مر وقت كاف لأن تحول الحكومة فيه أفكارها إلى واقع بإنشاء شركة قابضة، تستثمر بها الحكومة والأردنيون وتكون مفتوحة لمساهمات عربية وأجنبية.
الفكرة مرت كطيف منذ تحدث عنها رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بعد أسابيع قليلة على تشكيله الحكومة, وقد كانت الأولى والأخيرة التي ظهرت فيها هذه الشركة فلم يقم بعدها لها ذكر.
حسناً تفعل الحكومة إذا تتراجع عن الفكرة التي هي مهمة القطاع الخاص بينما على الحكومة أن تدرك هنا بأن دورها ينحصر فقط بتذليل المعيقات والتكييف القانوني والتنظيمي لقيام مثل هذه الشركة التي يتعين أن يديرها القطاع الخاص أيضاً وبمساهمات جادة أيضاً ليست على طريقة إعلان النوايا بالهبات والتبرعات كما رأيناها سابقاً في صناديق استثمارية ساهمت فيها بنوك ومؤسسات عبر الإعلام والإعلان فقط.
الحكومة قالت إنها تريد تأسيس شركة قابضة ومفتوح الاستثمار فيها للمواطن والمواطن المغترب والمحافظ الاستثمارية الأردنية والعربية والهدف من هذه الشركة هو توفير الاستثمار في البنية التحتية والمشاريع الكبرى والمتوسطة على مستوى الوطن والمحافظات والبلديات.
الشركة القابضة التي طرحتها هذه الحكومة كان يفترض أن تكون بديلاً لفكرة صندوق استثماري, مع أن الفرق بينهما ليس كبيراً إلا أن قررت الحكومة أن تمرر المساهمات عبر سندات مربوطة بسعر فائدة هو العائد على الاستثمار وليس أسهماً غير قابلة للتداول أو طرحها مستقبلاً في سوق عمان المالي لتعميق السوق وخصوصاً سوق السندات غير النشطة.
الحكومة تريد من الشركة القابضة المفترضة أن تجتذب مدخرات المواطن الأردني مقيماً أو مغتربا والمحافظ الاستثمارية الأردنية والعربية لإنفاقها على مشاريع في البنية التحتية والمشاريع الكبرى والمتوسطة وأن تكون هذه الشركة المحرك الأساسي للاقتصاد.
مهمة الحكومة هي إدارة الاقتصاد وتحقيق العدالة في أجواء تنافسية صحيحة وليس الاستثمار بمشاريع أو شركات أو صناديق هنا وهناك وعليها فقط أن تهيئ البيئة التشريعية والاستثمارية لإنشاء هذا الصندوق وتكتفي بدور المساند له والرقيب.
تجارب خوض الحكومة في هذا المضمار مخيبة، فلا تزال تجربة تأسيس شركة لاستيراد المواد الغذائية لتوفير سلع غذائية مدعومة ماثلة للعيان وخسائرها الكبيرة ابتلعتها وقبل تصفيتها خلفت هذه الشركة ديوناً وصلت إلى 12 مليون دينار.
تأسيس شركة أو صندوق تملكه وتديره الحكومة هو تجربة فاشلة لا تفضي إلا إلى خسائر كبيرة، واقتراض مبالغ كبيرة بكفالة الحكومة فلماذا تريد الحكومة تكرار هذه التجارب, ستفعل الحكومة خيراً لو أنها تراجعت فعلاً عن الفكرة قبل أن تتورط فيها بتحويلها إلى حقيقة..!!
الرأي