد موقف للسيارة امام الصالون، بتفوت وبتحلق انت وابنك عالعرض، خبرة الحلاق اكثر من 15 سنة بلبنان وساحل العاج، يوجد تنظيف بشرة بالطريقة اللبنانية، يوجد كرياتين وبروتين مكفول ست أشهر، الكراتين ابتداء من 15 دينارا البروتين ابتداء من 20 دينارا انت وابنك حلاقة شعر 3 دنانير فقط شرط انكم تكونوا سوا».
ويؤكد مزينون أن عملهم شاق ومسلي في الايام التي تسبق حلول الاعياد، وانهم يدفعون ضريبة صحية واجتماعية جراء ذلك، رغم وفرة المال الذي يجنونه بتلك الايام والليالي، وانها في الغالب تكون على حساب اسرهم ووقتهم، «لكن ما باليد حيلة، فالعيد على الابواب والناس تريد التزين والظهور بأجمل صورة وهذا حقهم ومن واجبنا ارضائهم».
وفي ظل ضجة الصالونات والعاملين فيها هذه الأيام، يؤكد مدير اقليم وادي الأردن بمؤسسة التدريب المهني المهندس ضياء الدين المنسي، ان مهنة المزين تلقى اهتماما كبيرا عند الشباب والشابات هذه الايام، وان الاقبال على دورات التجميل وتصفيف الشعر بمعاهدنا كبيرة، لدرجة انها باتت مصدر تشغيل للمتدربين بعد حصولهم على اجازة التزيين.
ويشارك المزينون والمزينات اليوم من خلال صالوناتهم ومنازلهم، في تجهيز وتزيين الملايين من الزبائن قبل يوم العيد، حيث يقولون أن عملهم سوف يستمر الى موعد صلاة العيد، تلبية لحاجة الزبائن.
الراي