مدار الساعة - "أريد أن أجعل رمضان مميزاً في نفوس أبنائي".. بهذه الكلمات شكلت والدة الطفلة آية هيثم، كحال كثير من الأمهات، شعارا، سعيا لابتكار وسائل محببة في نفوس أطفالهن تعينهم على الصلاة والصيام.
أم آية خصصت ركنا هادئا في المنزل كمصلى لابنتها ذات الستة أعوام، وأشركتها في تجهيزه وشراء الزينة اللازمة له وإعداد لوحة تربط الايمان بفرحة قدوم الشهر الفضيل، مشيرة إلى أن الفرحة اكتملت بعد اكتمال مصلّى ابنتها واداء الصلاة فيه. وتقول أم آية، "لم أكتف بإعداد المصلى المنزلي بل ربطت ذلك بحوافز تشجع ابنتي على الصلاة والصيام وحفظ القرآن الكريم، فكلما أدّت عبادات يومها بشكل كامل، كافأتها بهدية جميلة مع الحرص على تذكيرها بالجائزة الكبيرة التي ستحصدها من سعادة وحياة هنيئة في الدنيا والآخرة، فضلا عن سرد قصص الأولين وحياة رسولنا الكريم وصحابته رضوان الله عليهم".
المستشارة الأسرية والنفسية الدكتورة منال الصمادي قالت، إن شهر رمضان من المواسم الروحانية من الممكن استغلاله، بغرس المفاهيم الإيجابية للطفل بخاصة في مرحلة الطفولة المبكرة، كمفهوم الصدق والأمانة والتعاون وغيرها ويتم تعزيزها في شهر رمضان المبارك.
وأشارت إلى أن الاطفال بطبيعتهم يربطون المفاهيم بالأمور المادية الملموسة والتدليل عليها، باعتبارها أدوات لإيصال المعنى، مشيرة إلى قيام بعض الأسر بتحضير الزينة كالنجمة والهلال والفوانيس، فهي أمور محببة للنفس وتسهم في غرس المفاهيم الإيجابية والروحانية لهذا الشهر الفضيل، مؤكدة أهمية تحبيب الطفل بالمفاهيم والعادات الحميدة والعبادات وربطها بالأثر الإيجابي، كترغيب الطفل بالصلاة. ولغرس هذه المفاهيم في وجدان الصغار بينت الدكتورة الصمادي ضرورة إشراك الطفل في تعليق زينة الشهر الفضيل، وتحضير مائدة الإفطار، وإعداد مصلى خاص به، وسرد قصص السيرة النبوية، والقصص القرآني التي تحث على الأخلاق الحميدة وفعل الخيرات ومساعدة الناس.
وأضافت، بالإمكان استغلال الشهر الفضيل بذكر فضائله أمام الأبناء، واستخدام معززات الثواب والعقاب لتقويم السلوك، مبينة أنه يتم التركيز في التربية الحديثة على مبادئ الإقناع ومخاطبة العقل، فالتربية تقوم على الحب، والقناعات الوجدانية والعقلية، لينطلق إلى الحياة بثقة وعزيمة وإصرار.
وأثبتت أحدث الدراسات ان الأطفال الذين يتعرضون في سنواتهم الخمس الأولى لخبرات ومثيرات مخطط لها ضمن برامج تربوية وتعليمية فاعلة يظهرون دافعية ورغبة للتعلم، كما أبدوا تقديراً لذاتهم أكثر من الأطفال الذين لم يتعرضون في طفولتهم لمثل هذه الخبرات والبرامج المنظمة المبكرة.
رئيس قسم العلوم الأساسية والتطبيقية في كلية الزرقاء الجامعية الدكتور إياد عبد الحميد نمر قال، ان شهر رمضان هو شهر التربية الروحية، وغرس السلوكيات الفاضلة، وبخاصة لدى الأطفال.
وأضاف، ان استثمار الشهر المبارك بتدريب الأطفال بالتدريج والترغيب على أداء العبادات والطاعات، يسهم في تعويد الطفل على الصيام والصلاة والتدبر لهذا الدين العظيم، ومعايشته لأجواء العبادات وتعميق روح العقيدة ومبادئ الإسلام السمحة لديه، موضحاً ان تدريب الابناء على الصيام وسائر العبادات والتكاليف الشرعية قبل وجوبها، أمر مهم في الالتزام بالعبادة وتعميق الوازع الديني. ومن الأمور المحببة كما بينها الدكتور نمر اصطحاب الأب لابنه لأداء صلاة التراويح وربطه بصلوات الجماعة بحسب قدرته، وتخصيص مصلى محبب لنفس الطفل يكون بألوان مبهجة وإعداد أنشطة خاصة بهم تغرس فيهم حب رمضان ومتابعة الصلاة والعبادات والأعمال الصالحة في الشهر الفضيل بشكل ممتع، مضيفا أنه يفضل تشجيع الأطفال على الصيام وتربِيَتُهم عليه، وتعليمهم آداب الأكل والشرب والضيافة، وكذلك على سنن الرسول عليه السلام، وتكريم من صام منهم بهدية تعينه وتحفزه على صيام الشهر كله، واستخدام الأساليب التي تناسب مرحلته العمرية، بعيداً عن التعنيف والترهيب.
-- (بترا)